تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال شيخ الإسلام رحمه الله (وقد تنوعت طرق الناس في جواز هذا؛ فطائفة قالت: لا يتبع قط إلا العلم ولا يعمل بالظن أصلا، وقالوا: إن خبر الواحد يفيد العلم، وكذلك يقولون في الظواهر، بل يقولون: نقطع بخطأ من خالفنا، وننقض حكمه، كما يقوله داود وأصحابه، وهؤلاء عمدتهم إنما هو ما يظنونه ظاهرًا. وأما الاستصحاب، فالاستصحاب ـ في كثير من المواضع ـ من أضعف الأدلة وهم في كثير مما يحتجون به قد لا يكون ما احتجوا به ظاهر اللفظ، بل الظاهر خلافه، فطائفة قالت: لما قام الدليل على وجوب العمل بالظن الراجح كنا متبعين للعلم، فنحن نعمل بالعلم عند وجود العلم، لا نعمل بالظن. وهذه طريقة القاضي أبي بكر وأتباعه. ... ).

قال شيخ الإسلام رحمه الله (أما الأول: فالجواب الصحيح هو الجواب الثالث، وهو أن كل ما أمر اللّه تعالى به فإنما أمر بالعلم، وذلك أنه في المسائل الخفية عليه أن ينظر في الأدلة، ويعمل بالراجح، وكون هذا هو الراجح أمر معلوم عند أمر مقطوع به، وإن قدر أن ترجيح هذا على هذا فيه شك عنده لم يعمل به، وإذا ظن الرجحان فإنما ظنه لقيام دليل عنده على أن هذا راجح، وفرق بين اعتقاد الرجحان ورجحان الاعتقاد، أما اعتقاد الرجحان فقد يكون علمًا وقدلا يعمل حتى يعلم الرجحان، وإذا ظن الرجحان أيضًا فلابد أن يظنه بدليل يكون عنده أرجح من دليل الجانب الآخر، ورجحان هذا غير معلوم، فلابد أن ينتهي الأمر إلى رجحان معلوم عنده، فيكون متبعًا لما علم أنه أرجح، وهذا اتباع للعلم لا للظن وهو اتباع الأحسن، كما قال: {فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا} [الأعراف: 145]، وقال: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} [الزمر: 18]،وقال: {وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم} [الزمر: 55]. فإذا كان أحد الدليلين هو الأرجح فاتباعه هو الأحسن، وهذا معلوم.

فالواجب على المجتهد أن يعمل بما يعلم أنه أرجح من غيره، وهو العمل بأرجح الدليلين المتعارضين. وحينئذ، فما عمل إلا بالعلم وهذا جواب الحسن البصري، وأبيّ وغيرهم. والقرآن ذم من لا يتبع إلا الظن فلم يستند ظنه إلى علم بأن هذا أرجح من غيره؛ كما قال: {مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ} [النساء: 157]، وقال: {قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ

الظَّنَّ} [الأنعام: 148]، وهكذا في سائر المواضع يذم الذين إن يتبعون إلا الظن، فعندهم ظن مجرد لا علم معه، وهم يتبعونه، والذي جاءت به الشريعة وعليه عقلاء الناس أنهم لا يعملون إلا بعلم بأن هذا أرجح من هذا، فيعتقدون الرجحان اعتقادًا عمليًا، لكن لا يلزم إذا كان أرجح ألا يكون المرجوح هو الثابت في نفس الأمر. ... ).

و الأخ قد وافق على أن العمليات يعمل بها بما ظهر لنا و أقر بإجماع شيخ الإسلام و أقر بوجود مرحلة وسط بين اليقين و بين الظن و هي الحكم بالظاهر و من المعلوم أن الحكم بالظاهر لا يكون بيقين فقال (وهذا كما قلت ولا فرق ..

فقول ابن تيميه أن الظاهر هذا محل اتفاق هو ما أنكره علينا الأخ الفاضل ..

ثم استشهد به لقوله .. !

وقلت سابقاً ..

أن أهل الظاهر وقفوا على هذا الظاهر أو وقفوا على ما نقل عن هذا الظاهر ..

والناقل هذا كان بما نقطع أنه في لغتنا أو نص ثابت صحيح أو إجماع متيقن ... ).

فالظاهر واقع لا محالة إما في الكليات أو الجزئيات أو في المعينات و كل هذا إقرار بوجود مرحلة وسط بين اليقين و الظن و هو الظن الراجح

و أقر كذلك بمرحلة وسط في التنزيل فالحكم على المعينات قد يكون بيقين أو بظن و معلوم أن الظن هنا غالب و مرجح بمرجح ظاهر فقال (وفعل النبي صلى الله عليه وسلم يبطل هذا التصرف والحكم ..

فهو حكم بما ظهر له من صلاح الناس وعدالتهم ..

ولم يأته أحد يبطل عدالة الشهود ..

ولا تحرى عن بواطنهم إن كانوا صادقين أو كاذبين ... ).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير