قال الشيخ عصام البشير في شرحه لمنظومته في مسائل الإيمان: " والتحقيق في هذه المسألة أن هذه النصوص لا تنفي كون الأعمال جزءا من مسمى الإيمان، بل " غايةُ ما فيها بيانُ أن إيمان القلب هو الأصل والأساس لإيمان الجوارح"، وهذا المعنى صحيح، وتوجد نصوص كثيرة تشهد له، ولا تَعارُضَ بين هذا المعنى وبينَ قولِ أهل السنة إن الإيمانَ قول وعمل. فالقلبُ هو الباعث والمُحرِّكُ الذي مِنه ينطلق التوجيه إلى الجوارح بالعمل خيرا أو شرا، والإرادةُ القلبية هي الحاكمة على أعمال الجوارح طاعةً وإيمانًا إن كانت الإرادةُ إيمانيةً، ومعصية وكفرا إن كانت الإرادة كفرية، كما في الحديث المعروف: " ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب".
فالنصوصُ المذكورة في تقرير هذا الدليل الثالث، إنما تدل على أهمية الجزء الباطن من الإيمان، دونما نفيٍ للجزء الظاهر منه الذي دلت عليه نصوص أخرى كثيرة وصريحة.
على أننا نضيف أن الذي يقوم بالقلب من الإيمان ليس هو مجرد التصديق، بل هو أمرٌ زائد وهو عمل القلب الذي سبق توضيحه وبيان ركنيته في الإيمان ". وانظر: ظاهرة الإرجاء للحوالي: 2/ 544.
وقَالَ الْقَاضِي عياض في شرح قوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ ": وَقَدْ يَحْتَجّ بِهِ أَيْضًا مَنْ يُرَى أَنَّ مُجَرَّد مَعْرِفَة الْقَلْب نَافِعَة دُون النُّطْق بِالشَّهَادَتَيْنِ لِاقْتِصَارِهِ عَلَى الْعِلْم. وَمَذْهَب أَهْل السُّنَّة أَنَّ الْمَعرِقَة مُرْتَبِطَة بِالشَّهَادَتَيْنِ لَا تَنْفَع إِحْدَاهُمَا وَلَا تُنَجِّي مِنْ النَّار دُون الْأُخْرَى إِلَّا لِمَنْ لَمْ يَقْدِر عَلَى الشَّهَادَتَيْنِ لِآفَةٍ بِلِسَانِهِ أَوْ لَمْ تُمْهِلهُ الْمُدَّة لِيَقُولَهَا، بَلْ اِخْتَرَمَتْهُ الْمَنِيَّة. وَلَا حُجَّة لِمُخَالِفِ الْجَمَاعَة بِهَذَا اللَّفْظ؛ إِذْ قَدْ وَرَدَ مُفَسَّرًا فِي الْحَدِيث الْآخَر: " مَنْ قَالَ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَمَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَه اللَّه وَأَنِّي رَسُول اللَّه " وَقَدْ جَاءَ هَذَا الْحَدِيث وَأَمْثَاله كَثِيرَة فِي أَلْفَاظهَا اِخْتِلَاف، وَلِمَعَانِيهَا عِنْد أَهْل التَّحْقِيق اِئْتِلَاف، فَجَاءَ هَذَا اللَّفْظ فِي هَذَا الْحَدِيث ". نقله النووي في شرح مسلم واستحسنه.
ـ[أبوالوليد السلفي]ــــــــ[18 - 12 - 08, 03:57 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله أنا في حوار مع أشعري و تكلمت معه عن مذهبهم في الإيمان فكان يزعم أن الأشاعرة متفقون علي دخول النطق في ماهية الإيمان فنقلت له ما يلي قال الشيخ إبراهيم إبراهيم بن حسن اللقاني في منظومته:
وفسر الإيمان بالتصديق والنطق فيه الخلف بالتحقيق
وفسر هذا الكلام البيجوري ص64ـ51 بقوله (إن الإيمان هو مجرد التصديق والعمل الصالح متغايران ومن صدق بقلبه ولم يتفق له الإقرار في عمره لا مره ولا اكثر من مره مع القدرة على ذلك فهو مؤمن عند الله ولكنه شرط في إجراء الأحكام الدنيويه
فأخبرني أن هذا كذب علي البيجوري و صور لي حاشية البيجوري علي جوهرة التوحيد
ففعلا ما وجدت الكلام السابق ففي أي كتاب يوجد ما نقلت؟ أم هو افتراء علي هذ الإمام
جزاكم الله خيرا و هذا هو ما صور لي الأخ الأشعري
هذا الكلام تجده في الصفحات التالية لما صوره لك الأشعري, عند تعليق البيجوري على قول اللقاني (فقيل شرط كالعمل). والله أعلم.
ـ[محمد براء]ــــــــ[18 - 12 - 08, 04:20 ص]ـ
5 - وقد ينازع هؤلاء في الاحتجاج بقوله صلى الله عليه وسلم: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ " قال ابن حجر الهيتمي في شرح الأربعين النووية ص66: " إنه لا يدل على خصوص ركنية القول التي النزاع فيها، بل كما يحتملها يحتمل أنه شرط لإجراء أحكام الإسلام، ويدل له أن فيه رتب عى القول الكف عن المال والدم دون النجاة في الآخرة الذي هو محل النزاع ".
¥