تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(فيقال لك: هذا الدليل بعينه موجود في كونه قادرا فإن كون الشيء قادرا على غيره نسبة بين القادر والمقدور والنسبة بين المنتسبين متوقفة على تحقيق كل واحد من المنتسبين وصحة النسبة تعتمد وجود المنتسبين. فلماكانت صحة اتصاف الباري بالقدرة على الغير حاصلة في الأزل: لزم أن يكون صحة وجود المقدور حاصلة في الأزل فهذا وزان ما قلته سواء بسواء. وحينئذ فإن جوزت وجود أحد المنتسبين وهو كونه قادرا في الأزل، مع امتناع وجود المقدور في الأزل، فجوز أحد المنتسبين وهو كونه قابلا في الأزل، مع امتناع وجود المقبول في الأزل. وإن لم تجوز ذلك بل لا تتحقق النسب إلا مع تحقيق المنتسبين جميعا؛ لزم إما تحقق إمكان المقدور في الأزل، وإما امتناع كونه قادرا في الأزل، وأيًّا ما كان بطلت حجتك سواء جوزت وجود أحد المنتسبين مع تأخر الآخر، أو جوزت وجود المقدور في الأزل، أو قلت: إنه ليس بقادر في الأزل. فإن هذا وإن كان لا يقوله لكن لو قدر أن أحدًا التزمه وقال: إنه يصير قادرًا بعد أن لم يكن قادرًا؛ كما يقولون إنه يصير قابلا بعد أن لم يكن قابلا. قيل له: كونه قادرًا إن كان من لوازم ذاته وجب كونه لم يزل قادرًا وامتنع وجود الملزوم وهو الذات بدون اللازم وهو القدرة، وإن لم تكن من لوازم الذات كانت من عوارضها فتكون الذات قابلة لكونه قادرًا وكانت الذات قابلة لتلك القابلية. فقبول كونه قادرًا إن كان من اللوازم عاد المقصود، وإن كان من العوارض افتقر إلى قابلية أخرى ولزم إما التسلسل وإما الانتهاء إلى قادرية تكون من لوازم الذات.

الجواب الثامن: ([2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=745152#_ftn2)) أن يقال: فرقك بأن وجود القادر يجب أن يكون متقدما على وجود المقدور ووجود القابل لا يجب أن يكون متقدما على وجود المقبول؛ فرق بمجرد الدعوى ولم تذكر دليلا لا على هذا ولا على هذا والنزاع ثابت في كلا الأمرين. فمن الناس من يقول: لا يجب أن يكون القادر متقدما على إمكان وجود المقدور بل ولا يجوز؛ بل يمكن أن يكون وجود المقدور مع قدرة القادر. وهذا كما يكون المقدور مع القدرة عند جماهير الناس من المسلمين وغيرهم؛ وإن كان وجود المقدور مع القادر يفسر بشيئين:

أحدهما: أن يكون المقدور أزليا مع القادر في الزمان. فهذا لا يقوله أهل الملل وجماهير العقلاء الذين يقولون: إن الله خالق كل شيء. وهو القديم وما سواه مخلوق حادث بعد أن لم يكن. وإنما يقوله شرذمة من الفلاسفة الذين يقولون: إن الفلك معه بالزمان لم يتأخر عنه ويجعلونه مع ذلك مفعولا مقدورا. وأما كون المقدور متصلا بالقادر بحيث لا يكون بينهما انفصال ولكنه عقبه؛ فهذا مما يقوله أكثر العقلاء من المسلمين وغيرهم. ويقولون: المؤثر التام يوجد أثره عقب تأثره. ويقولون: الموجب التام يستلزم وجود موجبه عقبه لا معه. فإن الناس في المؤثر التام على ثلاثة أقوال:

منهم من يقول: يجوز أو يجب أن يكون أثره منفصلا عنه؛ فلا يكون المقدور إلا متراخيا عن القادر والأثر متراخيا عن المؤثر كما يقول ذلك كثير من أهل الكلام وغيرهم.

ومنهم من يقول: بل يجوز أو يجب أن يقارنه في الزمان كما يقول ذلك من يقوله من المتفلسفة ووافقهم عليه بعض أهل الكلام في العلة الفاعلية. فقالوا: إن معلولها يقارنها في الزمان.

والقول الثالث: أن الأثر يتصل بالمؤثر التام لا ينفصل عنه ولا يقارنه في الزمان فالقادر يجب أن يكون متقدما على وجود المقدور لا ينفصل عنه. وإذا قال القائل: وجود القادر يجب أن يكون متقدما على وجود المقدور قالوا: إن عنيت بالتقدم الانفصال فممنوع؛ وإن عنيت عدم المقارنة فمسلم ولكن لا نسلم المقارنة. وذلك يتضح:

بالجواب التاسع: وهو أن يقال: قولك أما وجوب وجود القابل فلا يجب أن يكون متقدما على وجود المقبول: فلم تذكر عليه دليلا. وهي قضية كلية سالبة؛ وهي ممنوعة. بل المقبول قد يكون من الصفات اللازمة؛ كالحياة والعلم والقدرة؛ فيجب أن يقارن المقبول للقابل؛ فلا يتقدم القابل على المقبول وقد يكون من الأمور الاختيارية التي تحدث بقدرة الرب ومشيئته. فهذه المقبولات هي مقدورة للرب وهي مع كونها مقبولة نوع منالمقدورات. وأنت قد قلت: إن المقدور يجب أن يكون متأخرا عن وجود القادر وهذا النوع من المقبولات مقدور؛ فيجب على قولك

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير