ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[27 - 01 - 05, 11:23 ص]ـ
قولك (كان قصدي أن الصحابة الكرام قبلوا حديث تحويل القلبة، وقبلوا أحاديث رؤية الله تعالى، وأحاديث عذاب القبر التي لا يستوجب عليها عمل بل تستوجب الإيمان الجازم أي العلم، وهذا محل إجماع، وفإن سأل السائل عن دليل الإجماع، قلنا بأن عدم اعتراضهم، وقبولهم لهذه الأخبار، وتصديقهم بها، دل على أن ذلك محل إجماع، إذ أن أكثر ديننا مبني على أخبار الآحاد ... ).
أما قبول خبر الأحاد قولا و عملا فهذا محل إجماع بين الصحابة و لا شك و أما أنه يدل على إفادة خبر الواحد الإيمان الجازم فهذا محل خلاف و لو صح هذا الإجماع لما كان هناك خلافا.
و يجب أن يفرق هنا بين الجزم بوجوب العمل بخبر الواحد كأصل كلي عام فنحن نجزم بوجوب العمل بخبر الواحد قولا و عملا و لكن أفراد هذا الأصل لا يشترط أنها تفيد العلم و لنضرب مثلا يوضح هذه الجملة تخليل الأصابع في الوضوء ثبت بخبر الأحاد بغض النظر عن تلقي الأمة له بالقبول فنحن يجب علينا العمل بهذا الخبر لجزمنا بوجوب العمل بخبر الأحاد و لكن هل تحصل لنا العلم الجازم بسنية تخليل الأصابع قد يتحصل لبعضنا لما احتف بهذا الخبر من قرائن و لكن البعض إلى الآن لم يتحصل له العلم الجازم و يعمل بهذه السنة لما غلب على ظنه صحة هذا الخبر.
و هنا تناقض حصل لك في كلامك فقولك (وأحاديث عذاب القبر التي لا يستوجب عليها عمل بل تستوجب الإيمان الجازم أي العلم، وهذا محل إجماع ... ) ينقضه قولك (ولذا أكرر أن قولنا جميعا لا يختلف إطلاقا على أن خبر الآحاد تستوجب العلم إذا اعتضدت بقرينة تلقي الأمة بالقبول،
ويفيد الظن الراجح إذا كان مجردا عنها. لاحتمال ورود الخطأ على الثقة حيث لا عصمة.) فكيف الإيمان بهذه العقائد يستوجب العلم الجازم مع أنها مورية بأخبار آحاد و أخبار الأحاد ير المحتفه بالقرائن عندك تفيد الظن الراجح لإحتمال ورود الخطأ على الراوي الثقة.
قال شيخ الإسلام رحمه الله (وأما قوله هل يكفي في ذلك ما يصل إليه المجتهد من غلبة الظن أو لا بد من الوصول إلى القطع فيقال الصواب في ذلك التفصيل فإنه وإن كان طوائف من أهل الكلام يزعمون أن المسائل الخبرية التي قد يسمونها مسائل الأصول يجب القطع فيها جميعا ولا يجوز الاستدلال فيها بغير دليل يفيد اليقين وقد يوجبون القطع فيها كلها على كل أحد فهذا الذي قالوه على إطلاقه وعمومه خطأ مخالف للكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة وأئمتها
ثم هم مع ذلك من أبعد الناس عما أوجبوه فإنه كثيرا ما يحتجون فيها بالأدلة التي يزعمونها قطعيات وتكون في الحقيقة من الأغلوطات فضلا عن أن تكون من الظنيات حتى إن الشخص الواحد منهم كثيرا ما يقطع بصحة حجة في موضع ويقطع ببطلانها في موضع آخر بل منهم من غاية كلامه كذلك وحتى قد يدعى كل من المتناظرين العلم الضروري بنقيض ما ادعاه الآخر
وأما التفصيل فما أوجب الله فيه العلم واليقين وجب فيه ما أوجبه الله من ذلك كقوله اعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم وقوله فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وكذلك يجب الإيمان بما أوجب الله الإيمان به
وقد تقرر في الشريعة أن الوجوب معلق باستطاعة العبد كقوله فاتقوا الله ما استطعتم وقوله إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما فإذا كان كثير مما تنازعت فيه الأمة من هذه المسائل الدقيقة قد يكون عند كثير من الناس مشتبها لا يقدر فيه على دليل يفيده اليقين لا شرعي ولا غيره لم يجب علي مثل هذا في ذلك ما لا يقدر عليه وليس عليه أن يترك ما يقدر عليه من اعتقاد قوي غالب على ظنه لعجزه عن تمام اليقين بل ذلك هو الذي يقدر عليه لا سيما إذا كان مطابقا للحق فالاعتقاد المطابق للحق ينفع صاحبه ويثاب عليه ويسقط به الفرض إذا لم يقدر على أكثر منه ... ).
و أما قولك (ولا شك إذا دعت الواقعة للتثبت فعلوا، إذ الأصل هو القبول لا التثبت وأنتم حفظكم الله تقولون بالعكس - إن أحسنت فهمكم- أي تقولون إن الأصل التثبت لا القبول،).
لا أعرف من أين فهمت أني أقول بهذا الأصل فالكلام كله كان يدور على هل يفيد خبر الأحاد غير المحتف بالقرائن العلم أم لا؟
¥