و إن لم تصح جميعها، فان كان الصحيح منها و احداً، فكما لم يكن في الحكم إلا حديث واحد، فإن كان الصحيح أكثر من واحد، فان اتفقت عمل بها، و إن اختلفت، جمع بينها إن أمكن الجمع، و إلا فبعضها منسوخ كما سبق فيما إذا كان جميع الأحاديث صحياً.
و إن تفاوتت في الصحة، فان كان بعضها أصح من بعض، فان اتفق مقتضاها فلا إشكال، كالحديث الواحد، و إن تعارضت، فان قبلت الجمع جمع بينها، و إن لم تقبله قدم الأصح فالإصح.
ثم إن اتحد الإصح عمل به، و إن تعدد فان اتفق فكا لحديث الواحد؟؟؟؟؟ تعارض، جمع بينه إن قبل الجمع، و إلا فبعضه منسوخ معمين أو مبهم، يستدل عليه بما سبق، و إن اجتمع في الحكم كتاب و سنة، فان اتفقا عمل بهما، و أحدهما بيان للآخر أو مؤكدله، و إن اختلفا، فان أمكن الجمع بينهما جمع، و إن لم يكن فان اتجه نسخ أحدهما بالآخر نسخ به، و إن لم يتجه فهو محل نظر و تفصيل، و الأشبه تقديم الكتاب، لأنه الأصل الاعظم و لا يترك بفرعه.
أما المعاملات و نحوها فالمتبع فيها مصلحة الناس كما تقرر.
فالمصحة و باقي أدلة الشرع إما أن يتفقا أو يختلفا، فان اتفقا فبها و نعمت، كما اتفق النص و الإجماع و المصلحة، علي إثبات الاحكام الخمسة الكلية الضرورية، و هي: قتل القاتل، و المرتد، و قطع السارق، و خد القاذف، و الشارب، و نحو ذلك من الأحكام الني وافقت فيها أدلة الشرع المصلحة، و إن الأحكام و الا حوال، دون بعض علي وجه لا يخل بالمصلحة، و لا يفضي إلي التلاعب بالأدرة أو بعضها، و إن تعذر الجمع بينهما قدمت المصلحة علي غيرها لقوله صلي الله عليه و سلم: «لا ضرر و لا ضرار» و هو خاص في نفي الضرر المستلزم لرعاية امصلحة فيحب تقديمة، و لأن المصلحة هي المقصودة من ساسة المكلفين بإثبات الأحكام و باقي الادلة كالو سائل، و المقاصد واجبة التقديم علي الوسائل.
ثم إن المصالح و المفاسد قد تتعارض فيحتاج إلي ضابط يدفع محذور تعارضها فنقول: كل حكم نفرضه، فإما أن تتمحض مصلحته، فإن اتحدت، بأن كان فيه مصلحة واحدة حصلت. و إن تعددت بأن كان فيها مصلحتان و مصالح، فإن أمكن تحصيل جميعها حصل، و إن لم يمكن حصل الممكن، فإن تعذر تحصيل مازاد علي المصلحة الواحدث، فان تفاوتت المصالح و الاهتمام بها، حصل الاهم منها و إن تساوت في ذلك، حصلت واحدة منها بالاختيار، إلا أن يقع ههنا تممة فبالقرعة. و إن تمحصنت مفسدته، فإن اتحت دفعت، و إن تعددت فإن أمكن درء جميعها درئت، و إن تعددت دريء منها الممكن، فان تعذر درء مازاد علي مصلحة واحدة، فإن تفاوتت في عظم المفسدة دفع أعظمها، و إن تساوت في ذلك فبا لاختيار أو القرعة أن اتجهت التهمة.
و إن اجتمع فيه الأمر ان، المصلحة و المفسدة، و ترجح كل واحد من الطرفين، من وجه دون وجه، أعتبرنا أرجح الوجهين تحصيلا أو دفعا فإن استويا في ذلك عدنا إلي الاختيار أو القرعة.
فهذا ضابط مستفاد من قوله صلي الله عليه و سلم: «لا ضرر و لا ضرار» بتوصل به إلي أرجح الأحكام غالبا، و ينتفي به اخلاف بكثرة الطرق و الاقوال.
مع أن في اختلفا الفقهاء فائدة عرضت خارجة عن المقصود، و هي معرفة الحقائق التي تتعلق بالأحكام و أعراضها و نظائرها، و الفروق بينها، و هي شبية بفائدة الحساب من جزالة الرأي.
و إنما اعتبرنا المصلحة في المعاملات و نحوها دون العبادات و شبهها، لأن العبادات حق للشرع، خاص به، ولا يمكن معرفة حقه كمّا و كيفا، و زماناً و مكاناً إلا من جهته، فيأتي به العبد علي ما رسم له، و لأن غلام أحدنا لا يعد مطيعاً خادما له، إلا إذا متثل مارسم له سيده، و فعل ما يعلم أنه يرضيه، فكذلك ههنا، و لهذا لمّآ تعبدت الفلاسفة بعقولهم، و رفضوا الشرائع، أسخطوا الله عزوجل و ضلوا وأضلوا، و هذا بخلاف حقوق المكلفين، فإن أحكامها سياسية شرعية و ضعت لمصالحهم، و كانت هي المعتبرة و علي تمصيلها المعلول.
و لا يقال أن الشرع أعلم بمصالحهم، فتؤخذ من أدلته، لأنانقول: قد قررنا أن المصلحة من أدلة الشرع، و هي أقواها و أخصها، فلنقدمها في تحصيل المصالح. ثم هذا إنما يقال في العبادات التي تخفي مصالحها عن مجاري العقول و العادات، أما مصلحة سياسة المكلفين في حقوقهم، فهي معلومة لهم بحكم العادة و العقل، فإن ر أينا دليل الشرع متقاعدا عن إفادتها، علمنا أنا أُحلنافي تحصليها علي رعايتها، كما أن النصوص لما كانت لا تفي بالأحكام، علمنا أنا أحلنا بتمامها علي القياس، و هو إلحاق المسكوت عنه بالمنصوص عليه بجامع بينهما، و الله عزوجل أعلم بالصواب.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[12 - 11 - 03, 10:23 ص]ـ
يقول محمد أبو زهرة في كتابه ابن حنبل
لم نجد من يجوز تخصيص النصوص بكثرة، و نسخ بعضها بالاجتهاد إلا بعض الشيعة كالشيعة الامامية، فانهم لم ينهوا النسخ و تخصيص النصوص بانتقال النبى (صلى الله عليه و سلم) إلى الرفيق الأعلي، بل أجازوا لأئمتهم مخالفتها بعلوم تلقوها، و لقد وجدنا «الطوفي» يقاربهم لأنه جعل المصلحة تنسخ النصوص و تخصها، فأحل المصلحة محل الأئمة، و التقى الرأيان فى أن النص بعد الرسول لا يزال قابلا للنسخ و الإخراج من عمومه إن وجدت مصالح على مسلك الطوفى أو رأى الامام على مذهب الشيعة
0000
و على ذلك نقرر أن مهاجمته للنصوص و نشر فكرة نسخها أو تخصيصها بالمصالح المرسلة، هى أسلوب شيعى أريد به تهوين القدسية التى تعطيها الجماعة الإسلامية لنصوص الشارع، و الشيعة الإمامية يرون أن باب النسخ و التخصيص لم يغلق، لأن الشارع الحكيم جاء بشرعه لمصالح الناس فى الدنيا و الآخرة. و أدرى الناس بذلك الإمام، فله أن يخصص كما خصص النبى صلى الله عليه سلم، لأنه وصى رسول الله أوصيائه، وقد أتى الطوفى فى رسالته بالفكرة كلها، إن لم يذكر كلمة الإمام ليروج القول وتنتشرالفكرة
¥