تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إن موضوع ألقاب الفقهاء العلمية وغيرها من الألقاب الفخرية والآداب في الألفاظ: هو من مسائل العلم التي عني بها العلماء – قديماًوحديثاً- بالبحث

ص281

والتوجيه تبعاً واستقلالاً، على اختلاف مشاربهم: مفسرين ومحدثين وفقهاء ومؤرخين وأدباء (1).

فمن علوم الحديث والإسناد الذي أولاه العلماء اهتمامهم: معرفة ألقاب الرواة والمحدثين التي يشتهرون بها، وذلك أنهم كثيراً ما يُذْكَرُون في الأسانيد بألقابهم دون أسماءهم، فيصعب معرفة حال السند لمن لا يدري لقب الراوي، ويتوقف العمل بحديثه حتى يُعرف حاله: من الثقة والضبط، والإتقان والحفظ، ولذلك ألَّف العلماء المتقدمون والمتأخرون كتباً في معرفة الأنساب والألقاب، وما يتصل بكشف الأسماء المبهمة أو المشتركة بين العلماء؛ ليتم لأهل العلم الحكم على الراوي بقبول روايته أو ردها؛ استناداً إلى معرفته وتبيينه على سبيل العلم واليقين (2).

... [حذفت جملة مكررة المضمون].

وتكمن أهمية كتب الأبحاث التي ألفت في الألفاب كما قال الخوانساري:

"كتاب الألقاب يُذكر فيه منشأ تلقب المتلقبين بما لقبوا به ... (4).

ونلخص أهمية الوقوف على ألقاب الفقهاء في النقاط التالية:

-الوقوف على الاسم الحقيقي لصاحب اللقب؛ وذلك لأن كثيراً من ألقاب العلماء أشهر من أسمائهم، ولا يعرف شيء عنهم.

-لتنزيل الناس منازلهم (5).

-نسبة الأقوال إلى أصحابها بدقة وأمانة، وعدم اختلاط الألقاب والأسماء بغير أصحابها.

- لمعرفة سبب التلقيب قدر الإمكان.

(1) تغريب الألقاب العلمية: بكر أبو زيد، ص5.

(2) مقدمة تحقيق كتاب " نزهة الألباب في الألقاب ": عبد العزيز السديري، ص1.

(4) روضات الجنات: الخوانساري، ص411.

(5) جواهر العقود: السيوطي، 2/ 477.

ص282

-إن معرفة الألقاب – ومنها ألقاب الفقهاء – من الأمور النفيسة والعلوم الجليلة (1)، كما أشار إلى ذلك كثير من العلماء.

-لأهمية موضوع ألقاب الفقهاء عقد له العالم الحنبلي ابن بدران فصلاً كاملاً من كتابه المدخل إلى الفقه الحنبلي حيث قال: " العقد السادس: فيما اصطلح عليه المؤلفون في فقه الإمام أحمد مما يحتاج إليه المبتديء وأبرز الأسماء التي تُذكر في مصنفاتهم " (2).

(1) مقدمة كتاب " الألقاب " للجياني: د. محمد أبو الفضل، ص9.

(2) المدخل إلى مذهب الإمام أحمد: ابن بدران، ص405.

ـ[أشرف بن محمد.]ــــــــ[15 - 03 - 05, 10:19 ص]ـ

المطلب الثالث

العلوم والفنون التي دخلتها الألقاب

لقد دخلت الألقاب علوماً وفنوناً مختلفة: كالتفسير ومصطلح الحديث والفقه والتاريخ والأدب والشعر ورتب الجيش والسلطان.

-فمن المفسرين من يبحثها في تفسير آية الحجرات {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ} [الحجرات /11]

-وفي تفسير قوله تعالى: {لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا} [مريم/7]، وقوله تعالى: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه/44].

-والمحدثون يعقدون لها أبواباً في كتب الأدب والرقاق من مؤلفاتهم الحديثية، ففي تراجم النووي على صحيح مسلم قال: (كتاب الألقاب)، و في مصنفات أهل الاصطلاح، وآداب العالم والمتعلم: تبيان ألقاب المحدثين، وما يلحق بذلك استطراداً عند بعضهم.

-وفقهاء الشريعة يذكرونها – عرضاً- في مباحث تسمية المولود، وأخريات الجهاد، وباب الردة، ونحو ذلك في مناسبات فقهية، كمباحث القضاء والفتيا (3).

(3) تغريب الألقاب العلمية ص7

ص283

وفي كتب المذاهب اشتهرت ألقاب بعض الفقهاء، لصقت بهم،و قد لا تُعرف أسماؤهم الحقيقية، وقد تكون مشتركة بين أكثر من عالم في المذهب الواحد، أو بين المذاهب الفقهية الأربعة، مما يستوجب بيانها،وبخاصة الأسماء المبهمة منها، ومع الأسف – وكما سبق أن نبهت في مقدمة البحث – فإن ألقاب الفقهاء لم تفرد بالدراسة كما كان الأمر في ألقاب المحدثين، أو ألقاب الشعراء.

- وقد اهتم علماء الأدب والشعر بالألقاب؛ لأهميتها، ولأن كثيراً من الأدباء والشعراء اشتهروا بألقابهم، وهناك شعراء لقبوا بأشعارهم، والحقيقة أن الشعراء استأثروا بالكثير من ألقاب الرجال، إذ قلما نعثر عل شاعر لم يحظ بلقب اختاره لنفسه، أو اختاره له غيره، وقد فطن لهذا الأقدمون، فوضعوا العديد من المصنفات، واستقصوا بها ما وصل إليهم من تلك الألقاب (1)، مثل ما صنع ابن حبيب (245هجرية) في كتابه " ألقاب الشعراء "، أو ابن الفوطي (723هج) في " مجمع الآداب في معجم الألقاب " (2).

-كما كان لرتب الجيش والسلطان وأرباب الوظائف نصيب في موضوع الألقاب، فمن ألقاب السلطان: الخليفة، الملك، الأمير، الإمام.

-وهناك ألقاب أرباب الأقلام (3)، منها: القاضي، والمحتسب (4)، والكاتب (5)، وصاحب المظالم (6).

(1) معجم ألقاب الشعراء: العاني، د. سامي مكي ص5.

(2) وسوف نذكر في ختام هذا المبحث إحصاء لمعظم المصنفات التي أُلفت في موضوع الألقاب في جميع الفنون والتخصصات.

(3) أرباب القلم: هم أكابر الدولة والمسؤولون، وأصحاب الوظائف المهمة في البلد (جواهر العقود 2/ 478).

(4) المحتسب: وهو من يأمر بواجبات الشرع، وينهى عن محرماته (روضة الطالبين 10/ 217).

(5) الكاتب: وهو الذي يكتب كتاب الدعوى وأسماء الشهود وشهاداتهم (حاشية البيجرمي 2/ 169، تحفة الفقهاء 3/ 373).

(6) صاحب المظالم: هو المتولي لولاية المظالم، وهي ولاية متخصصة تنظر في القضايا التي عجز القاضي أن ينظر فيها، فينظر فيها [في الأصل: فيه] من كان أقوى منه يداً (الطرق الحكمية ص344، أحكام القرآن –لابن العربي 4/ 61).

يتبع

المطلب الرابع

في تاريخ ونشأة الألقاب

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير