والثالث: على نقله قول الشيخ سفر: (وبعد هذا إن أمكنه أن يفهم الفرق بين النوع والآحاد، وبين حكم الواحد وحكم المجموع).
ثم قوله إنه تناول ذلك بسطحية.
==
أما الأول: فلعل الفاضل أبا عبد المعز لم يغب عنه أن الدلائل العقلية غير منحصرة في المنطق والفلسفة والكلام، ولا شك أن المعقولات عند الفلاسفة والمتكلمين والمناطقة أكثرها من السفاهات والقرمطة والخيبة التي أورثت الأمة كثيرًا من الخلافات والتفاهات في أمور محسومة من جهة الشرع وفي دين الأنبياء.
لكنّ هذه الطرق العقلية ليست كل العقليّات، بل هي مخصوصة منها فقط.
والفاضل أبو عبد المعز يعلم - إن شاء الله - أن في القرآن حكاية أدلة عقلية، كما أن فيها أدلة خبرية، مثل بعض أدلة القرآن على نفي الولد والشريك، أو غير ذلك.
والمقصود أن الأدلة العقلية السليمة في نفسها، أو الأدلة السليمة للعقول، لا تتناقض ولا تُناقِض ما جاء به الرسل.
وهذا السطر الأخير هو ما فهمته أنا من كلام الشيخ سفر، ولا عيب عليه فيه، بل هو الحق الذي يجب أن يقال به.
وليس مقصود الشيخ سفر - إن شاء الله - من جهل بعض أهل السنة بالعقليات، إلا تفريط بعض أهل الحديث في فهم معنى النصوص.
وإننا إذا أردنا الآن، أو أراد الفاضل أبو عبدالمعز أن يبرهن على جواز دوام فعل الله في الأزل، ونفي العجر الذي أوجبه المتكلمون (!)، أو ما يحلو للبعض أن يسميه تسلسلاً للحوادث في الماضي؛ فإنه إن شاء الله سيذكر برهانه من القرآن والسنة، جامعًا إلى ذلك فهم أئمة السنة والحديث من أهل السنة والجماعة.
أما النفور من الأدلة العقلية السليمة فهو خطأ وتفريط وأحد طرفي نقيض كما قال شيخ الإسلام:
(وإنما جماع الشر: تفريطٌ في حق أو تعدّ إلى باطلٍ، وهو تقصيرٌ في السنّةِ، أو دخولٌ في البدعةِ، كترك بعض المأمور وفعل بعض المحظور.
أو: تكذيبٌ بحقٍّ وتصديقٌ بباطلٍ.
ولهذا عامةُ ما يؤتى الناس من هذين الوجهين؛ فالمنتسبون إلى أهل الحديث والسنة والجماعة يحصل من بعضهم كما ذكرتُ تفريطٌ في معرفة النصوص، أو فهمِ معناها، أو القيام بما تستحقه من الحجةِ ودفع معارضها؛ فهذا عجز وتفريط في الحق.
وقد يحصل منهم دخولٌ في باطلٍ، إما في بدعةٍ ابتدعها أهل البدع وافقوهم عليها واحتاجوا إلى إثبات لوزامها، وإما في بدعة ابتدعوها هم لظنهم أنها من تمام السنة، كما أصاب الناس في مسألة كلام الله وغير ذلك من صفاته.
ومن ذلك: أن أحدَهم يحتجُّ بكلِّ ما يجدُه من الأدلةِ السمعيةِ وإنْ كان ضعيفَ المتنِ والدَّلالةِ، ويدَعُ ما هو أقوى وأَبينَ؛ من الأدلّة العقليةِ، إمّا لعَدَمِ عِلمه بها، وإمّا لنفورِه عنها، وإمّا لغير ذلك) اهـ، الصفدية (ص292 - أضواء السلف).
وما يستنكر الشيخ سفر الحوالي حفظه الله وعافاه هو عين ما يستنكره شيخ الإسلام ابن تيمية، لم أفهم من ذاك غير هذا، والله أعلم.
أما حصر دلائل العقل في الفلسفة والمنطق والكلام، فغير متجه ولا مفهوم وليس هو بصواب.
وقد تذكرت الآن بعض إخواننا ممن ظلم نفسه وظلمنا بمنهجه العجيب الغريب في الاستدلال حين أردتُ أن ألزمه بترك تقليد أئمة الجرح والتعديل في حكمهم على الرواة لأنه يحرّم كل تقليد هكذا ضربة لازب.
فقال لي: دعك من طريقة الفلاسفة هذه!
أو نحو ذلك ..
فالله المستعان.
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[10 - 12 - 07, 12:22 م]ـ
... يبرهن على جواز دوام فعل الله في الأزل، ونفي العجر الذي أوجبه المتكلمون (!)
الحمد لله وحده ..
صوابها العجز!
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[10 - 12 - 07, 05:48 م]ـ
الإخوة الكرام جميعًا: بارك الله فيكم، ونفع بإضافاتكم.
====
أخي الكريم: أباعبدالمعز: لعلك تتأمل توضيح أخي أبي حازم - وفقه الله -، فقد أجاد.
وأيضًا: تأمل قول الشيخ سفر: (ويبدو لي أن الشيخ الألباني لم يقرأ كلام شيخ الإسلام، فهو يحيل عموماً إلى كتبه عموماً، وأجزم أنه لو قرأه مع ما أوتي من التجرد ودقة الفهم لأقره وأيده). وهذا من إنصافه.
- وأما رميه بالسطحية! فهو تعجل منك؛ لأن مقدمات الكتب ليست مجالا للتعمق. ورأيي أنه - رعاه الله - أوجز المسألة، بأسلوب سلس منظم. وترك التعمق لكاتبة البحث.
وأبدع ما في تقديمه: إلزام المخالف من أهل السنة بصفة الكلام - كما سبق -.
وفقكم الله ..
ـ[أبو الفتح محمد]ــــــــ[28 - 06 - 08, 03:10 م]ـ
ما معنى إلزام المخالف بصفة الكلام
ـ[سعودالعامري]ــــــــ[24 - 07 - 08, 10:23 ص]ـ
ما معنى إلزام المخالف بصفة الكلام
المعنى كما اثبْتَ ان الله جل جلاله متكلمٌ , وان كلامه قديم النوع حادث الاحاد.
فليُثبت ان الله جل جلاله خالقٌ , وان خلقه قديم النوع حادث الاحاد.
ولك ان تضبط كلمة خلقه في الجملة السابقة ((بضم القاف فيكون المعنى فعله اي صفة الخلق لله تعالى)) او ((بفتحها فيكون المعنى مفعوله اي المخلوقات))
تنبيه: القول بان تسلسل المخلوقات ممكن في الماضي لا ينبغي ان يختلف فيه اثنان من اهل السنة (لانه من لوازام اثبات صفة الخلق لله تعالى)
¥