تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عهود كثرت فيها الفتن وانعدمت ضوابط التشريع الجماعي الذي ينظمه السلطان.

القياس الواسع

ولربما يجدينا ايضا ان نتسع في القياس على الجزئيات لنعتبر الطائفة من النصوص ونستنبط من جملتها مقصدا لنعتبر الطائفة من النصوص ونستنبط من جملتها مقصدا معينا من مقاصد الدين او مصلحة معينة من مصالحه ثم نتوخى ذلك المقصد حينما كان في الظروف والحادثات الجديدة وهذا فقه يقربنا جدا في فقه عمر بن الخطاب رضي الله عنه لانه فقه مصالح عامة واسعة لا يلتمس تكييف الواقعات الجزئية تفصيلا فيحكم على الواقعة قياسا على ما يشابهها من واقعة سالفة بل يركب مغزى اتجاهات سيرة الشريعة الاولى ويحاول في ضوء ذلك توجيه الحياة الحاضرة. وكل القياس يستلزم شيئا من تجريد من الظروف المحدودة التي جاءت سباقا ظرفيا للنص مثال ذلك ما روي عن ان رجلا جاء الى رسول الله (ص) فقال هلكت وقعت على امرأة في نهار رمضان… الخ فتلك واقعة لا تكرر بشكلها الكامل ابدا وربما يحدث مثلها لرجل غير الرجل مع امرأته هو ولكنا رغم ذلك نسقط اعتبار الاعيان ونعدي الحكم بين الواقعتين ولربما يطرأ فساد الصوم في رمضان بغير ذلك الاسلوب من أكل او شرب، ونطرح السؤال هل نتجرد ايضا من اعتبار ذلك الاسلوب ونعتمد كل وجوه افساد الصيام ونتسع في تعديه الحكم او لا نفعل؟ يختلف الفقهاء في ذلك وهكذا يتعرض منهجنا القياسي للسعة او الضيق في درجة التجرد من الظروف الاولى تنقيحا لمناط الحكم الجوهري وليس في الاختلاف على ذلك حرج. اما القياس الاجمالي الاوسع او قياس المصالح المرسلة فهو درجة أرقى في البحث عن جوهر مناطات الاحكام اذ نأخذ جملة من أحكام الدين منسوبة الى جملة الواقع الذي تنزل فيه ونستنبط من ذلك مصالح عامة ونرتب علاقاتها من حيث الاولوية والترتيب. وبذلك التصور لمصالح الدين نهتدي الى تنظيم حياتنا بما يوافق الدين. بل يتاح لنا - ملتزمين بتلك المقاصد - ان نوسع صور التدين اضعافا مضاعفة.

الاستصحاب الواسع

وابلغ الاجمال في مقاصد الدين ما تهدى اليه العقيدة من معنى عبادة الله - سبحانه وتعالى - وهو مقصد يجمع جملة النصوص الشرعية فاذا توخيناه حكمنا بان مطلوب الشرع يشمل كل عمل او نشاط بشري يقصد به عبادة الله الا أن نستثني ما نصت الشريعة على انه لا يحقق ذلك المقصد. وعلى درجة ادنى من الاجمال نلقى كليات الشريعة وانماط تنظيمها للحياة العامة وما نجد في ذلكم من هداية واسعة للمصالح ودرجة اعتبارها وقوتها اذا تعارضت في واقع الحياة. وفي هذه الدرجة من اجمال مقاصد الشريعة نتفق مع أصل آخر من أصول الفقه الوساعة وهو الاستصحاب ومعزى الاستصحاب هو ان الدين لم ينزل بتأسيس حياة كلها جديد والغاء الحياة القائمة قبل الدين بأسرها فما كان رسول الله (ص) مثلا يعتبر ان كل الذي كان ساريا من القيم من قبله لغو باطل ينبغي هدمة لتأسيس الدين على قاعدة جديدة مطلقا. بل كان المبدأ المعتمد ان ما تعارف عليه الناس مقبول وانما ينزل الشرع ويتدخل ليصلح ما اعوج من امرهم. فحينما يطلق الكلام في القران عن الامر بالمعروف فهو ما كان سائدا معروفا الا حيث يصححه الدين، وحينما يدعو القران الكريم بالعدل والقسط فهو مراعاة القيم العدلية التي عرفها الانسان واستشعرها الوجدان المخلص مقرونة مع التصويبات والتقويمات التي ترد عليها من تلقاء الشريعة المنزلة.

وهكذا يقال في القسط والخير والظلم والاحسان والاساءة بل في نظم الاسرة وفي الشعائر. فقد كانت الحياة تقوم على كثير من اثارات الحق الذي اورثته الديانات او اهتدت اليه الفطرة البشرية وجاءت الشريعة الخاتمة تحيي ما درس وتقوم ما اعوج وتكمل ما نقص فما جاءت فيه بنص يعتمد المعمول به او يصوبه فالشريعة حاكمة، وما تركته عفوا فهو متروك لما يقدر فيه البشر فيعروفون وينكرون وفقا لما تهدي اليه الفطرة المنفعلة بمعاني الدين المنزل. وفي الكتاب والسنة نصوص مباشرة تدل على قبول قاعدة الاستصحاب تأكيدا للدليل العام الذي تلقيه كما تقدم في استقراء وقع التنزيل مع الحياة السابقة. وحسب قاعدة الاستصحاب الفقهية: الاصل في الاشياء الحل وفي الافعال الاباحة وفي الذمم البراءة من التكليف، وكل ما تطوقه المؤمن يقصد به وجه الله عبادة مقبولة، وكل ما اخذ لمتاع الحياة الدنيا عفو متروك لا له ولا عليه الا ان يرد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير