ـ[ابن تميم الظاهري]ــــــــ[01 - 07 - 05, 01:44 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ..
التعقيب الرابع ..
قال ابن تميم الظاهري ..
عقب الفاضل (عبد الرحمن المطلاع) في تعقيبه الرابع وذكر أموراً يجب الوقوف عندها وتحريرها ..
وغالب ما ذكره الأخ الفاضل خارج عن محل النزاع في هذا المقال ..
إلا أنني اضطررت لبيانها حتى لا يتوهما أحد أنها من قولنا أو ليست من قولنا ..
قال حفظه الله ونقل عني ..
((و أما قول الأخ الفاضل بن تميم (وكذلك .. ما يطلق عليه ظن راجح ..
إن كان هناك ظن وظن فاحتار الناظر فيهما ثم رجح ظن منهما بناء عن برهان فلا يسمى المرجح بالبرهان ظن راجح بل هو يقين وقطع .. وكذلك ما يطلق عليه ظن غالب .. فنحن بين أمرين إما علم حقيقي وإما علم ظاهر وهو نحو الشهادة وغيرها .. ولو كانت هذه الظنون يأثم مخالفها لأثم أتباع المذاهب كلها ..
لأنه ليس هناك مذهب إلا وهو يخالف غيره بناء على الظن .. وإن قالوا اجتهاد هذا لا يلزم اجتهاد آخر .. قلنا وكذلك القول بالقطع واليقين فهو عمل بالثابت وترك المختلف فيه والمنهي عنه فلا محل للإنكار .. فالأمة كلها أولا تتفق على القطع واليقين من النص ثم يحصل الخلاف بعد ذلك بالظنون .. فهل نكتفي بالقطع هذا أو لا هنا يحصل الخلاف .. فالظاهرية وقفوا وقالوا نكتفي بما ظهر من النص والنصوص الأخرى باليقين .. وأهل الرأي قالوا بالتأويل والصرف ونحوها مما هو ظن .. فانظر في كل مسألة ترى القطع فيها أولاً على أنها من الله تعالى ودلالتها كذلك ثم يجتهد كل طرف في الزيادة على ذلك إما باليقين وإما بالظن .. وهي طرائق ومناهج .. )) ..
ثم قال الفاضل بعد هذا ..
((أقول ذكرت ما نقله شيخ الإسلام من اتفاق أهل المعتبرين على العمل بالظاهر في الأحكام الشرعية و لم يقل أحد من أهل العلم بأنه عن ترجح أحد الظنون أو ترجح ظن معين عندهم و إن لم يكن هناك ظن مزاحم له لم يقل أحد من أهل العلم بأنه جازم على كل حال بما رجحه نعم قد يجزم بعضهم بما ثبت عنده و جزمه هذا مبني على ما بلغه علمه في هذه المسألة ثبوتا و دلالة و فهما و علما و قد لا يتحصل لغير هذا العالم هذه العلوم و الفهوم أو يتحصل له بعضها فيختلف الحكم باختلاف الفهم و العلم نقصا و زيادة)) ..
قد بينا كل ذلك سابقاً في تعقيبنا ..
وقال أيضاً ..
((و أما الإثم فقد أجمع الصحابة و التابعين على أن المجتهد إذا استفرغ وسعه لا يأثم بل يؤجر على اجتهاده كما ثبت في الحديث الصحيح.)) ..
وهذه قضية قد أيدتها والحمد لله تعالى ..
فإن كانت هي حق عندكم أيضاً فلا إنكار على من وقف على القطع عنده ..
فإن كنتم ترون القطع بكذا وكذا فلا تنكروا على من وقف على القطع عنده في كذا وكذا ..
وهذه القضية والإجماع المحكي والنص الوارد فيه حق لا نبطله وهو قولنا آنفاً ..
ولم نقل بتأثيم أحد عمل هكذا البتة ..
وإنما قلت لو كانت هذه الظنون والآراء في المذاهب يأثم مخالفها وتاركها لوقع قائل ذلك بتأثيم أتباع المذاهب والمقلدة كلهم ..
وهم لا يقولون بهذا ..
فصح عندنا أن هذه الظنون والآراء التي لا يقطع بها لا تلزم أحداً من الناس وليست شرع الله تعالى ودينه ..
وهذه قضيتنا التي أثبتها أنا وأنت اعترضت لإبطالها ..
فإن انتفى التأثيم لأحد علمنا أن ذلك الحكم المبني على الظن والرأي ليس مطلوب منا ولا كلفنا الله تعالى بالالتزام به ولا هو من شرعه ..
وإنما هو اجتهاد نال المجتهد به أجر طلب حكم الله ..
ولا علاقة لنا بقوله وظنه ورأيه لأن الله تعالى لم يأمرنا باتباع كل ظن أو الظن الراجح عند قوم وغير راجح عند غيرهم ..
ولو طلبنا من أهل الرأي ضبط هذا الأصل لنا لما استطاعوا ..
فيلزمون الناس التقليد لهذا الرأي والتأثيم إذا التزمه كأنه شرع من الله تعالى وهو لا يخرج عن كونه ظن أحد المذاهب أو العلماء ..
ومخالفهم في هذا الظن كذلك يفعل ويسطر في كتبه ..
فكلاهما ظن لا يرتفع فيه الخلاف وإنما يتأصل ..
والله تعالى دعانا لترك الخلاف والرد إلى كتاب الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ..
فمن قال لا يوجد فيه القطع فقد أبطل النص هذا ..
فعلمنا أن القطع موجود في النص أو بما خوطبنا به من لغتنا ..
فلم نحتج لبيان ذلك بأكثر من هذه الأصول التي أمرنا الله تعالى بها ..
¥