تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2 - قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله في شرح الأربعين النووية ص67 طبعة دار الكتب العلمية 1978م: " واتفق القائلون بأن الإقرار لا يعتبر على اشتراط ترك العناد بأن يعتقد أنه متى طولب به أتى به، فإن طولب به فامتنع عناداً كفر ".

وقال البيجوري في تحفة المريد ص94: " وأما الآبي - بأن طلب منه النطق بالشهادتين فأبى - فهو كافر فيهما، ولو أذعن في قلبه فلا ينفعه ذلك ولو في الآخرة ".

قال مقيده عفا الله عنه: وبهذا يظهر خطأ من شنع على الأشعرية بقصة وفاة أبي طالب، إذ أنه عرض عليه النطق لكنه أبى أن يقول لا إله إلا الله، فهو لم يتحقق فيه شرط ترك العناد الذي اتفقوا عليه.

3 - اختلفت أقوال الأشاعرة في قول اللسان وأشار إلى اختلافهم صاحب الجوهرة بقوله:

وفُسِّرَ الإيمانُ بالتصدَّيقِ ... والنُطقُ فيهِ الخلفُ بالتحقيقِ

فَقِيْلَ شَرطٌ كالعَمَلْ وقيْل بلْ ... شَطْرٌ ...............

فالحاصل أن لهم في ذلك مذهبين:

الأول: أن النطق شرط من شروط الإيمان خارج عن حقيقته، وعزا البيجوري هذا لقول لمحققي الأشاعرة والحنفية.

واختلف هؤلاء على قولين:

الأول: أنه شرط في إجراء أحكام الدنيا من نكاح وتوارث وموالاة ومعاداة، وقد يكون تاركه ناجياً عند الله تعالى وإن عومل في الدنيا معاملة الكافر. ورجح هذا القول البيجوري وعزاه للأكثرين، وعزاه السعد التفتازاني في شرح النسفية للمحققين ولأبي منصور الماتوريدي، واختاره ابن حجر الهيتمي ونقل عن الكمال ابن الهمام أنه مذهب بعض محققي الحنفية مع أن الهيتمي قال في شرح حديث بني الإسلام على خمس ص93: " وكذا من ترك الشهادتين كافر " ولعله أراد أن الكافر من تركهما تصديقا بقلبه وبلسانه معاً.

الثاني: أنه شرط في صحة الإيمان، قال البيجوري: " وهذا القول كالقول بالشطرية في الحكم ".

أما مذهبهم الثاني: فهو موافق لما كان عليه السلف وأئمة السنة، وهو أن النطق شطر الإيمان ركن من أركانه، داخل في حقيقته وماهيته، وهذا الذي أشار إليه اللقاني بقوله: "وقيْل بلْ شَطْرٌ "، وهو قول الحنفية؛ النسفي في عقائده وعزاه السعد في الشرح لشمس الأئمة وفخر الإسلام.

قال مقيده عفا الله عنه: لا شك أن القول الأول أجرى على قاعدتهم في أن الإيمان هو التصديق فقط، إذ أنهم لو أدخلوا النطق في حقيقته لكانوا مقرين بالحقيقة المركبة للإيمان وأنه ليس شيئاً واحداً، فلا تبقى لهم حجة على من أدخل أعمال الجوارح في حقيقة الإيمان، لذا وجدنا محققيهم قد رجحوه.

4 - لا شك أن من أخرج النطق من حقيقة الإيمان قد خالف إجماع السلف الذي حكاه الإمام الشافعي وغيره أن الإيمان قول وعمل، فقوله ساقط مردود، بل قد حكى الإمام النووي اتفاق المتكلمين عى اشتراط النطق لعدم التخليد في النار، ولفظه: " وَاتَّفَقَ أَهْل السُّنَّة مِنْ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاء وَالْمُتَكَلِّمِينَ عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِن الَّذِي يُحْكَمُ بِأَنَّهُ مِنْ أَهْل الْقِبْلَة وَلَا يُخَلَّد فِي النَّار لَا يَكُون إِلَّا مَنْ اِعْتَقَدَ بِقَلْبِهِ دِينَ الْإِسْلَامِ اِعْتِقَادًا جَازِمًا خَالِيًا مِنْ الشُّكُوك، وَنَطَقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ، فَإِنْ اِقْتَصَرَ عَلَى إِحْدَاهُمَا لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْل الْقِبْلَة أَصْلًا إِلَّا إِذَا عَجَزَ عَنْ النُّطْق لِخَلَلٍ فِي لِسَانه أَوْ لِعَدَمِ التَّمَكُّن مِنْهُ لِمُعَاجَلَةِ الْمَنِيَّةِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَكُون مُؤْمِنًا " شرح صحيح مسلم (1/ 49).

لكن لا بد لهذا المخالف من حجة يحتج بها لقوله، وقد احتج البيجوري في شرح الجوهرة ص 94 والسعد في شرح النسفية ص113 والعضد الإيجي في المواقف 358 بالآيات والأحاديث الدالة على محلية القلب للإيمان كقوله تعالى: {أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمْ الإِيمَانَ} أي أثبته في قلوبهم، وقوله: " وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ"، وقوله صلى الله عليه وسلم في دعائه: "اللهم ثبت قلبي على دينك".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير