والنوع الثاني من القياس: أن ينص على حكم لمعني من المعاني، ويكون ذلك المعني موجودًا في غيره، فإذا قام دليل من الأدلة على أن الحكم متعلق بالمعني المشترك بين الأصل والفرع سوي بينهما، وكان هذا قياسًا صحيحًا.
فهذان النوعان كان الصحابة والتابعون لهم بإحسان يستعملونهما، وهما من باب فَهْم مراد الشارع؛ فإن الاستدلال بكلام الشارع يتوقف على أن يعرف ثبوت اللفظ عنه وعلى أن يعرف مراده باللفظ، وإذا عرفنا مراده، فإن علمنا أنه حكم للمعني المشترك لا لمعنى يخص الأصل أثبتنا الحكم حيث وجد المعنى المشترك، وإن علمنا أنه قصد تخصيص الحكم بمورد النص منعنا القياس، كما أنا علمنا أن الحج خص به الكعبة، وأن الصيام الفرض خص به شهر رمضان، وأن الاستقبال خص به جهة الكعبة، وأن المفروض من الصلوات خص به الخمس، ونحو ذلك، فإنه يمتنع هنا أن نقيس على المنصوص غيره.).
و قال رحمه الله (وأما تخريج المناط وهو: القياس المحض، وهو: أن ينص على حكم في أمور قد يظن أنه يختص الحكم بها فيستدل على أن غيرها مثلها؛ إما لانتفاء الفارق، أو للاشتراك في الوصف الذي قام الدليل على أن الشارع علق الحكم في الأصل، فهذا هو القياس الذي تقر به جماهير العلماء وينكره نفاة القياس. وإنما يكثر الغلط فيه لعدم العلم بالجامع المشترك الذي علق الشارع الحكم به، وهو الذي يسمي سؤال المطالبة، وهو: مطالبة المعترض للمستدل بأن الوصف المشترك بين الأصل والفرع هو علة الحكم، أو دليل العلة. فأكثر غلط القَائِسِين من ظنهم علة في الأصل ما ليس بعلة؛ ولهذا كثرت شناعاتهم على أهل القياس الفاسد. فأما إذا قام دليل على إلغاء الفارق، وأنه ليس بين الأصل والفرع فرق يفرق الشارع لأجله بين الصورتين، أو قام الدليل على أن المعني الفلاني هو الذي لأجله حكم الشارع بهذا الحكم في الأصل وهو موجود في صورة أخري، فهذا القياس لا ينازع فيه إلا من لم يعرف هاتين المقدمتين. ... ).
فما قطعنا به عن طريق القياس و أنه مراد الله تعالى جاز نسبته لله تعالى سواء كان عن نص أو قياس و ما لم نقطع به و إنما هو غلبة ظن بمرجح معتبر جاز عدم نسبته لله تعالى سواء كان عن نص أو قياس.
ـ[ابن تميم الظاهري]ــــــــ[03 - 07 - 05, 11:48 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ..
التعقيب على الرد الأول ..
بالله تعالى التوفيق ..
قال الفاضل نقلاً عني ..
((المسألة الأولى: قول الأخ الفاضل بن تميم (فهناك قاعدة يتفق عليها أهل الإسلام كلهم وهي .. لا تكليف إلا مع القدرة .. فكل عامل بحسب قدرته فقد أدى ما عليه من الشرع المطالب به .. سواء وافق الحق أو خالفه .. فهنا ترتفع المؤاخذة فقط ولا يثبت الحق كما هو معلوم .. ودليل هذه القاعدة بعض ما ذكرته من نصوص .. فالوسع في قبول الشهادة بأن نتحرى عدالتهم فقط .. فلا يكلفنا الله بعلم البواطن وما ينقض العدالة مما خفي علينا .. فلم أخالفك ههنا أصلاً ... )).
وقال بعد هذا ..
((قول الأخ (فهناك قاعدة يتفق عليها أهل الإسلام كلهم وهي .. لا تكليف إلا مع القدرة .. ).هذا الإتفاق الذي نقله عن أهل الإسلام غير صحيح عند إطلاقه و من المعلوم أنه يدخل في هذا الإتفاق أهل البدع من المسلمين)) ..
قال ابن تميم الظاهري ..
لا وجه للإنكار في هذه القضية لوجوه ..
الوجه الأول ..
هذه المسألة ليست من مسائل الأصول وهي من علم الكلام زجت في مبحث الأصول والفقه ونحن نتكلم عن مسألة أصولية تبنى عليها مسائل فقهية فكان الصحيح عدم ذكرها ..
فالذي قال بإطلاق القول بالتكليف بما لا يطاق أراد إثبات أن الله تعالى سلب قدرتهم وأنهم فاعلين ..
وقال ابن تيميه فيما نقلت عنه ..
((كإطلاق القول بأنه يكلفهم ما لا يطيقون، هذا سلب قدرتهم على ما أمروا به، وذلك سلب كونهم فاعلين قادرين)) ..
فهذه القضية هي ..
هل العبد قادر فاعل أو ليست له قدرة في الأصل وإنما القدرة من الله تعالى .. ؟!
وهي هل العبد هو الفاعل أم هو الله تعالى .. ؟!
فنفوا أن يكون فاعل الفعل هو العبد والله معاً لئلا يكون للفعل أكثر من فاعل ..
وليست هي ..
هل يمكن أن يكون العبد عاجزاً عن فعل المأمور به أو لا يكون .. ؟!
وهذه القضية لا ينكرها أحد أصلاً ..
فاقتصر عليها ولا تبعد ..
الوجه الثاني ..
¥