تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

((فالمحرم هو اتباع الظن المتساوي الأطراف و إن كان الظن في الغالب يكون عند ترجح أحد الأطراف و أما عند التساوي فيسمى الشك و كذلك اتباع الظن الراجح من غير اجتهاد أو استفراغ وسع محرم.)) ..

وأقول ..

فالمحرم كل قول ينسب إلى الله تعالى وشرعه بلا نص يوجب ذلك القول ..

فإن ترجحت ظنون وتساوت ثم جاء النص القاطع زالت تلك الظنون كلها ..

وصار أحدها هو القطع لا الظن الغالب أو صار غيرها هو القاطع كما جاء به النص ..

فهذا الذي يحل نسبته إلى الله تعالى وأن نسميه شرع وأن نلزم به الناس ..

فليس الظن شرع ولا ملزم للأمة ولا أحد ..

وهذا موجود عن الصحابة ومن بعدهم أيضاً ..

فنحن لا نتكلم عن ديانة المرء وحده ..

وإنما نتكلم عن الشيء الذي يجوز أن نقول هو من الله تعالى وشرعه ..

ونحكم فيه بين الناس في أموالهم وأعراضهم ودماءهم ..

وقال تعالى ..

{إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن الله غفور رحيم * ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون} النحل 115 - 116

فلم يأذن لأحد أن يتقول عليه وينسب رأيه وظنه إلى الشرع ..

ولا يحل لأحد أن يقول هذا حلال وهذا حرام بالظن ..

وقال تعالى ..

{أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً} النساء 82

ولو كان الواجب اتباع هذه الظنون ونسبتها إلى الله تعالى لأبطلنا الآية السابقة ..

فكل ما كان من الله تعالى فلن تجده مختلفاً ولا متناقضاً في شيء البتة ..

ومن قال أن الظنون توجب الاتفاق كان مبطلاً للحقائق ..

بل اليقين هو الذي يوجب الاتفاق والظن يوجب الاختلاف ..

وما كانت مذاهب أهل الرأي مختلفة إلا بالظنون ..

وليس لظن أحد مزية على ظن غيره في تقديمه ونسبته إلى شرع الله ..

فاعتصمنا بذلك اليقين الواجب علينا فقط ولم ننسب إلى الله تعالى حكماً بظننا ..

ونحن لا ننكر على المجتهد أنه اجتهد واستفرغ وسعه بل هذا مطلوب ..

وإنما ننكر نسبة ذلك الاجتهاد المبني على الظن إلى الشرع وإلى الله تعالى وإلزام الناس به ..

فمن لم يقطع بشيء فلا يحل أن يجعله مساوياً في الحكم كالذي جاءنا بالبرهان اليقيني أنه من الله تعالى ..

بل يقول هذا رأيي فقط وليس هو قول الله وشرعه ..

ويتأسى بالصحابة رضي الله عنهم في أنهم ما أباحوا نسبة ذلك إلى الله تعالى وشرعه ..

وأما قولك حفظك الله ..

((وقال تعالى {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ} النور12 فالمؤمنون يتبعون ما غلب على ظنهم من غير جزم و سبب نزول هذه الآية حادثة الإفك و إذا كان النبي صلى الله عليه و سلم لم يجزم ببراءة عائشة رضي الله عنها فكيف بغيرهم من المؤمنين فيجب على المؤمنين حسن الظن بإخوانهم و اتباع هذا الظن.)) ..

ليس فيها دليل على محل النزاع وهو جواز العمل بالظن في الشريعة وجواز نسبة ذلك الظن إلى الله تعالى ..

بل هي حجة لنا في إبطال العمل بالظن ونسبته إلى الله تعالى ..

بل هي توجب اتباع ما ظهر لنا عند الحكم على الناس ..

فعند رؤيتنا أفعال الناس وأقوالهم موافقة لأقوال وأفعال أهل الإيمان فنحكم أنهم أهل إيمان بما ظهر لنا من حالهم ..

سواء كانوا فساقاً في أمرهم الخفي والباطن أم كفاراً ..

وهذا لا علاقة لنا به بل نحكم بما ظهر لنا من أحوالهم فقط والله يتولى السرائر ..

ولا نطلق الأحكام بما نسمع من القيل دون تثبت ..

بل من سمعنا عنه تلك الأقوال ولم يأت برهان عليها فالواجب علينا جيمعاً أن نحسن الظن بالمؤمنين ..

ولو كان هذا فينا لطلبنا من الناس جميعاً أن يحسنوا الظن بنا ..

فقد أذن الله تعالى وأمر أن نظن بالمؤمنين خيراً ما داموا استحقوا لفظ الإيمان ..

ولا يحل لنا أن نظن بهم غير هذا ..

أما قولك: (أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجزم ببراءة عائشة فكيف بغيرهم من المؤمنين) ..

فلا نقيصة بقول الروافض أن النبي صلى الله عليه وسلم شك في خلق وطهارة وعفاف عائشة .. !

فكل من قال بذلك لم ينصف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمنا رضي الله عنها ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير