الشنقيطي – فعليه بالمنطق، حتى يدرك تمام الإدراك أسلوب المناطقة في الاستدلال، ويقارعهم الحجة بالحجة، ويتأهل للنقد والتنقيح. وكما قال الشوكاني: ليس المراد هنا إلا الاستعانة بمعرفة مباحث التصورات والتصديقات إجمالا لئلا يعثر على بحث ...... سلك فيه صاحب الكتاب مسلكا على النمط الذي سلكه أهل المنطق فلا يفهمه كما يقع كثيراً في الحدود والرسوم .... فإذا كان الطالب عاطلاً عن علم المنطق بالمرة لم يفهم تلك المباحث كما ينبغي. وقال أيضاً: فإن العلم بهذا الفن على الوجه الذي ينبغي يستفيد به الطالب مزيد إدراك، وكمال استعداد عند ورود الحجج العقلية عليه. وأقل الأحوال أن يكون على بصيرة عند وقوفه على المباحث التي يوردها المألفون في علوم الاجتهاد من المباحث المنطقية كما يفعله كثير من المؤلفين في الأصول والبيان والنحو. ا.هـ
ولا يفهم من كلامي هذا عدم توجيه النقد للأصوليين، في تأثرهم بالمنطق. فإن نقدهم ينبغي أن يتجاوز الخلط في النصوص والألفاظ إلى الخلط بين منهجين متباينين.
- وتحصيل هذه المقدمات يكفي فيه "السلم المنورق" مع أحد شروحه، أو كتاب الشنقيطي، ومن أراد التوسع فعليه "بمعيار العلم" للغزالي، وهذا حسبك به. أو كتاب المنطق للشيخ الفاضل/ الباحسين.
- المرحلة الثانية: هذه المرحلة تعتبر بداية البناء والتأسيس لفهم أصول الأقوال والاستدلال لها بالأدلة المعتبرة، لذا على طالب العلم الاهتمام بهذه المرحلة على أكمل وجه. وأعتقد أن كتاب "اللمع" للشيرازي يخدم هذه المرحلة تمام الخدمة.
ولو أن البعض يفضل في هذه المرحلة أن يهتم الطالب ببعض المتون الأصولية التي كان لها عند الأصوليين محل اهتمام ونظر، كالمنار للنسفي، ومختصر ابن الحاجب، والمنهاج، والبلبل، - والطالب الجامعي وغيره قد يكتفي بهذه المرحلة عن تلك، متى ما وفِّق لشيخ يفتح له مغاليق هذه المتون مع الاستفادة بشروحها وكتب المعاصرين -.
وفائدة هذه المتون الكبرى:
- أنها مخدومة بعدة طرق، شروح متعددة لجهابذة من العلماء، وحواشي وتقريرات، ونقد واستدراكات، لمجموعة منهم كذلك. على ما في هذه الكتب أحيانا من الطول والصعوبة، إضافة إلى سؤ الطباعة في كثير من الأحيان، وعلى تشقيق الخلاف اللفظي في بعض الأحيان = لكن في النهاية قراءتها للمتخصص أمر لا خيار فيه، ولو مرورا على أقل تقدير، فإنها لا تخلوا من كنوز، (يغوص البحر من طلب اللآلي) (ودون الشهد إبر النحل).
- ومنها أيضاً: أنها تربي في الطالب ملكة أصولية، يستطيع بها الدخول إلى أمهات الفن، كالتقريب للباقلاني، والبرهان للجويني، وغيرهم من أعلام الأصول، وملاحظة هذا الأمر من الأهمية بمكان، لأن غالب كتب المعاصرين، لا تربي هذه الملكة، ولا تصلح أن تكون بوّابة للدخول إلى كتب المتقدمين، لتباين الأسلوب واللغة.
- وهنا مسألة للنقاش: هل للمذاهب الفقهية أثر في دراسة أصول الفقه؟
وهل التفريق بين طريقة الأحناف والمتكلمين كذلك أثر في دراسة الأصول؟
المتون المذهبية:
- ومتون أصول الفقه المذهبية كالتالي: - وأنا اخترت هذه الطريقة حتى يكون المقال أكثر فائدة، ويجد الكل بغيته -
- المذهب الحنفي: الأحناف لهم متن التنقيح لصدر الشريعة، أو التحرير لا بن الهمام، وكلاهما مخدوم، أو المنار للنسفي وهو أكثر عناية. لكن فائدة التحرير لا بن الهمام أنه جامع بين طريقتي الشافعية والأحناف. ولو أن عبارته مضغوطة وقوية جداً.
- المذهب المالكي: المالكية لهم مختصر ابن الحاجب، وهذا المختصر له شروح في غاية الكثرة لكن غالبها مخطوط أو مفقود. المهم في الأمر أن هذا المختصر صدر له من سنتين، شرح لعالم من علماء المالكية في غاية النفاسة والجودة، حرص فيه على تحرير مذهب الإمام مالك في الأصول وهو "تحفة المسؤول" لأبي زكريا يحيى الرهوني ت: 772هـ.
وبعض المنتحلين لمذهب الإمام مالك - رحمه الله - لهم عناية واهتمام، حفظا وتدريسا وشرحا، بمنظومة "مراقي السعود" خاصة في القطر الموريتاني، وهي من أجود المنظومات في الأصول، وعلاقة هذا النظم بجمع الجوامع، كعلاقة روضة الناظر بالمستصفى للغزالي.
¥