فنحن نتكلم عن المقطوع من الدلالة بطرق القطع التي أمرنا بها ..
فكل الأمة تتفق على أن هذه الطرق قد أمرنا بها في الشرع ..
أما الطرق الأخرى في فهم دلالة النص فهي ظنية لا يتفق عليها إلا أهل مذهب ما أو مقلدة ما لتلك الطرق ..
وأما القول الحادث ..
فهو القول بأن الحكم بالظنون هو شرع الله، وأن تلك الظنون يجب أن يلتزم بها الناس، وأن الصحابة رضي الله عنهم أفتوا وقالوا فتوانا هي شرع الله تعالى، وجعلوا ملزمة لكل أحد ..
فهذا القول الذي تريدون إثباته ونريد إبطاله ..
لا غيره بارك الله فيك ..
فاقتصر عليه حتى لا اضطر للتعقيب على ما كان خارجاً عن ذلك القول ..
وقال حفظه الله ..
((و القول بأن الظاهرية أخذوا بالمقطوع به و أن أقوالهم كلها مما هو منصوص عليه ثبوتا و دلالة قول باطل نقطع به و لا يختلف فيه عالم فإذا كان الخلاف ثابت قطعا بين الصحابة في الثبوت و الدلالة فمن باب أولى أن يكون ثابت لمن هو خلفهم)) ..
قال ابن تميم الظاهري ..
ما قطعت ببطلانه ذلك لأنك لم تفهم كلامي وقد بينته كثيراً الآن ..
ولا يعني وقوع الخلاف في الدلالة بطلان قول من قال بالقطع ..
فحرر هذه أخي لئلا تقع في تناقض أو إشكال ..
وإذا علمت أن من يقول بالقطع في دلالة ما قد لا يكون قاطعاً لأجل ما ذكرته آنفاً فقد استرحت من الاعتراض بهذا ..
تارة من يقطع يكون قاطعاً بما وصل إليه وبلغه ..
فإن بلغ غيره نص آخر أو إجماع لم يعلم الأول كان قطعه ظناً لأنه قد فاته تتمة ما يحكم به في القطع ..
وهذا يقع كثيراً ممن يقول هذا حكمه كذا يقيناً ..
فلا يعني أن حكمه كان باليقين صحيح ..
لما بينت سابقاً ..
وقال حفظه الله ..
((و كلام الأخ بن تميم يدل على أن هذا مراده (فالظاهرية وقفوا وقالوا نكتفي بما ظهر من النص والنصوص الأخرى باليقين .. وأهل الرأي قالوا بالتأويل والصرف ونحوها مما هو ظن .. فانظر في كل مسألة ترى القطع فيها أولاً على أنها من الله تعالى ودلالتها كذلك ثم يجتهد كل طرف في الزيادة على ذلك إما باليقين وإما بالظن ... ) فدعوى القطع و اليقين لا تسلم لكل من ادعاها فكم من مدعي للقطع و القطع بخلاف قوله)) ..
قال ابن تميم الظاهري ..
دعوى القطع واليقين قد بينا الكلام عليها ..
ولا تسلم تلك الدعوى إلا حيث قام برهان يؤيدها من لغة أو نص أو إجماع فقط ..
وقد تكلمت عن القطع وكيف يكون من المجتهد وبينت أنه لا يلزم قول أحد أنه قطع بكذا أن يكون فعلاً قد قطع لفوات نص أو إجماع ..
وقال حفظه الله ..
((فهؤلاء أهل البدع قطعوا في أمر من المقطوع به بطلان قطعهم بل هذا بن حزم لا بد أنه كان يدعي القطع على أصل بن تميم بأن الاسماء أعلام محضه لا تدل على الصفات و مع ذلك خالفه في قطعه هذا بعض المعاصرين من الظاهرية فبأي قطع نأخذ بقطع المتقدمين من الظاهرية أم بقطع المعاصرين)) ..
قال ابن تميم الظاهري ..
قد بينت أن كلام الإمام ابن حزم الظاهري رحمه الله كان بنص (لا يجوز أن نطلق على الله تعالى وأسمائه لفظ (الصفات) .. ) ..
فهذا نص كلامه ..
فهو يعترض على أن نسمي الرحيم صفة ..
وجاء العلامة الجهبذ ابن عقيل الظاهري وقال أخطأ الإمام في تطبيق أصول أهل الظاهر ..
ولا يعني أيضاً أن كلام العلامة ابن عقيل الظاهري هو المقطوع ..
وإنما العبرة بحقيقة هذه المسألة ..
فهل يجوز أن نقول أن الله تعالى وأسمائه صفات .. ؟!
إذا كان يجوز والقطع بخلاف قول الإمام ابن حزم الظاهري عندك وعند غيرك فاذكر دليل جواز تسمية الله باسم (صفة) ..
فإن كان لا يجوز ذلك عندك فلا تخطئ الإمام فيما تقر به ..
ثم مسألة كون الله تعالى متصفاً بالرحمة أو العلم أو غيرها وإن كانت مشتقة من أسمائه أو أسمائه مشتقة من صفاته فهذا أمر آخر ..
فما الفرق بين دعوى الإمام ابن حزم الظاهري ودعوى من خالفه .. ؟!
فإن كان ابن تيميه مثلاً قال أنه موافق للمعتزلة في باب الصفات ..
فقد قال الإمام أيضاً أن من سمى الله تعالى وأسمائه أنها صفات وافق المعتزلة ..
لأن أول من قال عن أسماء الله تعالى أنها صفات هم المعتزلة ..
فأي دعوى تصح بارك الله فيك .. ؟!
وقولنا هو ..
لا تصح دعوى إلا إذا أيدها برهان من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ..
¥