تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وحبس الإنسان في نص، والروح في لفظ، والحياة في قاعدة، أمر غريب عن الطبيعة، ومضاد لروح الإسلام الذي يقدم المثل الأعلى في الحركة والتجديد، (كل يوم هو في شأن)!! (27).

ولسنا نفهم من هذا التجديد الذي يقدمه العشماوي غير الانسلاخ من الأحكام الشرعية وترك نصوص الكتاب والسنة والاكتفاء بالمنهج الذي هو الرحمة، - كما يراه – فشرّع ما تشاء وافعل ما تشاء في نطاق الرحمة المطاطة غير واضحة المعالم. وعلى هذا فأصول الفقه لا حاجة إليها، لأننا عرفنا أن الشريعة هي المنهاج، وأن منهاج الشريعة الإسلامية تحقيق الرحمة، فكل الطرق المؤدية لذلك، والوسائل المحققة لها من أصول الفقه. والله أعلم.

والمستشار العشماوي وإن لم يدّع أنه مجدد في أصول الفقه، لكن ما قدمه يلغي أصول الفقه المعروف، ويقيم مقامه (الرحمة)، التي هي ذروة المنهج، أو الشريعة الإسلامية.

أما الرجل الآخر فهو الدكتور محمد عابد الجابري، الذي يرى الاعتماد على المقاصد الشرعية طريقاً للفهم والاستنباط، دون الأحكام الجزئية. ويرى تجديد المقاصد، وأن يكون العمل بالنص مقتصراً على مكانه وزمانه المتقدمين، ويرى ضرورة فتح آفاق جديدة للاجتهاد المعاصر، وأنه لم يظهر مجتهدون تتوفر فيهم الشروط الضرورية لممارسة الاجتهاد إلى الدرجة التي ترقى إلى مستوى طبيعة مشاكل العصر وتحدياته. ويرى أن أهم شروط الاجتهاد العصراني المطلوب، هي:

1 - انفتاح العقل على الحياة والمعطيات الجديدة والاطلاع على مختلف العلوم المعاصرة.

2 - الانطلاق من المقاصد الشرعية.

3 - جعل ضروريات العصر وحاجياته وتحسينياته جزءاً من المقاصد (28).

ويرى أن حصر الضروريات في الحفاظ على الدين والنفس والعقل والنسل والمال، كان منطلقاً فيه من داخل المجتمع الإسلامي الذي كان في وقتهم يشكل عالماً قائماً بذاته، مستقلاً عن غيره من المجتمعات التي لم يكن لها شأن يذكر.

ويقول: إننا نعيش في مجتمع أصبحنا فيه تابعين لا متبوعين، وتغيرت فيه الأحوال وتطورت الحقوق.

فهناك اقتراح بأن تضاف الحقوق الأساسية للمواطن والمجتمع المعاصر إلى تلك الضروريات. ومن هذه الحقوق:

الحق في حرية التعبير.

الحق في العمل.

الحق في التعليم.

الحق في العلاج.

ويدخل في الحاجات، الحاجة إلى تنشيط الإبداع الفكري، والحاجة إلا اكتشاف المعارف الصحيحة.

وليس في هذا الكلام ما هو تجديد لأصول الفقه، وإنما هو دعوة إلى الاجتهاد الحرّ أو المطلق، انطلاقاً من المقاصد الشرعية التي ينبغي أن تنبعث من ضروريات العصر. ولسنا نرى فيما قدمه من مقاصد ما هو خارج عن الكليات الخمس المطلوب المحافظة عليها شرعاً، وهي الدين والنفس والعقل والمال والنسب. وإنما هي وسائل وطرق تتحقق بها المحافظة على هذه الكليات.

ولكن إذا لم تربط هذه المقاصد بالضوابط الشرعية، وبملاحظة نصوص الشارع التي هي الأساس في تكوينها، فإنها تعدّ انسلاخاً من الأحكام الشرعية، أي يكفي أن نحدد المقاصد ثم نبني أحكامنا عليها. فتكون أصول الفقه، على هذا: هي المقاصد بحسب فهمنا وإدراكنا وعقولنا، وواقعنا، ومصلحتنا المطلقة التي لا تتقيّد بالاعتبارات الشرعية.

وأما الصنف الثاني فسنذكر من دعاته شخصين أيضاً،هما الدكتور محمد أركون، والدكتور حسن حنفي.

فالدكتور محمد أركون له كتب متعددة نشر فيها آراءه، وبشّر بها. وسنكتفي من ذلك باستعراض بعض آرائه في اثنين من هذه الكتب هما: (من الاجتهاد إلى نقد العقل الإسلامي) و (تاريخية الفكر العربي الإسلامي). إذ هما يمثلان نموذجاً لما يراه في أصول الفقه الإسلامي، أو مصادره الأصلية ففي كتابه الأوّل تكلم علن المصدر الأول لأصول الفقه، وهو القرآن الكريم. فشكّك في صحّته، وسماه القرآن الرسمي (29). وفسر الناسخ والمنسوخ بأنه يناسب انتهازية المشرّعين، وأنه من إنتاج الأصوليين لمواجهة النصوص المتناقضة (30). ويتهم الصحابة بالتلاعب بالآيات القرآنية من أجل تشكيل علم التوريث (31). ويتهم محمد بن جرير الطبري في تفسير آيات الكلالة بأنها مقاومة مستبسلة لما يُحدِث وصفاً جديداً يؤدي إلى زعزعة نظام الإرث العربي السابق (32). ويستخدم المصطلحات النصرانية والأجنبية، ويسقطها على علماء المسلمين كنعت المذاهب الفقهية بالمذاهب الأرثوذوكسية،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير