تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و لهذا كانت المصائب تكفر سيئات المؤمنين و بالصبر عليها ترتفع درجاتهم و ما أصابهم فى الجهاد من مصائب بأيدي العدو فانه يعظم أجرهم بالصبر عليها. و فى الصحيح عن النبى صلى الله عليه و سلم قال ما من غازبة يغزون فى سبيل الله فيسلمون و يغنمون إلا تعجلوا ثلثي أجرهم و إن أصيبوا و أخفقوا تم لهم أجرهم. و أما ما يلحقهم من الجوع و العطش و التعب فذاك يكتب لهم به عمل صالح كما قال تعالى ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ و لا نصب و لامخمصة فى سبيل الله و لا يطؤون موطئا يغيظ الكفار و لا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين و شواهد هذا كثيرة.

ـ[نضال مشهود]ــــــــ[17 - 01 - 08, 03:07 ص]ـ

************************* منقول *****************************

العقوبة… و … الابتلاء

للشيخ مشهور بن حسن آل سلمان حفظه الرحمن


العاملون للإسلام على الساحة كثيرون، وكثرتهم لا تقل عن أُطرهم وطروحاتهم ومناهجهم من حيث العدد، وبعضهم يردِّد - بافتخار- أنهم متمايزون عن غيرهم بكثرة عطائهم وتضحياتهم، ويأخذ هؤلاء في الاستدلال على ذلك بما لاقى أصحابه وإخوانه على الدرب من ألوان التعذيب.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل هذه المعاناة من باب العقوبة أم الابتلاء؟ وللجواب على هذا السؤال، نقول:

إنَّ خلطنا يقع في تصوّر الكثيرين حول الابتلاء والأسباب التي تؤدي إليه، والنتائج المترتبة عليه من جهة، وحول العقوبة وأسبابها ونتائجها من جهة أخرى، وللتفرقة بينهما نضع هذه المعالم:

أولاً: ليس كل ابتلاء مرجعه وسببه الذنوب والمعاصي، فلا ينبغي أن نسيء الظن بمن حلَّت بهم المصائب وقد يسيء هؤلاء -الذين حلَّت بهم المصائب- بربهم الظن.

يقول الإمام ابن القيم -رحمه الله تعالى-: ((وأنت تشاهد كثير من الناس إذا أصابه نوع من البلاء يقول: يا ربي ما كان ذنبي حتى فعلت بي هذا؟

وقال لي غير واحد: إذا تبت إليه، وأنبت، وعملتُ صالحاً؛ ضيَّق عليَّ رزقي، ونكَّد عليَّ معيشتي، وإذا رجعت إلى معصيته، وأعطيت نفسي مُرادها جاءني الرزق والعون… ونحو هذا.

فقلت لبعضهم: هذا امتحان منه؛ ليرى صدقك وصبرك، هل أنت صادق في مجيئك إليه، وإقبالك عليه، فتصبر على بلائه، فتكون لك العاقبة؟ أم أنت كاذب، فترجع على عقبك.

وهذه الأقوال والظنون الكاذبة الحائدة عن الصواب مبنيَّة على مقدمتين:

إحداهما: حسن ظن العبد بنفسه وبدنه، واعتقاده أنمه قائم بما يجب عليه، وتارك ما نُهي عنه، واعتقاده وتارك ما نهي عنه، واعتقاده في خصمه وعدوه خلاف ذلك وأنه تارك للمأمور، مرتكب للمحظور، وأن نفسه أولى بالله ورسوله ودينه منه.

والمقدمة الثانية: اعتقاده أن الله -سبحانه وتعالى- قد لا يؤد صاحب الحق الدين وينصره، وقد لا يجعل له العاقبة في الدنيا بوجه من الوجوه، بل يعيش عمره مظلوماً مقهوراً مستضاماً، مع قيامه بما أُمر به ظاهراً وباطناً، وانتهائه عما نُهي عنه باطناً وظاهراً، فهو عند نفسه قائم بشرائع الإسلام وحقائق الإيمان، وهو تحت قهر أهل الظلم والفجور والعدوان، فلا إله إلا الله؛ كم فسد بهذا الاغترار من عابد جاهل، ومتديِّن لا بصيرة له، ومنتسب إلى العلم لا معرفة له بحقائق الدين.

فسبحان الله! فكم صدرت هذه الفتنة الكثير من الخلق -بل أكثرهم- عن القيام بحقيقة الدين (1).

وبعكس هؤلاء العاملين القول، فتراهم كثرة المصائب التي حلَّت بهم إلى كونهم مؤمنين، فيشدِّد الله عليهم البلاء، لحبِّه إياهم لا إلى كوهم خرجوا عن منهج الله، وخالقو أمره.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمة الله تعالى- ((قد تصيب المؤمنين بالله ورسوله مصائب بسبب ذنوبهم، لا بما أطاعوا فيه الرسول، كما لحقهم يوم أحد بسبب ذنوبهم، لا بسبب طاعتهم الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-)) (2).

والذي أودُّ تأكيده هنا: أنه لا بد من النظر إلى مختلف الأسباب ومعرفة الإنسان لنفسه، وما عليه الآخرون من التزام أو غيره، والمعرفة قبل ذلك بالتكاليف والمسؤوليات الواجبة على العباد، وبذلك يستطيع أن يتبصَّر بواقعه وواقع الناس من حوله، وأن يكون منصفاً.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير