أي أننا نؤمن بكل كتب ربنا أما ما في كتبكم هذه فلا نقطع أنها من الله تعالى ..
لذلك نتوقف حتى يؤيد ما جئتم به من أمور برهان يرفعنا إلى اليقين ..
وليس لهم ذلك ..
ولو كان الشك كما قلت هو استواء الأطراف ..
من عدم التصديق وعدم التكذيب والتردد في الشيء لعدم قيام مرجح ..
لكنا شاكين في كتب الله تعالى .. !
وما أراك إلا رجعت إلى كتب أهل الكلام أو كتب الأصول التي أخذوا هذه التعريفات عن أهل الكلام ..
والظن قد قدمت بيانه من أهل اللغة ..
والاعتقاد هو استقرار وثبوت شيء أو حكمه في نفسك ..
فكل حكم يثبت في نفس الإنسان ويستقر فهو معتقد له ..
هذا في اللغة ..
وقد يخلو من من يقين ..
لأن اعتقاد المعتقد لا يكون يقيناً إلا ببرهان ..
وقد يكون حقاً بالتخرص لا عن برهان ..
وقد يكون يقيناً بالاستدلال بالبرهان وقد يكون يكون حقاً ..
ليتك تترفق ولا تستعجل ..
وما تسميه هنا أن هناك من غلب على ظنه صدق النبي صلى الله عليه وسلم لا يصح باللغة التي خوطبنا بها بناء على كلامك في الظن والشك وغيرها ..
وغلبة الظن لا يوجد لها تعريف عندكم واضح المعالم أصلاً ..
فليتك تخبرنا ما هو تعريف الظن الغالب أو غلبة الظن عندكم ..
فالظن عرفناه في اللغة التي خوطبنا بها بغير ما تطلقون عليه من تعريف ظن عندكم ..
والظن هو الشك والشك ضد يقين ..
ويطلق على اليقين إن كان عن معاينة أو برهان كما بينت آنفاً ..
هذه لغتنا التي يعرفها العرب لا غيرها ..
وهي موجودة في معاجم اللغة لا تحتاج تفصيل أكثر ..
فيجب استعمال الأسماء على مسمياتها وإلا خلطنا على الناس وتلبس الاسم باسم غيره وأوقعنا الإشكال ..
فإذا كنت ترى أن القرآن خاطبنا الله تعالى به بلغتنا العربية فهذه معان الظن والشك في لغتنا ..
أما حشو بعض أهل التقليد أو أهل الاجتهاد أو أهل الأصول كتبهم لكلام بناء على علم الكلام الذي تلقفوه من اليونان وغيرهم ولم يبطلوا الباطل منه ويبينوه للناس فلا يصح استعماله في كتاب لم ينزل على علوم القوم ولغتهم ..
وحتى لا تفهمني خطأ أقول ..
تعريف أهل الكلام للظن والشك جاء بناء على خطأ وقعوا فيه لاستقبال كل ما جاء من الكفار في هذه العلوم ..
فلم يجردوها ولم ينقحوها ولم يخرجوا منها ما كان يضاد شرعنا أو لغتنا ..
بل استعملوا كل هذه العلوم وفق دين القوم ونظرتهم ..
فعرفوا الظن بما لا يعرفه العرب ولا جاء في شريعتنا ..
فسار الكثير على هذا فسموا الحكم الذي لم يكن عن يقين ظن راجح أو غالب ..
ولجلجوا في بيان وتعريف ما هو الظن الغالب ..
فإن كان ما يرجحه المرء بناء على أمر ظاهر ولم يكن يقيناً فهو ظن ثان كما الظن الأول ولا فرق ..
فاجتمع ظنان ..
فأي معنى في قولك ..
((وغلبة الظن أو الظن الراجح هو ترجح أحد الأمرين بمرجح و هما يتضادان و لا شك)) ..
فأي معنى في كون الشيء الأول أو الحكم الأول ظن ..
وأن ما رجحه أيضاً كان ظناً مثله .. ؟!
فنضم الشك مع الشك فيحصل به يقين .. !
لأن الشك كما عرفنا في لغتنا هو ضد اليقين ..
فكلاهما ظن وهو ضد اليقين ولم يلزمنا الله تعالى به أصلاً ..
وهذه قضيتنا لا غيرها ..
وعلى هذا لجاز لأهل الباطل أن يأتوا ما لم يوقنوا به مع ما هو مثله ليقولوا أنه يقين أو أنه لازم لنا وللناس وشرع الله ..
فليتك اقتصرت على بيان دليل جواز العمل بالظن وجواز نسبته إلى شرع الله وجواز إلزام الناس به أو إيجاب ذلك ..
حتى لا نتكلم في أمر خارج عن هذا الأمر ..
فالذي يلزم الناس من الحق ليس تفسيري وتفسيرك وشرحي وشرحك ..
وإنما قولك وتفسيرك الذي يقوم على حجة وبرهان لا شك فيها ..
فإن رأيت خطأ من كلامي فنبه عليه بعد ذلك أصل المسألة ..
بعد أن تقول أن الله تعالى أمرنا وأجاز لنا العمل بالظن في الشريعة ..
ثم أجاز لنا نسبة حكم هذا الشيء بالظن إلى الله تعالى ..
ثم أجاز أو أوجب علينا إلزام الناس بهذه الظنون ..
ثم تستدل لكلامك على هذه القضايا الثلاثة ..
وكل ما عداها فهو خارج عنها ..
وإن وسّع الله عليك بالعلم بعد ذلك فنبه على ما رأيت أنه خطأ من كلامي بعد أن تذكر قولك وحجتك على كل هذه القضايا التي منعتها ..
وقلت حفظك الله ..
¥