تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بجانب ما تقدم من علوم تتطلبها دراسة علم الأصول فهنالك علوم أخرى لها أهمية بالنسبة لدارس الأصول مثل علم الكلام أو العقيدة التي هي من مقدمات علم الأصول، ليتوصل بذلك إلى ثبوت الكتاب والسنة ووجوب صدقهما ليتوصل بذلك إلى الفقه [7] وكذلك فإن قضايا متعددة خلال أبواب الأصول تحتاج إلى زاد من العقيدة مثل قضايا التعليل، وصفات الأفعال العقلية واتفاق أو عدم اتفاق الشرع معها، وغير ذلك من القضايا التي تتطلب التسلح بسلاح العقيدة ليكون بحثها على بينة من الأمر.

من هنا يتبين لنا كيف أن علم أصول الفقه هو من أكثر العلوم خصوبة ودسامة، وأن دراسته وتعمقه غاية في الإمتاع وإشباع النهم العلمي هذا بجانب أهميته وخطورته التي أوضحناها سالفا وهي أنه تحقيق لمصادر وقواعد استخراج الأحكام التي تضمنتها شريعة الله للخلق.

ولا غرابة أن تتطلب دراسة علم أصول الفقه الإسلامي ولوج أبواب هذه العلوم المختلفة، وكيف تكون هنالك غرابة بينما تتطلب دراسة القوانين الوضعية - وهي محصورة الفائدة في هذه الدنيا - دراسة العديد من العلوم، ولنستمع إلى أحد كتاب الفقه القانوني الوضعي وهو اللورد "راد كليف" يقول في كتابه (القانون ومحيطه) يقول ما ترجمته:

"أرجو أن لا تخطئ فهمي أو تظن أنني أقلل من أهمية واحد من أعظم الدراسات الإنسانية إذا قلت: إننا لا نستطيع أن نفهم القانون بتعلمنا للقانون، فالقانون أكبر من هذه المصطلحات التي ندرسها بمقدار عظيم، فهو جزء من التاريخ، وجزء من الاقتصاد، وجزء من الاجتماع، وجزء من علم الأخلاق وفلسفة الحياة" [8].

فإذا كان هذا هو حال القانون الوضعي ومصادره - وهو محدود الدائرة - وإذا احتاج القانون الوضعي لدراسة كل هذه العلوم وسبر أغوارها، فكيف بالشريعة الإسلامية وأصولها وهي غير منحصرة في هذه الحياة الحاضرة بل تتعداها لتضمن مصلحة الحياة الآخرة أيضا، لا شك أنها أوسع نطاقا وأشمل بحيث تشمل النظرة إلى مصادرها العلوم الأساسية التي تستمد منها صيانة المصلحة في هذه الحياة ثم تنفرد بالعلوم الأخرى وعلى رأسها القرآن الكريم والسنة النبوية واللغة العربية التي هي أساس فهم القرآن الكريم.

فعلم أصول الفقه ليس كما يتصوره البعض، علما محصورا في تعريفات ومناقشات لفظية، وعلما جافا غير أخاذ بحيث لا يتسع ليشبع نهم النفوس، فهو عكس ذلك تماما كما حاولنا توضيح ذلك في الفقرات الفائتة، وكما يدرك ذلك علماء الأصول الذين عاشوا تجربة دراسته وتدريسه.

أسباب عدم وضوح الرؤية:

كثير من الدارسين لعلم الأصول تتعسر عليهم الرؤية الواضحة لحقيقة هذا العلم ولخصوبته، وعليه فهم يعتبرونه - كما أشرنا أعلاه - علما يتسم بالجفاف والتعقيد والانحصار في مناقشات لفظية أو منطقية ثم ردود على المناقشات وردود على الردود وهلم جرا، ثم بعد ذلك تكون الحصيلة ضئيلة، وهذا المفهوم يبعث في نفوسهم مللا من دراسة الأصول ونفورا منه، وربما مر بنا هذا الإحساس في عهد الطلب، وبذلك ينصرف الدارسون عن هذا العلم العظيم الغزير المليء بالفوائد والتي تتجلى فيه مناهج بحث وضعها علماؤنا السابقون لم يسبق لها مثيل، ونادرا ما تجد أحدا يقبل على هذا العلم إلا مضطرا لأداء امتحان مثلا، ثم لا تجده بعد ذلك يتناول مرجعا من مراجع الأصول ليطلع فيه طائعا مختارا مستسيغا له متعمقا في معانيه.

هذا الشعور الذي ينتاب المبتدئ في دراسة هذا العلم، وغالبا ما يظل معه خلال حياته العلمية، له أسباب نذكر منها بعضا في الفقرات التالية:

لعلنا نستطيع القول بأن الأسباب التي تؤدي إلى مثل هذا الإحساس وهذا المفهوم تنقسم إلى مجموعتين:

(1) المجموعة الأولى ترجع إلى الاضطراب في التكوين الثقافي والفكري والبيئي للنشء في المجتمع الإسلامي.

(2) والمجوعة الثانية ترجع إلى كتب الأصول نفسها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير