تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[ ... وجاء في الحديث: " كل امرئ في ظل صدقته يوم القيامة ".

وحدثني من أثق به أن رجلا كان يمنع زوجته أن تتصدق على أي مسكين يطرق الباب!، فطرق الباب مسكين ذات يوم، وقال: إنه عارٍ ليس عليه ثياب، تقيه من البرد، فرقت الزوجة لحاله، - كما رق أبو هريرة -، وأعطته كساء وثلاث تمرات، وكان زوجها نائما في المسجد، فرأى أن القيامة قد قامت، وأن الناس في موج عظيم، وحر شديد، وشمس محرقة، وإذا بكساء يعلو رأسه، وفيه ثلاثة خروق، فرأى ثلاث تمرات جاءت وسدت هذه الخروق، فتعجب وانتبه من نومه مذعورا!، وقص على زوجته هذه الرؤيا، ففهمت الزوجة أن هذه الرؤيا سبب الكساء الذي تصدقت به والتمرات، فقالت له: حدث كذا وكذا، فقال لها: لا تردي مسكينا بعد اليوم، فهذا الرجل نبهه الله عز وجل، وهذا مصداق لحديث: " كل امرئ في ظل صدقته يوم القيامة "].

الفائدة 8:

الفرق بين قول الأشاعرة والمعتزلة في صفة الكلام:

قال – رحمه الله تعالى -:

[ ... وقالت الأشعرية الذين تذبذبوا بين أهل السنة والمعتزلة قالوا: إن كلام الله تعالى هو المعنى القائم في نفسه، وما يُسمع فإنه مخلوق خلقه الله تعالى ليعبر عما في نفسه.

فما الفرق إذن بين المعتزلة والأشعرية؟

الفرق: أن المعتزلة يقولون: لا ننسب الكلام إليه وصفا، بل فعلا وخلقا.

والأشاعرة يقولون: ننسب الكلام إليه وصفا لا باعتبار أنه شيء مسموع، وأنه بحروف، بل باعتبار أنه شيء قائم بنفسه، وما يسمع أو يكتب فهو مخلوق؛ فعلى هذا يتفق الأشاعرة والمعتزلة في أن ما يُسمع أو يكتب مخلوق، فالأشاعرة يقولون: القرآن مخلوق، والمعتزلة يقولون: القرآن مخلوق، لكن المعتزلة يقولون: إنه كلامه حقيقة، كما أن السموات خلقه حقيقة، وقالت الأشاعرة: ليس هو كلام الله تعالى حقيقة، بل هو عبارة عن كلام الله!!، فصار الأشاعرة من هذا الوجه أبعد عن الحق من المعتزلة، وكلتا الطائفتين ظالم، لأن الكلام ليس شيئا يقوم بنفسه، والكلام صفة المتكلم، فإذا كان الكلام صفة المتكلم، كان كلام الله صفة، وصفات الله تعالى غير مخلوقة، إذ إن الصفات تابعة للذات، فكما أن ذات الرب عز وجل غير مخلوقة، فكذلك صفاته غير مخلوقة، وهذا دليل عقلي واضح ... ].

الفائدة 9:

الكلام عن المعية.

قال – رحمه الله تعالى -:

[ .... بل الذي لا يليق بالله تعالى أن نفهم من المعية الاختلاط، والحلول في المكان، كما قالت الجهمية، ولهذا لما ظهر هذا القول المبتدع الضال، صار السلف يقولون: هو معنا بعلمه، ففسروا المعية بلازمها، وهو العلم، على أن لازم المعية ليس العلم فقط، كما صرح بذلك ابن كثير في " التفسير "، وصرح به ابن رجب في " جامع العلوم والحكم "، بل هو معنا بعلمه وسمعه وبصره وسلطانه وقدرته وربوبيته، وغير ذلك من معاني الربوبية، لكن فسرها من فسرها من السلف بالعلم ردا على الجهمية الذين قالوا: وهو معنا بذاته في مكاننا، ولهذا في عبارة السلف – أظنه عبد الله بن المبارك – قال: " ولا نقول كما تقول الجهمية: إنه معنا ها هنا وأشار إلى الأرض "، فيجب أن نعرف أن السلف قد يفسرون الشيء بالمعنى، أي بلازمه حذرا من معنى باطل اتخذه الناس في ذلك الوقت .. ].

الفائدة 10:

كلام جميل ومتين في نزول الرب – سبحانه وتعالى -.

قال – رحمه الله تعالى -:

[(ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا) ... (ينزل) الفعل مضاف إلى الله تعالى، فيكون ينزل هو بنفسه، ولا حاجة إلى نقول: بذاته، - كما ذكرت قبل قليل -، لأن كل فعل أضافه الله إلى نفسه، فهو منسوب إليه نفسه.

(السماء الدنيا) (الدنيا): يعني القربى من الناس، وهي أسفل السموات، ينزل جل وعلا نزولا يليق به سبحانه وتعالى، ولا يمكن أن نتصور كيفيته، ولو حاول الإنسان أن يتصور كيفيته لأنكره، ولهذا فإن الذين حاولوا أن يتصوروا الكيفية أنكروها، وقالوا: كيف نؤمن بأنه عال ثم ينزل إلى السماء الدنيا، هذا مستحيل!!، فنقول:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير