تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فعائشه رضي الله عنه لم تسلم بفهم هذا الحديث على عمومه ابتداءا لما وقع عندها اشكال في معنى هذا الحديث معنى استشكالها طبعي لا شرعي مع ذلك سألت النبي صلى الله عليه و سلم حتى تتبين هل هذا الحديث على عمومه أم لا؟

فيقال أيظن ظان لو أن الصحابة إذا ورد عندهم حديث عن النبي صلى الله عليه و سلم ثم بادروا بالعمل به أبدارهم هذا كان عن غلبة ظن او جزم من عدم وجود المخصص أم من غير ذلك أي انهم كانوا يبادروا على كل حال سواء غلب على ظنهم عدم وجود المخصص أم لم يغلب على ظنهم لأن المراد عندهم هو المبادرة باتباع النبي صلى الله عليه و سلم.

الدليل الرابع: أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: كانت لا تسمع شيئا لا تعرفه، إلا راجعت فيه حتى تعرفه، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من حوسب عذب). قالت عائشة: فقلت: أوليس يقول الله تعالى: {فسوف يحاسب حسابا يسيرا}. قالت: فقال: (إنما ذلك العرض، ولكن: من نوقش الحساب يهلك).

فهذه عائشه رضي الله عنها كانت تراجع النبي صلى الله عليه و سلم فيما لا تعرفه و معلوم أن تخصيص العموم يدخل في ذلك فلو ان هناك عام و ظنت ظانه له مخصصا لما تركت سؤال النبي صلى الله عليه و سلم.

و هذا الحديث فيه دلالة واضحة أن عائشة لما تعارض عندها قول الله تعالى {فسوف يحاسب حسابا يسيرا} مع عموم قول النبي صلى الله عليه و سلم بادرت بسؤاله و لم تبادر بالتمسك بقول النبي صلى الله عليه و سلم.

فما تركت عائشه سؤال النبي صلى الله عليه و سلم و بادرت في العمل بالدليل إلا و غلب على ظنها او جزمت بعدم وجود المعارض.

و هذا ما نريد أن نثبته أن من غلب على ظنه عدم وجود المعارض او جزم بذلك جاز حينها العمل بالعموم و لا تكن هذه الغلبة و الجزم بغير بحث و استفراغ وسع خاصة عند المتأخرين.

الدليل الخامس: عن عبدالله قال:

جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إني عالجت امرأة في أقصى المدينة. وإني أصبت منها ما دون أن أمسها. فأنا هذا. فاقض في ما شئت. فقال له عمر: لقد سترك الله، لو سترت نفسك. قال فلم يرد النبي صلى الله عليه وسلم شيئا. فقام الرجل فانطلق. فأتبعه النبي صلى الله عليه وسلم رجلا دعاه، وتلا عليه هذه الآية: {أقم الصلاة طرفي النهار وزلفى من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين} [11/هود/114]. فقال رجل من القوم: يا نبي الله! هذا له خاصة؟ قال "بل للناس كافة". الحديث اخرجه مسلم بهذا اللفظ.

و لفظ آخر عند مسلم كذلك عن عبدالله بن مسعود؛

أن رجلا أصاب من امرأة قبلة. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له. قال فنزلت: {أقم الصلاة طرفي النهار وزلفى من الليل، إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين} [11 /هود /114]. قال فقال الرجل: ألي هذه؟ يا رسول الله! قال "لمن عمل بها من أمتي".

فهذا الرجل لما رأى أن النبي صلى الله عليه و سلم دعاه و تلا عليه هذه الآية و كان هو السبب في تلاوة هذه الآية عليه ظن أن هذا الأمر قد يكون مخصص للآية و إلا فهذا الرجل كان يعلم ان لفظ الآية عام فبين النبي صلى الله عليه و سلم أنها للأمة كافة.

فهذا الرجل لو كات جازما أو غلب على ظنه أنها خاصة به لما سأل النبي صلى الله عليه و سلم و لو جزم أو غلب على ظنه أنها عامة للأمة لما سأل النبي صلى الله عليه و سلم و لكن لما تعارض عنده سبب تلاوة الآية مع عمومها بادر بسؤال النبي صلى الله عليه و سلم فكيف يقال إذا ان الصحابة رضي الله عنهم لم يكونوا يسألوا النبي صلى الله عليه و سلم هل هذه الآية لها مخصص أم لا؟.

الدليل السادس: قال اِبْن جَرِير: حَدَّثَنِي يُونُس أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب أَخْبَرَنِي يُونُس بْن يَزِيد عَنْ اِبْن شِهَاب عَنْ سَعِيد بْن مَرْجَانَة سَمِعَهُ يُحَدِّث أَنَّهُ بَيْنَمَا هُوَ جَالِس مَعَ عَبْد اللَّه بْن عُمَر تَلَا هَذِهِ الْآيَة" لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الْأَرْض وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبكُمْ بِهِ اللَّه فَيَغْفِر لِمَنْ يَشَاء " الْآيَة فَقَالَ: وَاَللَّه لَئِنْ آخَذَنَا اللَّه بِهَذَا لَنَهْلِكَنَّ ثُمَّ بَكَى اِبْن عُمَر حَتَّى سَمِعَ نَشِيجه قَالَ اِبْن مَرْجَانَة: فَقُمْت حَتَّى أَتَيْت اِبْن عَبَّاس فَذَكَرْت

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير