ثم تناقضت فذكرت ص 162: أما السلف فسلكوا مذهب التفويض والمراد به صرف اللفظ عن ظاهره المحال على الله تعالى مع عدم التعرض لبيان المعنى المراد بل يفوض علمه إلى الله تعالى ثم تناقضت مرة أخرى فقالت: نؤمن بالمتشابه من الصفات كما وردت في الآيات والأحاديث ونترك بيان المقصود منها لله تبارك وتعالى فهم يثبتون الوجه واليدين والأعين والاستواء على العرش والنزول إلى السماء الدنيا .. إلخ وكل ذلك بمعان تليق بجلال الله وعظمته ويكلون إلى الله تعالى الإحاطة بحقيقة معانيها مع قطعهم بانتفاء المشابهة بين الله وبين مخلوقاته
قلت: مذهب السلف تفويض الكيفية وليس المعنى فالمعنى هو المراد المفهوم في كلام العرب كما قررته المؤلفة ص 127: أن أسماء الله الحسنى وصفاته سبحانه يجب أن يفهم معناها فهما يطابق ظاهر اللغة عند العرب من غير تكليف أو مواربة.
وأما قولها أن مذهب السلف تفويض المعنى فهو غلط على السلف ومناقض لما ذكرته في بعض المواضع
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتوى الحموية (309):
فقول ربيعة ومالك: الاستواء غير مجهول. . . موافق لقول الباقين أمروها كما جاءت بلا كيف فإنما نفوا علم الكيفية ولم ينفوا حقيقة الصفة , ولو كان القوم آمنوا باللفظ المجرد من غير فهم لمعناه على ما يليق بالله لما قالوا: الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول ولما قالوا: أمروها كما جاءت بلا كيف فإن الاستواء حينئذ لا يكون معلوماً بل مجهولاً بمنزلة حروف المعجم.
وأيضاً فإنه لا يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا لم يفهم عن اللفظ معنى , وإنما يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا أثبت الصفات.
وأيضاً فإن من ينفي الصفات الجزئية - أو الصفات مطلقاً - لا يحتاج إلى أن يقول بلا كيف فمن قال: إن الله ليس على العرش لا يحتاج أن يقول بلا كيف فلو كان مذهب السلف نفي الصفات في نفس الأمر فلما قالوا: وبلا كيف.
وأيضا فقولهم: أمروها كما جاءت يقتضي إبقاء دلالتها على ما هي عليه؛ فإنها جاءت ألفاظا دالة على معاني فلو كانت دلالتها منتفية لكان الواجب أن يقال: أمروا لفظها مع اعتقاد أن المفهوم منها غير مراد أو أمروا لفظها مع اعتقاد أن الله لا يوصف بما دلت عليه حقيقة , وحينئذ تكون قد أمرت كما جاءت , ولا يقال حينئذ بلا كيف إذا نفي الكيف عما ليس بثابت لغو من القول.
2 - تقسيمها للصفات درجت فيه على تقسيم الأشاعرة لصفات الله تعالى الصفة النفسية والصفات السلبية وصفات المعاني والصفات المعنوية وصفات الأفعال
قلت: وهو تقسيم بدعي يلزم منه إنكار صفات الله الأخرى كالصفات الخبرية فقد فرقوا بين ما ثبت بالسمع, وبين ما ثبت بالعقل , وبين الصفات اللازمة لذات الله , والصفات المتعلقة بالإرادة والمشيئة , وحملهم هذا التقسيم المبتدع على إثبات البعض , ونفي البعض الآخر اقتضى ذلك من أهل السنة أن يقسموا تقسما آخر كما هو معلوم.
3 - عدها صفات الله الخبرية من المتشابه كما في ص 160
وذكرت ص 164: أما ترك المتشابهات على ظاهرها من غير تأويل لها سواء كان إجماليا أو تفصيليا فهو غير جائز ولم يجنح إليه سلف ولا خلف كما تبين ولو فعلنا ذلك لحملنا عقلنا معاني متناقضة في شأن كثير من هذه الصفات فقد أسند الله إلى نفسه العين بالإفراد في قوله تعالى {ولتصنع على عيني} وأسند مرة أخرى إلى نفسه الأعين بالجمع فقال: {واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا} ونقرأ قوله تعالى: {الرحمن على العرش استوى} وقوله سبحانه: {ونحن أقرب إليه من حبل الوريد} فإذا فسرنا الآيتين على ظاهرهما دون أي تأويل إجمالي لألزمنا القرآن الكريم بالتناقض الواضح إذ كيف يكون مستويا على عرشه وبدون أي تأويل ويكون في الوقت نفسه أقرب إلينا من حبل الوريد بدون أي تأويل.
قلت: والصواب أن آيات الصفان ليست من المتشابه قال ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين (1
49): اتفاق الصحابة في مسائل الصفات
¥