وليس هذا من باب العادات لأنه يتكرر، ولهذا لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - فوجد للأنصار عيدين يحتفلون بهما، قال: "إن الله تعالى أبدلكما بخير منهما: عيد الأضحى وعيد الفطر"، مع أن هذا من الأمور العادية عندهم].
يتبع ....
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[13 - 05 - 08, 08:15 م]ـ
الفائدة الرابعة والخمسون: طبيعة الإنسان وجبلته أنه ظلوم كجهول كفار، إلا أن يمن الله عليه بالإيمان والعمل الصالح فيزكو.
في باب: ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين.
قال – رحمه الله تعالى – في المسألة السابعة للإمام محمد بن عبد الوهاب:
[السابعة: جبلة الآدمي في كون الحق ينقص في قلبه، والباطل يزيد؛ هذه العبارة تقيد من حيث كونه آدمياً بقطع النظر على من يمن الله عليه من تزكية النفس، فإن الله يقول: {قد أفلح من زكاها * وقد خاب من دساها} [الشمس: 9،10].
قوله: "جبلة" على وزن فعلة، وهو ما يجبل المرء عليه، أي: يخلق عليه ويطبع ويبدع، بمعنى الطبيعة التي عليها الإنسان من حيث هو إنسان بقطع النظر عن كونه زكى نفسه أو دساها.
فالإنسان من حيث هو إنسان وصفه الله بوصفين: فقال تعالى: {إن الإنسان لظلوم كفار} [إبراهيم: 34]، وقال تعالى: {وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً} [الأحزاب: 72]. وهذا من حيث هو إنسان.
أما من حيث ما يمن الله به عليه من الإيمان والعمل الصالح، فإنه يرتقي عن هذا، قال تعالى: {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم * ثم رددناه أسفل سافلين * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون} [التين: 4 - 6]، فالإنسان الذي يمن الله عليه بالهدى، فإن الباطل الذي في قلبه يتناقص وربما يزول بالكلية، كعمر بن الخطاب، وخالد بن الوليد، وعكرمة بن أبي جهل، وغيرهم.
وكذلك أهل العلم الأئمة، كأبي الحسن الأشعري، كان معتزلياً، ثم كلابياً، ثم سنياً، وابن القيم كان صوفياً، ثم من الله عليه بصحبة شيخ الإسلام ابن تيمية، فهداه الله على يده حتى كان ربانياً] اهـ.
الفائدة الخامسة والخمسون: المؤمنون يتواصون بالحق، وأهل الضلال يتواصون بالباطل.
في باب: ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين.
قال – رحمه الله تعالى -:
[قوله: {لا تذرن}، أي: لا تدعن وتتركن، وهذا نهي مؤكد بالنون.
قوله: {آلهتكم}، هل المراد: لا تذروا عبادتها أو تمكنوا أحداً من إهانتها؟
الجواب: المعنيان، أي: انتصروا لآلهتكم، ولا تمكنوا أحداً من إهانتها، ولا تدعوها للناس، ولا تدعوا عبادتها أيضاً، بل احرصوا عليها، وهذا من التواصي بالباطل عكس الذين آمنوا وعملوا الصالحات يتواصون بالحق .......... "إلى أن قال:" ويشبههم أهل الباطل والضلال الذين يتواصون بما هم عليه، سواء كانوا رؤساء سياسيين أو رؤساء دينيين ينتسبون إلى الدين، فتجد الواحد منهم لا يموت إلا وقد وضع له ركيزة من بعده ينمي هذا الأمر الذي هو عليه] اهـ.
الفائدة السادسة والخمسون والسابعة والخمسون: الجاهل ببدعته لا يأثم، وقد يثاب على حُسْن قصده!؛ وحكم من كان في مجاهيل أفريقيا!
في باب: ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين.
قال – رحمه الله تعالى -:
[ .. إن البدعة شر ولو حسن قصد فاعلها، ويأثم إن كان عالماً أنها بدعة ولو حسن قصده، لأنه أقدم على المعصية كم يجيز الكذب والغش ويدعي أنه مصلحة، أما لو كان جاهلاً فإنه لا يأثم، لأن جميع المعاصي لا يأثم بها إلا مع العلم، وقد يثاب على حسن قصده، وقد نبه على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه "اقتضاء الصراط المستقيم"، فيثاب على نيته دون عمله، فعمله هذا غير صالح ولا مقبول عند الله ولا مرضي، لكن لحسن نيته مع الجهل يكون له أجر، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم - للرجل الذي صلى وأعاد الوضوء بعدما وجد الماء وصلى ثانية: "لك الأجر مرتين"، لحسن قصده، ولأن عمله عمل صالح في الأصل، لكن لو أراد أحد أن يعمل العمل مرتين مع علمه أنه غير مشروع، لم يكن له أجر لأن عمله غير مشروع لكونه خلاف السنة، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - للذي لم يعد، "أصبت السنة".
فإن قال: إني أريد بهذه البدعة إحياء الهمم والتنشيط وما أشبه ذلك.
أجيب: بأن هذه الإرادة طعن في رسالة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، لأنه اتهام له بالتقصير أو القصور، أي مقصر في الإخبار عن ذلك أو قاصر في العلم، وهذا أمر عظيم وخطر جسيم، ولأن هذا لم يكن عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا خلفاؤه الراشدون، أما إذا كان حسن القصد، ولم يعلم أن هذا بدعة، فإنه يثاب على نيته ولا يثاب على عمله، لأن عمله شر حابط كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا، فهو رد".
وأما العامة الذين لا يعلمون، وقد لبس عليهم هذه البدعة وغيرها، نقول: ما داموا قاصدين للحق ولا علموا به، فإثمهم على من أفتاهم ومن أضلهم.
ولهذا يوجد في مجاهل أفريقيا وغير من لا يعرفون عن الإسلام شيئاً، فلو ماتوا لا نقول: إنهم مسلمون ونصلي عليهم ونترحم عليهم مع أنهم لم تقم عليهم الحجة، لكننا نعاملهم في الدنيا بالظاهر، أما في الآخرة، فأمرهم إلى الله] اهـ.
الفائدة الثامنة والخمسون: حكم الصدقة عند القبور.
في باب: ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين.
قال – رحمه الله تعالى – في المسألة الحادية عشرة للإمام:
[الحادية عشرة: مضرة العكوف على القبر لأجل عمل صالح، المضرة الحاصلة: هي أنّ ذلك يوصل إلى عبادتهم.
ومثل ذلك: ما لو قرئ القرآن عند قبر رجل صالح، أو تصدق عند هذا القبر يعتقد أن لذلك مزية على غيره، فإن هذا من البدع، وهذه البدعة قد تؤدي بصاحبها في النهاية إلى عبادة هذا القبر، وكذلك أيضا لو كان يعكف عليه في الليالي، فهذا كله حرام، ومضرته عظيمة] اهـ.
يتبع ....
¥