مسألة القدرة التي نقلتها عن ابن تيميه مع مخالفه من أهل البدع لا تدخل في كلامي ..
وقد قلت آنفاً ..
((لا تكليف إلا مع القدرة .. فكل عامل بحسب قدرته فقد أدى ما عليه من الشرع المطالب به)) ..
فنحن نتكلم عن العمل في الأحكام الشرعية ..
فالعامل يعمل بعمل من الأعمال الشرعية لا يجب عليه عند عدم قدرته ..
وهذه لا يقول بخلافها من له مُسكة من عقل ..
وقد أبطلت هذا الاعتراض بنقلك عن ابن تيميه حين نقلت عنه ..
((قال شيخ الإسلام رحمه الله (وهؤلاء أطلقوا القول بتكليف ما لا يطلق، وليس في السلف والأئمة من أطلق القول بتكليف ما لا يطاق، كما أنه ليس فيهم من أطلق القول بالجبر، وإطلاق القول بأنه يجبر العباد، كإطلاق القول بأنه يكلفهم ما لا يطيقون، هذا سلب قدرتهم على ما أمروا به، وذلك سلب كونهم فاعلين قادرين. ولهذا كان المقتصدون من هؤلاء، كالقاضي أبي بكر بن الباقلاني، وأكثر أصحاب أبي الحسن، وكالجمهور من أصحاب مالك، والشافعي وأحمد بن حنبل، كالقاضي أبي يعلى، وأمثاله يفصلون في القول بتكليف ما لا يطاق، كما تقدم القول في تفصيل الجبر، فيقولون: تكليف ما لا يطاق؛ لعجز العبد عنه لا يجوز، وأما ما يقال أنه لا يطاق؛ للاشتغال بضده، فيجوز تكليفه، وهذا؛ لأن الإنسان لا يمكنه في حال واحدة أن يكون قائمًا قاعدًا، ففي حال القيام لا يقدر أن يفعل معه القعود، ويجوز أن يؤمر حال القعود بالقيام، وهذا متفق علي جوازه بين المسلمين، بل عامة الأمر والنهي هو من هذا النوع، لكن هل يسمى هذا تكليف مالا يطاق؟ فيه نزاع. ... )).
وما أبطل اعتراضك هو ..
((وهذا متفق علي جوازه بين المسلمين، بل عامة الأمر والنهي هو من هذا النوع)) ..
فكلامي هنا لا في غيره ..
وقولي باتفاق على هذه وليست على كون العبد هو الفاعل لفعله أو الله تعالى والخلاف فيها ..
فجهم ومن وافقه يريدون بهذه المسألة أن كل ما فعله الإنسان ليس من فعله وقدرتهم بل هو من فعل الله تعالى وقدرته ..
فلكل مقام مقال ..
وقد قلت ..
((أنا لا أخالف بأنه لا تكليف إلا بقدرة كما هو معلوم و متفق عليه عند الفقهاء و لكن لا يطلق هذا ثم ينسب الإتفاق لإهل الإسلام قاطبة قال شيخ الإسلام رحمه الله (الأمر والنهي، الذي يسميه بعض العلماء التكليف الشرعي هو مشروط بالممكن من العلم والقدرة، فلا تجب الشريعة على من لا يمكنه العلم كالمجنون والطفل، ولا تجب على من يعجز كالأعمى والأعرج والمريض في الجهاد، وكما لا تجب الطهارة بالماء، والصلاة قائمًا والصوم، وغير ذلك على من يعجز عنه.)) ..
نعم إذا وقفت على كلامي واقتصرت عليه في مسألة العمل كما هي مسألتنا التي نتكلم فيها ..
فلا يمكن أن نأتي بلفظة واحدة ثم نخرجها عن المسألة التي نتكلم عليها إلى مسائل أخرى ..
فالقضية هي ..
أن الإنسان إن لم يستطع فعل أمر شرعي فيسقط عنه وهذا باتفاق أهل الإسلام لا ينكر ذلك أحد ..
وحتى من ذكرت خلافهم لم يخالفوا في هذا وإنما خالفوا في كون الفعل هذا والقدرة هذه لهم أو لله ..
وإذا قلت لي ينكر ذلك أحد من الناس قلت لك ..
ألا يمرض هؤلاء الناس .. ؟! ألا يغمى عليهم .. ؟!
فإمكان أن يكلفها الله تعالى بما لا نطيق أو بالمستحيل أمر يجب التسليم به من أكل أحد ..
أما من أدخل في دينه ما ليس بدين وأتى بعلم الكلام يحشو به كتب الأصول وهو باطل فلا يلزم أحد ..
وكيف ونحن نقرأ: {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها} أفوق هذا بيان وعظة ..
فاقتصر في مسألتنا على ما نتكلم فيه وهو هل يجوز العمل بالظن ثم نسبته إلى الله تعالى وإلزام الناس به أو لا ..
وقال الفاضل ونقل عني ..
((المسألة الثانية: الأخ الفاضل كأنه يخصص هذه القاعدة في العمليات دون العلميات فظاهر كلامه كل من اجتهد و استفرغ وسعه في العلميات فيما بلغه من أدلة سواء أدلة نقلية أو عقلية ثم لم يجزم باعتقاده لا يثبت له الإعتقاد لأنه دخله شك في اعتقاده فقال الأخ الفاضل (فالاعتقاد هو يقين ثبت في النفس فإن شك فيه ولو لحظة فقط لم يكن معتقداً بالله باليقين .. وليس كما يصطلح عليه أهل الكلام في هذه المعاني .. فالاعتقاد بالله وألوهيته وربوبيته وغيرها مما يجب اعتقاده لا يجوز أن يكون بظن أصلاً .. فمتى ما دخل الشك فيه فقد بطل ذلك الاعتقاد .. لأننا نطلق كلمة اعتقاد ولا نعني فيها
¥