تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بذكائِه " وقال عن ابن المُغَلِّس: " الإمام العلامة، فقيه العراق " وقال عن ابن أبي عاصم: " حافظٌ كبيرٌ، إمام بارعٌ مُتَّبعٌ للآثار " وقال عنه أيضاً أبو نعيم: " كان فقيهاً ظاهري المذهب ولي القضاء بإصبهان ومنذر بن سعيد الذي قال عنه الذهبي: " كان فقيهاً محققاً " وقال ابن بكوال: " لم يكن بالأندلس أخطب منه، مع العلم البارع، والمعرفة الكاملة , واليقين في العلوم، والدين، والورع، وكثرة الصيام والتهجد، والدَّع بالحق وابن حزم الذي قال عنه الذهبي: " وأخضع لفرط ذكائه وسعة علومه ". بل وصفوا بمتانة الدين والورع وشدة تحري الحق، فهل بعد هذا الثناء من ثناء؟! قال العلامة أبو إسحاق الشيرازي الشافعي في كتابه " طبقات الفقهاء " (97) بعدما ذكر فقهاء الصحابة والتابعين، قال: ثم انتهى الفقه في جميع البلاد التي انتهى إليها الإسلام إلى أصحاب الشافعي ومالك وأحمد وداود وانتشر عنهم الفقه في الآفاق، وقام بنصرة مذاهبهم أئمة ينتسبون إليهم وينصرون أقوالهم "، وقال يحيى بن سلامة بن الحسين أبو الفضل الطنزي يذكر كبار الفقهاء في أبيات الشعر.

وإن شئت أركان الشريعة فاستمع ... لتعرفهم واحفظ إذا كنت سامعا

محمد والنعمان ومالك وأحمد ... وسفيان واذكر بعد داود تابعا

قال مبارك: هل خفي حال علماء الظاهر على هؤلاء الأئمة الذين اطنبوا في الثناء عليهم وعدوهم من أئمة الدين المقتدى بهم، حتى أتيت أنت في القرن الرابع عشر واستدركت عليهم ما كان عنهم خافيا، وهذا اتهام لهم بقلة العلم، واتهام بقلة التقوى؛ لأنهم يطلقون الكلام على عواهنه من غير تحقيق وتدقيق، وهذا يدل منك على سفهٍ وطيش، نسأل الله السلامة.

* أما قولك (الظاهرية ليسوا من أهل الفقه) دعوى تفتقر إلى دليل، وما كان هكذا فهو ساقط بيقين لبرهانين:

ـ أحدهما: قوله تعالى: (قُلْ هاتوا بُرْهانَكُمْ إن كنتم صادقين) فصح أن كل من لا برهان له فليس بصادق في دعواه.

ـ والثاني: أنه لا يعجز مخالفك أن يدعي كدعواك، فيقول: الظاهرية هم أهل الفقه، ونفيهم للقياس؛ لأنه غير شرعي، ومن يقول بالقياس ليس من أهل الفقه؛ لأنه استدل بدليل ليس من الشرع يُحرم به في دين الله تعالى ويُحلل، وتُفرض به الفرائض، وتسقط به الشرائع، وتحدث به الديانة، ويحكم به على الله عز وجل؟ إنّ هذا لهو الضلال المبين. والله تعالى يقول مخاطباً لنبيه صلى الله عليه وسلم: (وانزلنا إليك الذكر لتُبين للناس ما نُزّل إليهم)، فلم يجعل الله عز وجل التبيين إلا في حديث رسوله صلى الله عليه وسلم، قال الإمام ابن قيم الجوزية في " أعلام الموقِّعين " (1/ 254): ونحن نقول قولاً ندين الله به ونحمد الله على توفيقنا له ونسأله الثبات عليه: إن الشريعة لم تحوجنا إلى قياس قط، وإن فيها غُنْية وكفاية عن كل رأي وقياس وسياسة واستحسان، ولكن ذلك مشروط بفهم يؤتيه الله عبده فيها، وقد قال تعالى: (ففهَّمْناها سُليمان)، وقال علي كرم الله وجه: إلا فهماً يؤتيه الله عبداً في كتابه، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعبدالله بن عباس: " اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل "، وقال أبو سعيد: كان أبو بكر أعلمنا برسول الله

صلى الله عليه وسلم، وقال عمر لأبي موسى: " الفَهْم الفَهْم ".

ثم قل لي كيف تخرج فقهاء ومحدثين فضلاء بحجة انكارهم للقياس، وأنت تعرف أن من يثبت حجية القياس أدَّاه إلى ذلك اجتهاده، وهم أيضاً أدَّاهم اجتهادهم إلى نفي القول بالقياس، فكيف يُرَدُّ الاجتهادُ بمثلِهِ؟! ثم لا يخفى على المنصف أن أهل الظاهر ألفوا في كل مسألة فقهية اختلف فيها الناس أو اتفقوا، فلم يضق عليهم ظاهر الشرع المهيمن على الزمان والمكان، وكتاب الإيصال والمحلى أنموذج لذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير