* من أراد أن يحيا حياة صفاء لا يشوبه كدر، وسعادة لا يخالطها شقاء؛ فليعش في عالم غير هذا العالم، وليطلب حياة غير هذه الحياة ذات نظام غير هذا النظام وسنة غيره هذه السنن إن استطاع إليها سبيلا.
* العاقل لا ينتصر لرأيه الذاتي، ولا يصر عليه، بل يعتبره خاطراً سنح له، فربما كان صواباً أو خطأً.
* الفتور في المجاهدة يؤدي إلى تقوية القوى الحيوانية وتضعيف القوى الروحانية.
* لا يستقيم حال الأمة ولا تثبت على أساس مكين ما لم يتفق الكبراء بعضهم مع بعض، ويتصافوا مع الذين دونهم، ويفصلوا كل خلاف وخصومة بالتحكيم.
* كم من حكمة مبتدعة سقيمة دكَّت سنة قويمة.
* أحكام الباطل مؤقتة، لا ثبات لها في ذاتها، وإنما بقاؤها في نوم الحق عنها، وحكم الحق هو الثابت لذاته، فلا يغلب أنصاره ما داموا معتصمين به.
* من هم أقل منك معرفة وأدنى درجة ينبغي أن لا تكثر معهم اللجاجة، ولا تخالطهم إلا بقدر الحاجة، فإن المخالطة تؤثر، والطبع سرَّاق، والنظر يطبع في الناظر ما ينعكس عليه منها، فالناظر إلى المحزون يحزن، وإلى المسرور يسر، وهكذا.
* التبذير في أشرف الأغراض قصد واعتدال.
* التقليد جذام فشا بين الناس، وأخذ يفتك فيهم فتكاً ذريعاً، بل هو مرض مريع، وشلل عام، وجنون ذهولي، يوقع الإنسان في الخمول والكسل.
* قلوب الأكثرية ملتاثة بمرض التأسي، فهم يعتقدون الأمر، ثم يطلبون عليه الدليل، ولا يريدونه إلا موافقاً لما يعتقدون، فإن جاءهم بما يخالف ما اعتقدوه نبذوه، ولجوا في مقاومته، وإن أدى بذلك إلى جحد العقل برمته، فأكثرهم يعتقد فيستدل، وقلما تجد بينهم من يستدل ليعقل.
* الوقت الذي تمضيه في أداء الواجبات الاجتماعية ليس بوقت ضائع، لأن حب الغير ومعاونته والعمل على نشر العلم وتقليل وطأة الفاقة، كلها دلائل المدنية الحق التي تزيد في السعادة.
* من يضيّع وقته إنما يفقد أكثر مما يضيّع من دراهمه.
* ساعات المطالعة أسعد أوقات الحياة، وما يطلب من السرور في غيرها هو ظل ما يستخلص من لذيذ مسراتها.
* من طرق تنوير الفكر وتهذيب النفس أن يعتني الإنسان بفحص كل الأمور صغيرها وكبيرها، وألا تثني عزمة أية صعوبة، وأن لا يقبل فكرة من أية سلطة كانت إلا بعد فحص دقيق وانتقاد إنكاري حق بحيث لا تفوت فكرة سفسطة أو عدم ارتباط أو خلط في الأفكار.
* من ضاق علمه أنكر ما لا علم له به. وقد عاب الله تعالى هذا فقال: {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ} [يونس: 39].
* كل من ارتشى ذهبت منه الحمية، ويرد دمه في عروقه، فيبيت مولعاً بالمال، ويحصل فيه الفتور فيما يتعلق بالمهام والأعمال فينتج الشقاء.
* كل ما أبطله برهان ضروري فليس حق.
* الإسلام دين الفطرة والاستقلال والعلم، ويمشي مع الترقي حيث مشى.
* تعلُّم اللغة الأجنبية يوصل إلى معرفة ما هو جار من الأعمال العظيمة في العالم، ويساعد مجاوري ذويها على الحياة القومية.
* لا يتمكن شعب من الشعوب من السعي في خير وطنه إلا بتكاتف أعضائه ونبذ التحاسد.
* ما أقبح الجمود الذي ينتهي بصاحبه إلى جهل يظنه علماً، ويفرقه عن علم خاله جهلاً.
* أحزم الحزمة لا يستغني عن عظة الإخوان، كما أن أعتق الجياد لا يستغنى عن ركض الفرسان.
* من جالس صاحب صنعة حذقها، ومن طال استماعه الحكم نطقها، ونعم المعلم الحوار، ونعم الرسول الاستماع والأبصار.
* التحامل سلاح العاجز عن البرهان، المقر على نفسه بالقصور عن مصادمة الحق بالحق.
* إن الفضيلة أن يتعرف المرء عيوبه من إخوانه فيزيلها، ويستبدل بها خيراً منها، والكمال غاية ليس من العار على من لم يبلغها أن يسترشد بها، وإنما العار على من لا يريدها ويرضى بالوقوف دون مرتبتها.
* العاقل يأبى أن يطري قومه ماداموا بحاجة إلى الكمال، لئلا يؤدي بهم الإطراء إلى الاغترار بالنفس.
* الذكاء كالشرارة الكامنة في الزناد، لا تظهر إلا بالقدح، فإذا لم تحتك الأفكار بالعلوم مات ذلك النشاط والذكاء في مكامنه وزوى في زوايا الصدور.
* لكلمة حق في الانتقاد على أخلاقنا خير عند العقلاء من ألف كلمة في إطرائنا، إذ تلك تعرفنا عيوبنا فنتجنبها، وهذه تنسيناها فندأب عليها.
* عدم تقدم الكثيرين هو من عدم محاولتهم التقدم.
* الكسل والخمول وحشو الذهن بالخرافات هو طريق الشر.
* المكسال شيخ في شبابه، لأن دقيقة البطالة أطول من ساعة العمل.
* العقل حجة الله القاطعة البالغة.
* إن كتاباً يطبع خير من ألف داعية وخطيب، لأن الكتاب يقرؤه الموافق والمخالف.
* * *
((((جمال الدين القاسمي، أحد علماء الإصلاح الحديث في الشام، للدكتور نزار أباظة، ص (339 ـ 343)، دار القلم دمشق، 1997م)))).
ـ[أبو الطيب أحمد بن طراد]ــــــــ[20 - 11 - 10, 07:04 ص]ـ
قال الشيخ حامد التقي: ومما سمعته من حكم سيدي الأستاذ:
" من لم يشتغل بالخير يشتغل بالشر، ولا واسطة بينهما".
وقال أيضا: ومما كتبه سيدي الأستاذ لأحد الأدباء:" أيُّها المحب، عهدي بهمتك العلوّ، وبوعدك الوفاء، وبعزمك النشاط، وبعمل من تحبه الإيثار؛ فازدد كمالاً على كمالك، وخذ الترتيب في أعمالك".
ومما سمعته من سيدي الأستاذ ما معناه:
" الحكمة في كون الحق سبحانه جعل نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقيراً ليظهر صدق متبعه، ليكون اتباعه له خالصاً من شائبة شيء سوى اتباع الحق".
(وليد القرون الأولى، إمام الشام في عصره جمال الدين القاسمي سيرته الذاتية بقلمه، لمحمد بن ناصر العجمي، ص 269ـ 270، ط. دار البشائر 1430هـ).
وأنا آسف ـ أيها الجليل ـ لمشاركتي في موضوعكم الجليل، لكن طمعي برضاكم، وعلمي لحبكم للعلم والحرص عليه دعاني لنشر ما رأيت، وبسط ما طوته الأيام عن علاَّمة الشام جمال الدين القاسمي
¥