أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب التجيبي الأندلسي الباجي الفقيه المالكي
له:أحكام الفصول في أحكام الأصول , وطبع حديثا.
نقولات مختارة من كتاب: وصية أبي الوليد الباجي الأندلسي لولديه:
http://www.toislam.net/files.asp?ord...m=1934&per=835
ليس استطرادا القول إن المتأمل في تراث العرب في الاندلس والمغرب ينتابه شعور بالفخر والاعتزاز بما خلفه أجدادنا في تلك الديار في حقبة تاريخية، كان لهم فيها شأن عظيم، تركوا فيها بصمات واضحة على الحياة العملية والفكرية في عصرهم وفي لحظات لاحقة، والمتصفح لكتب تراجم العلماء المغاربة يكتشف ذلك دون كثير عناء ونعرض في هذه الالمامة المتواضعة لحياة وعطاءات واحد من هؤلاء الاعلام المتميزين، وهو ابو الوليد الباجي ...
وهو أبو الوليد سليمان بن خلف بن يعد بن أيوب بن وارث الباجي،
وأصل أجداده من بطليوس، ثم انتقلوا الى مدينة باجة الاندلسية.
ولد أبو الوليد الباجي سنة 403 هـ، كما ذكرت المصادر التي ترجمت له، وكذا كتبت أمه تاريخ مولده بخطها، كما في تاريخ دمشق لابن عساكر الذي يتحدث عن أسرته بقوله: «انها أسرة علم واصلاح، وانهم أهل بيت لم يخل بفضل الله ما انتهى اليهم منه من صلاح وتدين وعفاف وتصاون». ثم يذكر أباه وأعمامه وإخوانه، وانهم مشهورون بالعبادة والصلاح والتدين والورع والعفاف. وتجد في بعض المصادر الموثقة نتفا من الحديث عن أسرته، حيث تذكر بعضها: أن أباه كان من تجار القيروان، وكان ذا جاه ومال، ولكنه مع جاهه وحاله واتساع دنياه منقبض عنها، متقلل منها، ثم أقبل على العبادة والاعتكاف الى ان توفي. وكان قد اخذ العلم في بداية حياته عن فقيه اندلسي شهير يدعى «ابو بكر بن شماخ» وكان معجباً به، ويتمنى ان يرزق بولد مثله، وهكذا أشار عليه ان يسكن قرطبة ويلزم أبا بكر القبري، ويتزوج ابنته، عساه يرزق منها ولداً مثل شيخه ... وهكذا عمل بوصية شيخه فكان له ما اراد، أما أمه فكانت فقيهة قارئة، ولا غرابة ان تكون كذلك، فهي بنت فقيه عالم وهو ابو بكر محمد بن موهب بن محمد القبري (ت سنة 406هـ) وهي ايضاً أخت الفقيه المحدث الأديب الخطيب الشاعر أبي شاكر عبد الواحد بن محمد (377 - 456 هـ)، قال عنه ابن بشكوال في الصلة 2/ 378: كان حسن الهيئة والخلق، حسن الهدي والسمت، وكان أشبه الناس بالسلف الصالح. اما إخوته فيذكر عنهم انه لم يكن منهم الا مشهور بالحج والجهاد والصلاح والعفاف. ويقول عنهم القاضي عياض في ترتيب المدارك 4/ 808: وكان له أخوة فضلاء، ويذكرهم ابن عساكر في تاريخه فيقول: ان احدهم كان صاحب الصلاة بسرقسطة، وآخر كان من أدل الناس ببلاد العدو في الغزو، حتى أنه كان يعرف الارض بالليل بشم التراب.
ولقد عرفنا من اولاد ابي الوليد الباجي غلامين نجيبين، هما ابو الحسن محمد، وأبو القاسم أحمد، وقد اعتنى بهما ابوهما عناية فائقة وعمل على تربيتها التربية القويمة، وكتب لهما وصية جامعة مانعة، اوصاهما فيها بالتمسك بالعقيدة الصحيحة وشرائع الاسلام ومعالي الاخلاق ومحاسنها، وطبعت هذه الوصية عدة مرات
إلا ان فرحة الباجي بولديه لم تتم، إذ فجع بوفاة اكبرهما، وهو ابو الحسن محمد، وكان نبيلاً ذكياً،فرثاه ابوه مراثي عدة، من ذلك قوله:
أمحمد ان كنت بعدك صابرا صبر السليم لما به لا يسلم
أما الآخر، وهو ابو القاسم أحمد، فقد نشأ نشأة صالحة، وأخذ العلم عن ابيه، وروى عنه كثيراً وخلفه في حلقته التي كان يدرس فيها وكان زاهداً، دينا ورعا، من افهم الناس واعلمهم، وله مؤلفات عديدة تدل على حذقه ونبله، منها البرهان على ان اول الواجبات الايمان، ومعيار النظر، والعقيدة في المذاهب السديدة، وقد توفي في مدينة جدة بعد الحج من سنة اربعمئة وثلاث وتسعين.
علمه: إذا، فقد نشأ ابو الوليد في بيئة علم واصلاح، فأبوه عالم، وأمه فقيهة، وجده لأمه فقيه، وخاله فقيه محدث، واخوته صالحون مجاهدون، فلا غرابة ان يأخذ من علم هؤلاء جميعاً وصلاحهم، وان يبرز في مختلف العلوم حيث برع في علم الحديث وعلله ورجاله، والفقه وغوامضه وخلافه، وفي الكلام ومضايقه.
¥