((فالنص الذي أوردته هو طلب الله تعالى بعد أن نوقن أنه الله المستحق للعبادة والربوبية منا أن نتقيه بما استطعنا .. وليس قبل أن نوقن أنه الله .. لأن من لم يوقن ذلك وشك فيه أو تردد فليس مخاطباً بالعمل الوارد في نفس النص لأن التردد شك في تصديق هذه الحقيقة ومن شك في هذه الحقيقة لم يكن معتقداً فالواجب عليه أن يستعيذ بالله إن كان من أهل الإيمان كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم فإن استمر في شكه هذا لم يكن من أهل الإيمان .. )) ..
فالآية هذه لا بد أن تعي أنها ليس المخاطب فيها الكفار وإنما أهل الإيمان ..
لم أخصص الآية كما نسبت لي بشيء وإنما جواباً على ما قلته أنت وفسرت به النص وقلت ..
((فمن استفرغ وسعه في طلب الحق ثم لم يصل إلى الجزم القاطع فقد اتقى الله ما استطاع و صح اعتقاده.)) ..
فاعترضت على إدخالك في التفسير لمسألة الاعتقاد ..
فالآية لا تتكلم كيف يصح الاعتقاد ومتى ..
وإنما تتكلم عن الذي على المؤمن من عبادة الله وطاعته بقدر طاقته ..
والاعتقاد بالاستدلال لم أذكره أصلاً ..
ولم أذكر اجتهادك في العقائد ..
وإنما قلت وأقول مرة أخرى ..
أن الذي يعتقد باعتقاد في نفسه لا يجوز له ولا يصح أن يشك في ذلك الاعتقاد ولو برهة من الزمان ..
وذلك اعتراضاً على ما ذكرته وبياناً لما خفى منه ..
ولا تفريق عندي بين علميات ولا عمليات وإنما هذا فهمك الخاطئ لكلامي ..
وكان الأولى أن تسأل إن كنت غير قاطع بمرادي لأنك قلت ..
((المسألة الثانية: الأخ الفاضل كأنه يخصص هذه القاعدة في العمليات دون العلميات فظاهر كلامه)) ..
فلو سألت عن مرادي لما اضطررنا عن جواب ما لم نقله أو قلناه وفهمته خطأ أو فهمته بظنك ..
فالمسألة التي نتكلم عليها ههنا هي في الحكم الشرعي لا في غيره ..
وقلت أيضاً ..
((و كلام الشيخ هذا فيه كذلك رد على قول الأخ بأن الإعتقاد يجب فيه التصديق المتيقن و إلا كان شكا و لا يصح الإعتقاد مع الشك و كلام الأخ هذا مبني على مقدمتين باطلتين: الأولى: أن الإعتقاد لا يصح إلا باليقين و الجزم.و المقدمة الثانية: أن من غلب على ظنه بمرجح ظاهر دخله الشك و من دخله الشك لا يصح إيمانه، النتيجه صحيحه من دخله الشك لا يصح إيمانه و لكن مبنيه على مقدمات باطله فإن المرء إذا ما اجتهد و استفرغ وسعه و غلب على ظنه أمر و اعتقده فهذا و لا شك ينفعه و هو ما قدر عليه و لا يكلف الله نفسا إلا وسعها.ثم إن من غلب على ظنه لا يكون شاكا لأن الشك هو استواء الطرفين لا غلبة الظن بأحد الأمرين فإن غلب ظنه بأحد الأمرين فله حالين: الأول: إذا غلب ظنه بمرجح ظاهر فلا يدخل في اتباع الظن بل هو مأمور باتباع هذا الظاهر لأنه فعل ما يستطيعه.و الثاني: من اتبع الأمرين بغير مرجح ظاهر و إنما اتباعا للهوى فهو ممن اتبع الظن و دخل في ما نهى الله عنه من اتباع الظن.)) ..
قال ابن تميم الظاهري ..
الاعتقاد في نفسك هو غير الاعتقاد عن طريق الاجتهاد ففرق بينهما تسلم من كثرة النقول والاعتراض ..
فمن يعتقد بشيء الآن هو غير من يريد الاستدلال ليثبت عقيدة له ..
إذا كنت تقول قبل أكثر من تعقيب أن عنايتك بالمعاني لا بالألفاظ فضع معنى كلامي مع ما يوافقه مما قدمت تخرج لك حقيقة كلامي ..
وأسأل سؤالاً يزول فيه عنك هذا الفهم ..
إذا اعتقد أحد من المسلمين بأن الله تعالى حق وموجود وهو خالق كل شيء وربه الواحد الأحد ..
ولم يكن اعتقاده هذا عن طريق الاجتهاد بل هذا ما فهمه من الناس الذين أخبروه عن الإسلام ..
فاستمر كذلك معتقداً في نفسه أن الله حق موجود خالق كل شيء وربه الواحد الأحد ..
ثم شك هذا المسلم في صحة هذه الاعتقادات التي اعتقدها ..
وشك هنا أي لم يجزم بحقيقة هذه الأمور وكون الله تعالى مستحقاً لها ..
أي تردد ههنا بين قبول هذه الحقيقة وتصديقها وبين ردها وتكذيبها ..
فماذا تقول عنه .. ؟!
ألا تقول كما قلت آنفاً ..
استعذ بالله وإن تكرر وأصر على ذلك خرج من جملة أهل الإسلام ..
فأي وجه اعتراض ههنا .. ؟!
أما قولك في الشك وما فسرته وبينه فلا يصح ..
فالشك ضد اليقين ..
هذا في لغة العرب ولا يعرفون غير هذا ..
وأمرنا أن لا نصدق ولا نكذب ما يأتي به أهل الكتاب في كتابهم ..
بل نقول آمنا بالله وكتبه ورسله ..
¥