تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما القسم الثاني:- وهو الانقطاع لنقصان في حال الراوي فيبحثون فيه خبر المستور، والفاسق، والكافر، والصبي، والمعتوه، والمغفل، والمتساهل، وصاحب الهوى.

والذي يهمنا هنا والذي هو مثار البحث هو القسم الأول من الانقطاع لمعني أي ثبوت الانقطاع في خبر الواحد بدليل معارض بأوجهه الأربعة.

ومما ينبغي التَنبيهُ عليه أن الخبر المردود هنا للمعنى المذكور:- هو الخبر الذي صح سنده إلى رسول الله r .

المبحث السادس: في أوجه ثبوت الانقطاع في خبر الواحد لمعنى لدليل معارض وفيه أربعة مطالب:-

المطلب الأول:- في رد الخبر الصحيح المسند لمخالفته كتاب الله أو السنة المتواترة أو للإجماع. وفيه مسألتان:-

المسألة الأولى: في أدلة القائلين بالانقطاع في هذه المسألة ومناقشتها.

قال عيسى بن أبان البصري و أبو زيد الدبوسي والسرخسي والبزدوي و النسفي وعبدالعزيز البخاري وغيرهم من المنتسبين لأبي حنيفة رحمه الله تعالى:- إن الخبر الصحيح إذا جاء مخالفاً لكتاب الله أو للسنة المتواترة أو للإجماع فإنه لا يكون مقبولاً ولا حجةً للعمل به، سواء خالف الخبر الكتاب من أصله أو عمومه أو ظاهره، مستدلين على ذلك بالأدلة التالية ([41]):-

الدليل الأول:-قوله عليه السلام:- (… فأيما شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرطٍ فقضاء الله أحق وشرط الله أوثق) ([42]).

وقد بَيَّن السرخسي وجه الدلالة منه بقوله ([43]): (والمراد كل شرط هو مخالف لكتاب الله تعالى لا أن يكون المراد ما لا يوجد عينه في كتاب الله تعالى فإن عين هذا الحديث لا يوجد في كتاب الله تعالى.

وبالإجماع من الأحكام ما هو ثابت بخبر الواحد والقياس وإن كان لا يوجد ذلك في كتاب الله تعالى.

فعرفنا أن المراد ما يكون مخالفا لكتاب الله تعالى وذلك تنصيص على أن كل حديث هو مخالف لكتاب الله تعالى فهو مردود).

ويمكن مناقشة هذا الرأي على النحو التالي:-

أولاً:- بأن يقال هل سبقكم أحد من الصحابة أو التابعين أو تابعيهم أو واحد من الأئمة الأربعة إلى هذا الفهم؟

فإن قالوا: لا. قلنا: إذن لا حاجة لنا بهذا القول المخترع.

وإن قالوا: نعم. قلنا: سموا لنا من قال بهذا ممن سبق من أهل العلم. ولن يجدوا إلى ذلك سبيلاً. ذلك أن الحديث لا يشك في ثبوته أحد، فهو في الصحيحين، وإذا كان ذلك كذلك فإنه مما قد تعبد به الصحابة رضي الله عنهم ربهم وتقربوا إليه بالعمل بمدلوله ومفهومه فيجب حينئذٍ الرجوع إلى أقوالهم وأفعالهم وفهمهم له وإلا لزم من القول بما ذكره هؤلاء لوازم خطيرة وسيئة، من ذلك: نسبة الجهل إلي السلف من الصحابة والتابعين وتابعيهم والأئمة المتبوعين، وعملهم بالباطل لخفاء الحق عليهم حتى فهمه متأخرو الحنفية، وهذا لا يقول به جاهل فضلاً عمن ينسب نفسه إلى العلم.

وحين الرجوع إلى كتب أهل العلم الذين نقلوا عن سلفنا وجدنا أن المراد بـ (كتاب الله) في قوله: (ما كان من شرط ليس في كتاب الله): أي حكمه كقوله تعالى:-) كتاب الله عليكم ((النساء 24) وقول النبي r :- ( كتاب الله القصاص) ([44]) في كسر السن.

فكتابه سبحانه يطلق على كلامه وحكمه الذي حكم به على لسان رسوله.

وليس المراد به القرآن قطعاً؛ فإن أكثر الشروط الصحيحة ليست في القرآن بل علمت من السنة فعلم أن المراد بـ (كتاب الله): حكمه.

ومعلوم أن كل شرط ليس في حكم الله فهو مخالف له، فيكون باطلاً ([45]).

قال السمعاني في قواطع الأدلة ([46]):- (فالمراد من كتاب الله: هو حكم الله تعالى وتقدس).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ([47]) –رحمه الله تعالى -: (فكل شرط ليس في القرآن ولا في الحديث ولا في الإجماع فليس في كتاب الله بخلاف ما كان في السنة أو في الإجماع فإنه في كتاب الله بواسطة دلالته على اتباع السنة والإجماع).

وقال ([48]) –أيضاً-: (يدل على ذلك أن الشرط الذي بينا جوازه بسنة أو إجماع صحيح بالاتفاق فيجب أن يكون في كتاب الله وقد لا يكون في كتاب الله بخصوصه لكن في كتاب الله الأمر باتباع السنة واتباع سبيل المؤمنين فيكون في كتاب الله بهذا الاعتبار؛ لأن جامع الجامع جامع، ودليل الدليل دليل بهذا الاعتبار).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير