فنعلم أنه لا معنى لإنكار من أنكر على أهل الظاهر وقوفهم على القطع من لغة أو نص أو إجماع أو حس ومشاهدة وترك هذه الظنون كلها ..
فنريد رفع الخلاف ..
فاعتصمنا بكتاب الله تعالى وما أرشدنا من طرق رفع الخلاف والتنازع ..
ومن قال أن الظنون ترفع الخلاف والتنازع ناقض نفسه ..
وقال حفظه الله ..
((و أما الخلاف فهو واقع في الكليات كما يقع في المعينات و تتبع بسيط في كتاب الخلاف حتى المتقدمه كخلاف الصحابة و التابعين يجد أنه قد وقع خلاف بينهم في مسائل كلية)) ..
قال ابن تميم الظاهري ..
لم نقل بهذا عن الصحابة رضي الله عنهم ولا عن أهل الظاهر ..
وإنما كلامنا هنا عن الخلاف في دلالات النصوص وكيفية التصرف فيها ..
فالصحابة وغيرهم ممن اجتهد في تلك المسائل لم يقل أن رأيه شرع الله ولا أنه يجب الالتزام به ..
فحرر لي هذه بارك الله فيك ..
وقلت أيضاً ..
((و لم يتوقف أحد منهم في المختلف فيه و يتمسك بالمجمع عليه بل كل تكلم بما ظهر له لأنهم رضوان الله عليهم)) ..
قال ابن تميم الظاهري ..
من قال أني تكلم بهذه القضية .. ؟!
لم أقل أن الواجب التمسك بما هو مجمع عليه أصلاً .. !
بل قلت أن أهل الظاهر وقوفوا عند القطع من تلك النصوص بما يظهر منها أولاً ..
ولم يصرفوا هذه النصوص ولم يقيدوها ولا يفسروها ولم يخصصوها بالرأي والظن ..
وإنما هذا شأن أهل الرأي ..
فإن قال أحد أن لغتنا تقول أن هذه اللفظة مثلاً وهي (القنطار) تدل على كذا وكذا من الذهب، وقال آخر هي كذا وكذا من الفضة، وقال آخر هي كذا وكذا، وفيها 10 مذاهب وأكثر أيضاً ..
فكيف نفسر هذا ونعرف مراد الله تعالى .. ؟!
فإن رجعنا إلى لغتنا العربية التي خاطبنا الله تعالى بها علمنا أن القنطار يطلق على المال الكثير في اللغة مع أن اللفظ أعجمي ..
واستعمله العرب بهذا المعنى ..
وعلمنا أن من قيده بحد معين أو وزن أو عدد معين أنه من عنده وليس من اللغة ..
ثم جاء عن الصحابة وعمر بن الخطاب يخطب على المنبر يريد الحد من المهور بقدر 500 درهم أو أقل أو أكثر باختلاف ما قيل عنه ..
فقالت المرأة: الله تعالى يقول: {وآتيتم إحداهن قنطاراً} فرجع عن قوله ولم يحد حداً للمهر كما ذهب إليه أهل الرأي وغيرهم ..
وإنما عمل بما عرفه العرب من هذه اللفظة وهو المال الكثير ..
ولا يعنينا أن يكون أحد في زمان ما أو مكان ما يستعمل هذه اللفظة لتحديد قدر معين من المال أو الوزن أو الكمية ..
لأن هذا اللفظ يختلف باختلاف الزمان والمكان فيما تواضع عليه الناس في كل محلة ..
فكما قيل أنه يطلق على الذهب والفضة فقط فقد ورد عن بلدان تستعمله في وزن الثياب واللباس ..
فلا يعنينا هذا التواضع من أهل محلة ..
بل نلتزم ما عرفه العرب في هذه اللفظة وهذا قطع من قائله ..
أما من حدده فيبطله له استعمال العرب ثم ما تواضع عليه الناس ..
فقد أخبرني شيخي ووالدي الأستاذ الدكتور محمد رواس قلعه جي أن في الشام ومصر تستعمل لفظة القنطار على وزن مائة رطل ..
وذكره أيضاً في كتابه معجم لغة الفقهاء ..
فكل هذا لا يكون حاكماً على كتاب الله تعالى ومفسراً للفظه بما يخالف ما خاطبنا به من لغة العرب ..
وكذلك إن جاءنا النص بلفظة ما كلفظة (أكل) فنحن وإياكم نعلم هذه اللفظة وبماذا تستعمل ومتى في لغتنا العربية ..
فلا يصح أن نقول أن كل لفظ أكل في القرآن أو السنة هو بالمعنى المعروف في اللغة ..
لأن النص ورد بمعنى آخر ..
فنضم هذه النصوص لنعلم التفسير الصحيح لتلك اللفظة ..
فعلمنا أن من أخذ مال غيره بسرقة أو خيانة أو غصب أو خديعة أو بإكراه فقد أكل مال غيره بالباطل ..
أي أخذه بغير وجه حق ..
فنفسر النص باللغة أو بالنص أو بالإجماع فقط ..
أما غيرها فليست من المأمور به في الشرع ..
ولا يكون تفسير فلان حجة دون غيره من أهل العلم ..
وقد نستأنس بذكر تفسيرهم إلا أننا لا نلزم بها أحداً من الناس ولا نقول أن ذلك دين الله تعالى إلا حيث أيد ذلك التفسير نص أو إجماع أو لغة فقط ..
فالمسألة التي لا ينكرها أحد ..
أن التفسير باللغة هو مطلوب شرعاً ..
وأن التفسير بالنصوص الأخرى مطلوب شرعاً ..
وأن التفسير بالإجماع مطلوب شرعاً ..
وهذا لا ينكره أحد أصلاً لا من أهل الظاهر ولا من أهل الرأي ..
¥