فأجاب: هذا شيء لا يصح، كما ذكره غير واحد، حتى أن الحافظ الذهبي قال في " الجزء " الذي ألّفه في رتن الهندي (واسمه: كسر وثن رتن): لعمري ما يصدِّق بصحبة رتن إلا من يؤمن بوجود محمد بن الحسن في السرداب، وينتظر خروجه، أو من يؤمن برجعة علي كرّم الله وجهه إلى الدنيا، أو يصدِّق بسيرة البطّال، أو وجود الحن والبُن أو بكذا، وكذا آدم قبل آدم، وهؤلاء لا يصلح لهم مزاج، ولا ينجح فيهم بالمناظرة علاج، انتهى.
" أجوبة الزرقاني على أسئلة وردت من المغرب "
قال أبو معاوية البيروتي: قوله عن سيدنا علي (كرم الله وجهه) ليس من كلام الذهبي، بل من كلام الزرقاني، والدليل على ما ذكرت أن الحافظ ابن حجر نقل كلام الذهبي في " الإصابة في تمييز الصحابة " ونصه: (ولعمري ما يصدق بصحبة رتن إلا من يؤمن بوجود محمد بن الحسن في السرداب ثم بخروجه إلى الدنيا، فيملأ الأرض عدلاً أو يؤمن برجعة علي وهؤلاء، لا يؤثر فيهم علاج). اهـ.
وقد نبّهتُ على هذا لأن الذهبي لم يستعمل عبارة (كرم الله وجهه) في كتابَيه الموسوعيّين " تاريخ الإسلام " و " سير أعلام النبلاء "، وأستبعد أن يكتبها، وذكرها في " تاريخ الإسلام " مرة واحدة فقط ناقلاً إياها عن غيره وليست من كلامه، ولهذا تأتي الفائدة التالية:
139 – قول الحافظ ابن كثير في عبارة (كرّم الله وجهه)
قال ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية 56 من سورة الأحزاب: وقد غلب هذا في عبارة كثير من النساخ للكتب، أن يفرد علي، رضي الله عنه، بأن يقال: "عليه السلام"، من دون سائر الصحابة، أو: "كرم الله وجهه"، وهذا وإن كان معناه صحيحاً، لكن ينبغي أن يُسَاوى بين الصحابة في ذلك؛ فإن هذا من باب التعظيم والتكريم، فالشيخان وأمير المؤمنين عثمان بن عفان أولى بذلك منه، رضي الله عنهم أجمعين. اهـ.
140 - قائل: (وقد كنّا نعدّهم قليلاً ....... فقد صاروا أقل من القليل)
قال إسماعيل بن القاسم القالي البغدادي (ت 356 هـ) في كتاب " الأمالي " (3/ 106 / ط. دار الكتب المصرية): أنشدني محمد بن يزيد:
وكل لذاذة ستملّ إلا .......... محادثة الرجال ذوي العقول
وقد كنّا نعدّهم قليلاً ......... فقد صاروا أقل من القليل
141 – سلخ السيوطي لكثير من الكتب ونسْبتها إلى نفسه
قال بشار عوّاد معروف في كتابه " الذهبي ومنهجه في كتابه تاريخ الإسلام " (ص 259 / حاشية 3): كنت نقلت فوائد من رسالة للسيوطي اسمها " ريح النسرين فيمن عاش من الصحابة مئة وعشرين " ... فتبيّن أنه سلخ كتاب ابن منده (يقصد " معرفة الصحابة ") فيها، على عادته في سلخ كثير من الكتب ونسبتها إلى نفسه – رحمه الله -.
142 – العقل في القلب وليس في الدماغ أو المخ كما هو شائع
قال تعالى: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا) (الحج، 46)
وقال علي: إن العقل في القلب (رواه البخاري في " الأدب المفرد " وحسنه الألباني في تعليقه عليه).
واستدل النووي في شرحه على مسلم وابن حجر في شرحه على البخاري بحديث " ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب" على أن العقل في القلب.
وذكر محمد راغب الطبّاخ (ت 1389 هـ) في إجازته لسليمان بن عبد الرحمن الصَّنيع المكي – والتي ضمّنها ترجمته لنفسه – أن من مؤلفاته التي لم تُطبَع بعد: " القول الفصل في مقر العقل ".
143 – زنى ولم يعزل لأن العزل مكروه!!
قال إسماعيل بن القاسم القالي البغدادي (ت 356 هـ) في كتاب " الأمالي " (3/ 189 / ط. دار الكتب المصرية):
قال إسحق (ابن إبراهيم الموصلي): أُتِيَ ابن أبي مساحق بابن أختٍ له وقد أَحْبَل جاريةً من جواري جيرانه، فقال له: يا عدوَّ الله، إذا ابتُلِيتَ بالفاحشة فهلا عزلت! قال: جعلتُ فداءك! بلغني أن العزل مكروه، قال: أفما بلغك أن الزنا حرام!
144 - الأوروبيون الكفار شديدو العناية بأنسابهم؟!
¥