تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولا يحل لنا ههنا أن ننسبه إلى الله تعالى إن كان بناء عن ظن ورأي ..

لأن هذه المسالك لم يطلبها الله تعالى منا أصلاً ..

وإنما طلب منا العمل بما أمرنا به فقط مما يوصلنا إلى القطع في نسبة شيء من الأحكام والديانة إلى الله تعالى ..

وكل طريق لا يوصل إلى القطع فلم نؤمر به .... ).

يجب أن يعلم أن الظن يدخل في فهم كتاب الله تعالى و انظر فهم الصحابة رضوان الله عليهم في فهم القرء كما قال تعالى {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ} البقرة228

فهم لا يختلفون في أن المطلقه تتربص ثلاثة قروء و لكن اختلفوا في معنى القرء هنا قال بن كثير رحمه الله (وقد اختلف السلف والخلف والأئمة في المراد بالأقراء ما هو على قولين: أحدهما) أن المراد بها الأطهار, وقال مالك في الموطأ عن ابن شهاب, عن عروة, عن عائشة أنها انتقلت حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر حين دخلت في الدم من الحيضة الثالثة, فذكرت ذلك لعمرة بنت عبد الرحمن, فقالت: صدق عروة, وقد جادلها في ذلك ناس فقالوا: إن الله تعالى يقول في كتابه {ثلاثة قروء}. فقالت عائشة: صدقتم, وتدرون ما الأقراء؟ إنما الأقراء الأطهار, وقال مالك, عن ابن شهاب: سمعت أبا بكر بن عبد الرحمن يقول: ما أدركت أحداً من فقهائنا إلا وهو يقول ذلك, يريد قول عائشة, وقال مالك عن نافع, عن عبد الله بن عمر, أنه كان يقول: إذا طلق الرجل امرأته, فدخلت في الدم من الحيضة الثالثة فقد برئت منه وبرىء منها, وقال مالك: وهو الأمر عندنا وروى مثله عن ابن عباس وزيد بن ثابت وسالم والقاسم وعروة وسليمان بن يسار, وأبي بكر بن عبد الرحمن وأبان بن عثمان وعطاء بن أبي رباح وقتادة والزهري وبقية الفقهاء السبعة وهو مذهب مالك والشافعي وغير واحد وداود وأبي ثور, وهو رواية عن أحمد واستدلوا عليه بقوله تعالى: {فطلقوهن لعدتهن} أي في الأطهار ... ).

و من المعلوم أن كل قول من هذه الأقوال يريد بن صاحبه أنه هو الذي أراده الله تعالى و لم يتوقف في نسبته لله تعالى و إن كان عن غلبة ظن لا يقين

و يقع كذلك الخطأ في فهم حديث النبي صلى الله عليه و سلم أخرج البخاري و غيره عن ابن عمر، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لنا لما رجع من الأحزاب: " لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة " فأدرك بعضهم العصر في الطريق، فقال بعضهم: لا نصلي حتى نأتيها، وقال بعضهم: بل نصلي، لم يرد منا ذلك، فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم، فلم يعنف واحدا منهم) و من المعلوم أن أحدهما مخطئ و لا شك و من كان مخطئا لم يكن حكمه بيقين و لا شك لأنه لو كان بيقين لأصاب الحق و لا يمكن أن يكون بظن محض من غير مرجح معتبر فلا يكون إلا بظن غالب بمرجح معتبر لذا لم يعنفه النبي صلى الله عليه و سلم ثم إنه نسب هذا القول للنبي صلى الله عليه و سلم مع أنه قول خطأ و لم ينكر عليه النبي صلى الله عليه و سلم.

و كذلك من اعتمد أصلا كمن قال بالقياس و أنه مما يحبه الله تعالى ثم عمل بهذا القياس و رجح بعض الأحكام و نسبها لله تعالى لا يكون بهذا آثما و قد يصيب الحق بقياسه هذه و قد يخطئ.

نعم كان بعض السلف يتورع عن نسبة مثل هذه الأقوال لله تعالى لأنه تعارض عنده أن هذا هو الحق الذي يحبه الله تعالى و هو ما يترجح عنده و بين أنه لم يرد لفظ ظاهر لا من كتاب و لا سنة يدل على هذه المعنى و إنما هو قياس على دليل من كتاب و سنة فتوقف عن نسبته لله تعالى و إن كان في نفسه و من يتبعه على هذا القول يعمل به و يتقرب به إلى الله تعالى لأنه يغلب على ظنه أن الحق الذي يحبه الله تعالى فحقيقة نسبته لله تعالى متحققه و لكن نسبة هذا القول لله تعالى لفظا يتورع عنها بعض السلف فالإجتهاد في الأحكام الشرعية في القياس هو من باب العمل بغلبة الظن قال بن القيم رحمه الله (أقسام الرأي وإذا عرف هذا فالرأي ثلاثة أقسام رأي باطل بلا ريب ورأي صحيح ورأي هو موضع الاشتباه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير