تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يقول ابن بدران: ". . . وإنما كان الإفتاء موكولاً إلى العلماء الأعلام، واستمر ذلك إلى أن دخل السلطان سليم العثماني دمشق سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة من الهجرة، وامتلكها، فرأى كثرة المشاغبات بين المدعين للعلم، فخصص إفتاء كل مذهب برجل من علمائه الأفاضل قطعاً للمشاغبات، ثم طال الزمن، فتولى هذا المنصب الجليل كثير ممن لا يدري ما هي الأصول؟! وما هي الفروع؟! فوسد الأمر إلى غير أهله، وأعطي القوس غير باريها " [10] أ هـ.

المسألة التاسعة [11]:

كثيراً ما مر معنا في المسائل السابقة أن لابد أن يكون المفتي أهلاً للفتوى، ولا تتأتى معرفة أهلية المفتي للإفتاء، إلا بمعرفة الشروط الواجب توافرها فيه، ولقد تكلم العلماء عن تلك الشروط، وليس هذا مجال بحثه؛ لأنه مما يتعذر على عامة الناس الخوض في تلك الشروط وتطبيقها على من يريدون استفتاءه. ولذا فسوف أبين بعض الدلائل التي من خلالها يعرف العامي أهلية هذا العالم للفتوى. من تلك الدلائل:

1ـ أن ينصَّب العالم للفتوى، بمشهد من أعيان العلماء دون أن ينكروا عليه.

2ـ أن يرى الناس يأخذون عنه ويستفتونه في كل ما يعرض لهم.

3ـ أن يخبره من يثق به أن هذا العالم من أهل الفتوى.

4ـ أن يسمع عالماً من علماء المسلمين يثني على علم هذا العالم.

5ـ أن يستفيض بين الناس أن هذا العالم أهل للفتوى.

فإذا توفر دليل من هذه الدلائل فإنه يدل على أهلية المفتي للفتوى.

المسألة العاشرة [12]:

على المستفتي أن يعلم أن المفتي عالم من علماء المسلمين، فقد يتوقف في بعض المسائل فلا يقول فيها بحكم، وقد يجهل حكم بعض المسائل. وكل ذلك لا يحط من قدره فكم من إمام عالم سئل عن مسألة فقال: لا أدري. يقول أبو بكر الأثرم: سمعت أحمد بن حنبل يستفتى فيكثر أن يقول: " لا أدري " ومع ذلك الناس مقبلون على سؤاله وقبول فتاواه.

وهذا الإمام مالك رحمه الله يقول: " إني لأفكر في مسألة منذ بضع عشرة سنة فما اتفق لي فيها رأي إلى الآن ".

فإذا سأل المستفتي المفتي وقال: لا أدري فيجب أن لا ينقدح في ذهن المستفتي أن هذا الجواب ينقص من قدر المفتي بل على العكس من ذلك حيث إن هذا مما يزيده ويرفع من منزلته؛ إذ بسبب مخافته من ربه لم يتكلم فيما لا يعلم.

المسألة الحادية عشرة [13]:

يسوغ الاعتماد على الفتوى المكتوبة، وإن لم يسمع المستفتي الفتوى من المفتي مباشرة، وذلك بشرط أن تثبت نسبة الفتوى إلى المفتي إما لوجود ختمه أو بمعرفة خطه. .

يقول ابن القيم رحمه الله: " يجوز العمل بخط المفتي، وإن لم يسمع الفتوى من لفظه؟ إذا عرف خطه أو أعلمه به من يسكن إلى قوله " [14] أ. هـ.

المسألة الثانية عشرة [15]:

للمستفتي أن يسأل المفتي بنفسه، ويسوغ له أن يرسل ثقة ليسأله ويبلغه الفتوى.

المسألة الثالثة عشرة [16]:

مما يتعلق بالمفتي، وينبغي للمستفتي العلم به:

1ـ لا بأس أن يكون المفتي كفيف البصر.

2ـ لا تصح فتيا الفاسق؛ إذ من الشروط الواجب توافرها في المفتي "العدالة" يقول ابن القيم رحمه الله: " وأما فتيا الفاسق، فإن أفتى غيره لم تقبل فتواه وليس للمستفتي أن يستفتيه " [17] أ. هـ.

المسألة الرابعة عشرة [18]:

ذكر العلماء جملة من الآداب المتعلقة بالمستفتي ينبغي أن يتحلى بها عند سؤاله المفتي، وما ذاك إلا تعظيماً للعلم الذي يحمله المفتي، وتوقيراً لقدره.

من تلك الآداب:

1ـ ينبغي للمستفتي أن يتأدب مع المفتي ويجله في سؤاله.

2ـ ينبغي للمستفتي أن يسأل المفتي في حالة تناسبه، فلا يسأله وهو ـ أي المفتي ـ في حالة غضب أو ضجر أو هم ونحو ذلك مما يشغل القلب.

3ـ ينبغي للمستفتي أن يوضح سؤاله توضيحاً تاماً سواء مسألة مشافهة أو عن طريق الكتابة، مع الحرص على اختصاره واختصاراً غير مخل.

4ـ ينبغي للمستفتي أن يدعو للمفتي في بداية سؤاله، وفي نهايته مثل

(أحسن الله إليكم، جزاكم الله خيراً، نفع الله بعلمكم).

5ـ إذا أجاب المفتي المستفتي، وكان المستفتي على علم بفتوى لأحد العلماء تخالف الفتوى التي سمعها، لا ينبغي له أن يقول له: أفتاني فلان أو غيرك بكذا.

6ـ ينبغي للمستفتي أن لا يطالب المفتي بالحجة على ما يفتي به، أو يقول له لِمَ؟ أو كيف؟.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير