ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[20 - 01 - 05, 10:17 م]ـ
الأخ الحبيب: عبد الرحمن بن طلاع المخلف حفظه الله
لقد قلتم إن خبر الواحد يفيد الظن الراجح ولا يفيد العلم، وسقتم أدلة كثيرة تؤيد ما ذهبتم إليه من رأي.
ولي ملاحظات:
أولا:
إن فعل عمر مع أبي موسى الأشعري لم يكن سنة ومنهجا متبعا منه رضي الله عنه، وإنما هي حادثة استوجبت منه التثبت ولم يكن يفعل ذلك في كل مرة.
وإن قلتم بل هذا الفعل يفيد أنه لا يؤخذ القول حتى يؤيد بالقرائن،
قلت هذا قولنا: ولذلك اصطلح العلماء على أن لا يقبل الخبر حتى يستوفي شروطه الخمسة من اتصال السند وعدالة الرواة وضبطهم والخلو من الشذوذ والعلة،
ثانيا:
إن كان الخبر الذي يوجب العلم عندكم هو المتواتر فأقول إن المتواتر من شرطه رواية الجمع من الرواة في كل طبقة من طبقات السند بما فيها طبقة الصحابة، وإلا فهو خبر آحاد.
ثالثا:
إن إرسال معاذ إلى اليمن يفيد العلم لا من قبيل ما ذكرتم من عدالة الصحابة وإمكان التثبت، وإنما من قبيل أن أهل اليمن لم يطلبوا من معاذ أن يأتي بعدد من الرجال معه حتى يقبلوا ما جاء يدعو إليه.
رابعا:
خذ على سبيل المثال حديث (عند القائلين بصحته) سماك عن عكرمة عن ابن عباس في الرجل الذي رأى الهلال، تأكد النبي من إسلامه وأمره بإخبار الناس بذلك. ولم يطلب منه الإتيان بمن يعضد ادعاءه.
خامسا
حديث ذي اليدين. ليس فيه دليل ألبته، وإنما الداعي إلى سؤال الصحابة أنهم كانوا كلهم حاضرين في الصلاة ولم يقد أحد بقول ذي اليدين، مما دعا إلى التثبت.
قال مصطفى غفر الله له:
إن تلقي الأمة بالقبول لخبر الواحد قرينة كافية لإفادة العلم.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية (13/ 251 - 252):
"ولهذا كان جمهور أهل العلممن جميع الطوائف على أن خبر الواحد اذا تلقته الأمة بالقبول تصديقا له أو عملا به أنه يوجب العلم وهذا هو الذى ذكره المصنفون فى أصول الفقه من اصحاب أبى حنيفة ومالك والشافعى وأحمد الا فرقة قليلة من المتأخرين اتبعوا فى ذلك طائفة من اهل الكلام انكروا ذلك ولكن كثيرا من أهل الكلام أو أكثرهم يوافقون الفقهاء وأهل الحديث والسلف على ذلك وهو قول أكثر الاشعرية كابى اسحق وابن فورك واما ابن الباقلانى فهو الذى أنكر ذلك وتبعه مثل أبى المعالى وأبى حامد وابن عقيل وابن الجوزى وابن الخطيب والآمدى ونحو هؤلاء والأول هو الذى ذكره الشيخ أبو حامد وابو الطيب وابو اسحق وأمثاله من أئمة الشافعية وهو الذى ذكره القاضى عبدالوهاب وأمثاله من المالكية وهو الذى ذكره ابو يعلى وابو الخطاب وابو الحسن ابن الزاغونى وأمثالهم من الحنبلية وهو الذى ذكره شمس الدين السرخسى وأمثاله من الحنفية واذا كان الاجماع على تصديق الخبر موجبا للقطع به فالاعتبار فى ذلك باجماع اهل العلم بالحديث كما أن الاعتبار فى الإجماع على الأحكام باجماع أهل العلم بالأمر والنهى والاباحة. اهـ
ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[20 - 01 - 05, 10:32 م]ـ
من الكتب التي اعتنت بحجية الخبر الواحد خاصة:
خبر الواحد للشيخ أبي عبد الرحمن القاضي برهون وهو من مجلدين طبعته مكتبة الثرات الإسلامي الطبعة الثانية سنة 1999
حجية خبر الآحاد (وهو كتاب صغير الحجم لكنه مفيد في بابه) لشيخنا الدكتور عبد الغني سالم الرافعي (صاحب مختصر المجموع للنووي) و (الأحوال الشخصية للمسلمين في الغرب) وهو فقيه لبناني شافعي متمكن. شيخ مسجد النور ببرلين.
وطبعا: كتب الأصوليين حافلة بالموضوع، وخير ما كتب من تقدم هو ابن القيم في أواخر الصواعق المرسلة وهو فريد في استدلالاته.
ـ[عمر بياتي]ــــــــ[21 - 01 - 05, 05:44 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
كنت قد اقترحت الموضوع ذاته، لكن نبهني أحد الأخوة إلى هذا الموضوع القديم، فأحببت أن أشارك فيه.
لقد قرأت تعليقات الأخوة بارك الله فيهم، وإنني أخالف بعضهم في قولهم بأن خبر الآحاد يفيد العلم واليقين.
وسأقدم الأستدلالات التي أتبناها واحدا تلو آخر، لمناقشتها.
الأستدلال الأول على أن خبر الواحد لا يفيد العلم واليقين هو من كتاب الله:
فأقول للذي يظن أن خبر الواحد يفيد العلم واليقين: هل في كتاب الله آيات سالمة مت التأويل تفيد هذا؟؟
في المقابل هناك آيات تؤكد على أن خبر الواحد لا يفيد العلم واليقين:
قوله تعالى {ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين} قال أبو بكر الجصاص الحنفي على هذه الآية الكريمة: وفي هذه الآية دلالة على أن خبر الواحد لا يوجب العلم إذ لو كان يوجب العلم بحال لما احتيج فيه الى التثبت، ومن الناس من يحتج به في جواز قبول خبر الواحد العدل ويجعل تخصيصه الفاسق بالتثبت في خبره دليلاً على أن التثبت في خبر العدل غير جائز، وهذا غلط، لأن تخصيص الشيء بالذكر لا يدل على أن ما عداه فحكمه بخلافه".
وقول الله تعالى: {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة}.
فالله عز وجل لم يقبل شهادة الواحد في إثبات الزنا بل اشترط أربعة شهود كما دلت على ذلك الآية الكريمة، مما يدل على أن شهادة الواحد لا تفيد العلم ولو كان عدلاً، بل لابد من جمع، واحد بعد واحد حتى يفيد العلم.
وقد احتج بهذه الآية من اشترط أربعة في أقل الجمع الذي يفيد خبرهم العلم وهو المتواتر (أنظر نفائس الاصول للفرافي 6/ 2967 ومقدمة نظم المتناثر للزبيدي وغيرها من كتب الاصول عند الحديث على العدد الذي ثبت به المتواتر).
فإن قيل بأن هذه حالة خاصة في شهود الزنا فقط بدليل ان الله عز وجل طلب في إثبات القتل أو السرقة شاهدين اثنين.
الجواب: ان هذه حجة أخرى لنا، فإن الله عز وجل طلب في إثبات القتل أو السرقة خبر جمع أيضاً لا خبر واحد، والاثنان جمع، قال عليه الصلاة والسلام "الاثنان فما فوق جماعة"، وبهذا أيضاً احتج بعض العلماء على أن اقل عدد لإثبات المتواتر اثنان. وهو خبر واحد بعد واحد.
كل هذا من الأدلة على أن خبر الواحد ولو كان عدلاً لا يفيد العلم واليقين وان أفاد العمل.
¥