ب-قوله r :- (… فمن أطاع محمداً r فقد أطاع الله، ومن عصى محمداً r فقد عصى الله، ومحمد فَرَّقَ بين الناس) ([12]).
ج-قوله r :- ( إني قد تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض) ([13]).
د-قوله r :- ( أوصيكم بتقوى الله تعالى، والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد، وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعةٍ ضلالة) ([14]).
هـ-قوله r :- ( إنما مثلي ومثل ما بعثني الله به كمثل رجل أتى قوماً فقال: يا قوم إني رأيت الجيش بعينيّ، وإني أنا النذير العُريان، فالنجاء، فأطاعة طائفة من قومه فادلجوا، فانطلقوا على مهلهم فنجوا، وكذّبت طائفة منهم فأصبحوا مكانهم فصبحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم، فذلك مثل من أطاعني فاتبع ما جئت به، ومثل من عصاني وكذَّب بما جئت به من الحق) ([15]).
وهذه الأحاديث السابقة وغيرها تدل على ما دلت عليه الآيات الكريمات السابقات من وجوب طاعة الرسول وأن طاعته من طاعة الله وأنه لا يمكن للعبد أن يطيع ربه من غير طاعة نبيه وأن في طاعته النجاء وفي معصيته الخسران المبين في الدنيا والآخرة، وأن سنته r باقية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وأنها لا تفترق عن كتاب الله حتى يردا على رسول الله حوضه، وأن الضلال والانحراف والابتداع هو ترك سنته وهديه، وأن دعوى من يقول بعدم حجية السنة إنما هي من البدع والاختلافات والضلالات التي حذرنا منها رسول الله r .
وإن من أصرح الأحاديث الدالة على حجية السنة، وضرورة التمسك بها – غير ما سبق – قوله r :-
و- (من رغب عن سنتي فليس مني) ([16]) فمن كان لديه عقل أودين كفاه هذا فضلاً عما ذكر من الآيات والأحاديث وما سَيُذكر.
ز-قوله r :- ( نضَّر الله عبداً سمع مقالتي فحفظها ووعاها وأداها، فرُبَّ حامل فقهٍ غيرُ فقيهٍ، ورُبَّ حامل فقهٍ إلى من هو أفقه منه. ثلاثُ لا يَغِلُّ عليهن قلب مسلم: إخلاص العمل لله، والنصيحة للمسلمين، ولزوم جماعتهم، فإن دعوتهم تحيط من ورائهم) ([17]).
قال الإمام الشافعي ([18]):- (فلما ندب رسول الله صلى الله عليه إلى استماع مقالته وحفظها وأدائها امرَأً يؤديها، والامرءُ واحد: دل على أنه لا يأمر أن يؤدي عنه إلا ما تقوم به الحجة على من أُدِّي إليه، لأنه إنما يؤدي عنه حلالٌ، وحرام يُجتنب، وحدٌّ يقام، ومال يؤخذ ويعطى، ونصيحة في دين ودنيا).
المسألة الثالثة: في دلالة الإجماع على منزلة السنة النبوية.
قال الشوكاني ([19]):- (اعلم أنه قد اتفق من يعتد به من أهل العلم على أن السنة المطهرة مستقلة بتشريع الأحكام وأنها كالقرآن في تحليل الحلال وتحريم الحرام ….والحاصل أن ثبوت حجية السنة المطهرة واستقلالها بتشريع الأحكام ضرورية دينية ولا يخالف في ذلك إلا من لا حظ له في دين الإسلام).
المسألة الرابعة: في دلالة المعقول على منزلة السنة النبوية.
قال الدكتور عبدالكريم زيدان ([20]):- (ثبت بالدليل القاطع: أن محمداً r رسول الله، ومعنى الرسول: هو المبلغ من الله، ومقتضى الإيمان برسالته: لزوم طاعته، والانقياد لحكمه، وقبول ما يأتي به، وبدون ذلك لا يكون للإيمان به معنى. ولا تتصور طاعة الله والانقياد إلى حكمه، مع المخالفة لرسوله r ) .
المطلب الثاني: في منزلة السنة عند سلف الأمة وأئمتها.
وفيه ثلاث مسائل:-
المسألة الأولى:- في منزلة السنة عند الصحابة رضي الله عنهم.
لقد كان للسنة النبوية في صدور سلفنا الصالح وأئمتنا منزلة عظيمة جداً فقد كان لها من الحب والاحترام والتقدير ما يهون معه كل شيء، بل كانوا يرون أن الهدى في الاعتصام بها والتمسك والعمل بها في كل شيء هو دليل التقوى، وقد تنوع ذلك الحب بين عمل بها وقول يحض ويدعو إلى توقيرها، والعمل بها، وحفظها، وضبطها، ونشرها، وهجر لمن أعرض عنها، وتحذير عن هجرها وترك لها.
¥