قال أبو محمد: قال أبو سليمان والحسين عن أبي علي الكرابيسي والحارث بن أسد المحاسبي وغيرهم أن خبر الواحد العدل عن مثله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوجب العلم والعمل معا وبهذا نقول وقد ذكر هذا القول أحمد بن إسحاق المعروف بابن خويز منداد عن مالك بن أنس ..
وقال ابن عبد البر في التمهيد (1
8) ناقلاً الخلاف في هذه المسألة: وقال قوم كثير من أهل الأثر وبعض أهل النظر أنه يوجب العلم الظاهر والعمل جميعاً منهم الحسين الكرابيسي وغيره وذكر ابن خوازبنداد أن هذا القول يخرج على مذهب مالك.
قال أبو عمر الذي نقول به أنه يوجب العمل دون العلم كشهادة الشاهدين والأربعة سواء , وعلى ذلك أكثر أهل الفقه والأثر , وكلهم يدين بخبر الواحد العدل في الاعتقادات ويعادى ويوالى علها ويجعلها شرعاً وديناً في معتقده على ذلك جماعة أهل السنة , ولهم في الأحكام ما ذكرنا وبالله توفيقنا.
ثم تناقضت فذكرت في كتابها كثيرا من أمور العقيدة والتي لم تثبت إلا بالحديث الآحاد
كالشفاعة والحوض وغيرهما
3 -
أ - أطلقت ص 35 علم التوحيد على علم الكلام
قلت: وهذه غفلة فعلم الكلام علم دخيل على هذه الأمة وهو الذي لعب الدور الأكبر في إفساد عقائد المسلمين
قال شيخ الإسلام -رحمه الله- (9/ 269): وأما هو في نفسه- علم المنطق - فبعضه حق وبعضه باطل , والحق الذي فيه كثير أو أكثره لا يحتاج إليه.
والقدر الذي يحتاج إليه منه فأكثر الفطر السليمة تستقل به , والبليد لا ينتفع به والذكي لا يحتاج إليه , ومضرته على من لم يكن خبيرا بعلوم الأنبياء أكثر من نفعه؛ فإن فيه من القواعد السلبية الفاسدة ما راجت على كثير من الفضلاء , وكان سبب نفاقهم وفساد علومهم.
ولذلك تناقضت لما ذكرت ص38 أن نشأت علم الكلام كان سببا في العدول عن منهج القرآن الكريم كما كانت سببا في تحويل الإيمان من بساطته وإيجابيته وسموه إلى قضايا فلسفية وأقيسة عقلية منطقية ومنا قشات كلامية فلم يعد الإيمان هو الإيمان الذي تزكو به النفس أو يصلح به العمل أو ينهض به الفرد أو تحيا به الأمة.
ب- إطلاقها على علماء السلف والذين ذموا علم الكلام وحذروا منه أنهم متشددون في ذلك قالت ص 39: والواضح من خلال رأي المحدثين والفقهاء في حكم تعلم علم الكلام أن المتشددين منهم قد حذروا من اتخاذه صنعة وديدنا ومنهجا ... أما المعتدلون الذين عدوه من الفروض الكفائية فإنهم ما عدوه منهجا في عرض الإسلام وإنما مجرد سلاح للتصدي لأسباب الزيغ والضلال.
قلت: مع أنها نقلت ذم هذا العلم عن كبار علماء السلف كأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد فهل يصح إطلاق التشدد على هؤلاء ثم من هم العلماء المعتدلون في نظرها هل هم علماء المعتزلة والتي قالت عنهم ص 39: وأما المدرسة الثانية فهي مدرسة المتكلمين التي أكبر فرقها المعتزلة وهم أسسوا قواعد علم الكلام ووضعوه ورأوا أنه لا بد من الأخذ بمنهج خاص في مجال الدفاع عن العقيدة فهؤلاء لما كانوا يدافعون عن الإسلام ويشرحون أفكاره وأحكامه كان تأثرهم الأساسي بالقرآن وهو أساسهم الذي يبنون عليه بحثهم إلا أنهم – وقد تعلموا الفلسفة للدفاع عن القرآن وتسلحوا بها ضد خصومهم - ..
ت- حاولت أن تظهر أن الخلاف بين المتكلمين وبين علماء السلف قاطبة إنما هو خلاف بين الحنابلة وبين علماء الكلام كما في ص 40
4 - إظهارها لمنهج الأشاعرة والماتريدية بمظهر التجديد للإسلام ومذهب السلف ولمزها لعلماء الحديث والحنابلة بالتصلب والتحمس
ذكرت ص 40: وقد عجز عن مقاومة هذا التيار العنيف ورده المحدثون المتصلبون والحنابلة المتحمسون وعجز عنه كذلك الزهاد العابدون والفقهاء البارعون إذ لم يكن شيء مما يمتازون به يقوم في وجه هذا التيار العقلي ويرده على أعقابه وكان لابد من شخصية قوية تفوق المعتزلة في مواهبها العقلية وفي مستواها العلمي تعيد لمذهب السلف وجماعة المسلمين جدته بعد أن ضاعت معالمه على الناس بظهور الفرق الكلامية المختلفة بخصوماتها وجدالها وانحرافاتها ووجدت هذه الشخصية المطلوبة في آواخر القرن الثالث الهجري في شخص أبي الحسن الأشعري الذي ظهر بالبصرة وكذلك في شخص أبي منصور الماتريدي الذي ظهر بسمرقند فتجردا للذود عن عقيدة أهل السنة والجماعة .. وهكذا خدم هذان العالمان العظيمان هذا الدين في عصرهما خدمة باهرة
¥