تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[/ COLOR]

بارك الله فيك وجزاك خيراً لكن أخي ليست كل هذه الأقوال مقبولة في تفسير الآية كما ذكرتم -وفقكم الله-، فتفسير القرطبي بأن جعل هاهنا سمى ووصف إنما هو بسبب الأصل الكلابي المعروف بمنع قيام أفعال الكمال اللائقة به تعالى بمشيئته أو ما يسمونه "حلول الحوادث" وقد سبقه لهذا القول الباقلاني في الإنصاف والبيهقي في الاعتقاد وغيرهم تبعاً لهذا الأصل الباطل (1)، وتفسير السلف على خلاف هذا، قال شيخ الإسلام رحمه الله كما في المجموع 8/ 28 - 29:

((والذين قالوا: إنه " مخلوق " ليس معهم حجة إلا ما يدل على أنه تكلم بمشيئته وقدرته وهذا حق لكن ضموا إلى ذلك أن ما كان بمشيئته لا يقوم بذاته. فغلطوا ولبسوا الحق بالباطل فضموا ما نطق به القرآن الموافق للشرع والعقل إلى ما أحدثوه من البدع والشبهات. وكذلك الذين قالوا: إنه " قديم " ليس معهم إلا ما يدل على أنه قائم بذاته لكن ضموا إلى ذلك أن ما يقوم بذاته لا يكون بمشيئته وقدرته فأخطئوا في ذلك ولبسوا الحق بالباطل وأولئك فسروا قوله: {جعلناه قرآنا عربيا} بأنه جعله بائنا عنه مخلوقا وقالوا: جعل بمعنى خلق وهؤلاء قالوا: جعلناه سميناه كما في قوله: {وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا} وهذا إنما يقال: فيمن اعتقد في الشيء صفة حقا أو باطلا إذا كانت الصفة خفية فيقال: أخبر عنه بكذا وكون القرآن عربيا أمر ظاهر لا يحتاج إلى الإخبار ثم كل من أخبر بأنه عربي فقد جعله عربيا بهذا الاعتبار والرب تعالى اختص بجعله عربيا فإنه هو الذي تكلم به وأنزله فجعله قرآنا عربيا بفعل قام بنفسه وهو تكلم به واختاره لأن يتكلم به عربيا - عن غير ذلك من الألسنة - باللسان العربي وأنزله به. ولهذا قال أحمد: الجعل من الله قد يكون خلقا وقد يكون غير خلق فالجعل فعل والفعل قد يكون متعديا إلى مفعول مباين له: كالخلق وقد يكون الفعل لازما وإن كان له مفعول في اللغة كان مفعوله قائما بالفعل: مثل التكلم؛ فإن التكلم فعل يقوم بالمتكلم والكلام نفسه قائم بالمتكلم؛ فهو سبحانه جعله قرآنا عربيا فالجعل قائم به والقرآن العربي قائم به فإن " الكلام " يتضمن شيئين: .. )) إلخ كلامه القيم

وتفسير الإمام الكناني صحيح إن شاء الله وقد وافقه شيخ الإسلام فقال كما في المجموع 12/ 523: ((وكذلك قوله: {جعلناه قرآنا عربيا} لم يقل جعلناه فقط حتى يظن أنه بمعنى خلقناه؛ ولكن قال: {جعلناه قرآنا عربيا} أي صيرناه عربيا لأنه قد كان قادرا على أن ينزله عجميا فلما أنزله عربيا كان قد جعله عربيا دون عجمي .. )) إلخ مع صحة غيره من تفاسير السلف التي تدل على مخالفتهم للكلابية في أصلهم الباطل وقد قال رحمه الله في موضع آخر:

(( ... قوله {إنا جعلناه قرآنا عربيا} أي تكلمنا به عربيا وأنزلناه عربيا. وكذلك فسره السلف كإسحاق بن راهويه وذكره عن مجاهد قال: {جعلناه قرآنا عربيا} قلناه عربيا ذكره ابن أبي حاتم في تفسيره عن إسحاق بن راهويه قال: ذكر لنا عن مجاهد وغيره من التابعين {إنا جعلناه قرآنا عربيا} إنا قلناه ووصفناه. وذكره عن أحمد بن حنبل عن الأشجعي عن سفيان الثوري في قوله {جعلناه قرآنا عربيا} بيناه قرآنا عربيا.))

أما أنه يجب أن يكون الكلام مسبوقاً بشيء آخر فعلى فرض تسليمه فليس في هذا محظور والكلام بشقيه مسبوق بأمور أخرى ليست من جنسه كالعلم والإرادة وإن كان لها به علاقة مبينه في كتب أهل العلم، كتسعينة شيخ الإسلام-الجزء الثاني فيما أذكر- وغير ذلك، والله تعالى أعلم

(1) مع أنهم يقولون بأن القرآن العربي مخلوق!! وهذا من تناقضهم وهذا القول أولى بالسالمية ومن وافقهم ممن يقول بقدم القرآن العربي وعدم قيام الأفعال الاختيارية به سبحانه، ولذا ذهب الرازي وغيره لخلاف قول الباقلاني ومن تبعه في تفسير الآية.

ـ[الخزرجي]ــــــــ[02 - 01 - 08, 01:40 م]ـ

بارك الله فيك.

ـ[نضال مشهود]ــــــــ[05 - 01 - 08, 03:29 م]ـ

الأخ فيصل. . . بارك الله فيك على هذه الملاحظة القيمة.

ـ[فيصل]ــــــــ[06 - 01 - 08, 11:54 ص]ـ

وفيكم بارك يا أحبة

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير