لكنه جاء إلى كلام عام في كتب الأصول وبعض كتب الاعتقاد وحسب أن هذه الألفاظ تفسيرها هكذا كما قال وهو تفسير قطعي صحيح ..
وهذا لا يصح كما قدمنا من أن اللفظ الوارد في الشريعة يجب الرجوع فيه إلى أهل اللغة وكذلك النصوص الشرعية أو لتفسيره ..
فمن فسّر لفظاً بلغة غيرنا أو شرع ليس لنا فقد أخطأ ..
وعلمنا أن الظن هو الشك، وعلمنا أن الشك هو ضد اليقين ..
هذه في لغتنا لا ينكرها من وقف على كتب اللغة ..
فلما خاطبنا الله تعالى بهذه الألفاظ وجب حملها على ما جاء عن العرب وعرفوه لا غيره ..
هذا إن لم يرد تفسير شريعي يبين أن اللفظ هذا نقل عن معناه إلى معنى شريعي آخر ..
هكذا يحصل التفاهم بين الله تعالى وبين عباده ..
ولا يحصل التفاهم بتفسير أحد دون أحد وبعلم دون علم إلا اللغة والشرع فقط ..
فإن ورد لفظ نرى في تفسيره في اللغة أو الشرع ثم ننظر في معناه وإن كان معارضاً بأصل آخر ..
فما عارضه أصل من أصول الإيمان أبطلناه وصححنا ما أيد الشرع معناه أو لم يأت بما يضاده ..
ونقل الفاضل عني ..
((الثالثة: قوله (ولاحظ أمراً دقيقاً .. أن من اعتقد وكان اعتقاده بغير يقين فلا يكون معتقداً .. فاليقين يوجب التصديق بالشيء إن كان ذلك اليقين مصدقاً له .. أو يوجب التكذيب بالشيء إن كان ذلك اليقين مكذباً له ... )) ..
وقال حفظه الله ..
((فعلى هذا القول لا يكون هناك تصديق إلا بيقين فلا يكون مصدقا إلا من كان متيقنا و أما من غلب على ظنه الصدق و صدق فلا يكون مصدقا لأنه غير ميتقن و هذا القول غير صحيح قال شيخ الإسلام رحمه الله (والذي مضى عليه سلف الأمة وأئمتها: أن نفس الإيمان الذي في القلوب يتفاضل، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان)، وأما زيادة العمل الصالح الذي على الجوارح ونقصانه فمتفق عليه، وإن كان في دخوله في مطلق الإيمان نزاع، وبعضه لفظي، مع أن الذي عليه أئمة أهل السنة والحديث ـ وهو مذهب مالك، والشافعي، وغيرهم ـ: أن الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص.)) ..
قال ابن تميم الظاهري ..
اليقين أمر في النفس بإثبات أو نفي شيء ..
فمن كان موقنا بشيء فهو يثبت تصديقه أو تكذيبه ..
ومن كان موقناً بشيء ويستدل بما يثبته فهو مصدق له ..
ومن كان موقناً بشيء ويستدل بما ينفيه فهو مكذب له ..
فهذا معنى التصديق الوارد ..
فاليقين إما أن يكون إثبات وإما أن يكون نفي ..
فاليقين هو العلم وإزاحة الشك ..
هذا في لغتنا العربية ..
فمن علم بشيء وأزاح الشك من قلبه فهو موقن بذلك الشيء ..
فإما أن يكون يقينه هذا إثباتاً لشيء أو نفياً له ..
فإن قلنا هذا عن عقيدة الإسلام الصحيح الذي ثبت عندك مثلاً بأن فلان يوقن بعقيدته ..
فإنه يثبت أشياء بعلم وأزاح الشك عن نفسه وقلبه ..
وينفي كذلك أشياء بعلم وأزاح الشك عن نفسه وقلبه ..
ومن لم يوقن باعتقاد الاسلام الصحيح الذي ثبت مثلاً عندك فلا يكون موقناً ..
بل هو شاك في اعتقاده ..
فمن وقف على هذه المعاني أمن من الخطأ الذي ورد في تعقيب الأخ الفاضل ..
ولا علاقة ههنا بكون الإيمان يزيد وينقص وبين تفسير اليقين في الاعتقاد ..
ولا يلزم مما قلته ما تحاول إلزامي به وهو باطل يقيناً ..
فالإيمان يزيد وينقص ..
فمسألة تصديق وإثبات القلب أن الله تعالى حق ودينه حق لا تدخله مسألة الزيادة والنقص ..
فإما أن يقول هو حق ودينه حق وإما أن يقول ليس كذلك ..
فلا مرتبة متوسطة بين ذلك ..
فبلغتنا نقول ..
أنا أشك في كون الله مستحقاً للعبودية ..
وأنا أوقن أن الله مستحقاً للعبودية ..
ولا نقول أن أشك ويزيد شكي أحياناً أو أوقن ويزيد يقيني أحياناً ..
أو ينقص مرة ويزيد مرة ..
فإما أن تزيل الشك في نفسك في تلك القضية وإما أن تثبت الشك في تلك القضية ..
فلا مرتبة بين ذلك أصلاً لا في عقل ولا نقل ولا لغة عرفناها وخاطبنا الله تعالى بها ..
وهذه قضية أخرى بعيدة عن كل مقالنا هذا ..
فلا أدري لماذا تأت بهذه المسائل .. ؟!
فاقتصر على محل النزاع واذكر دليله فقط بارك الله فيك ..
لنحصل على علم من مسألتنا ..
وأنبه على المشايخ وأهل المعرفة والتحقيق الذين ذكرهم ابن تيميه ونقلت عنه ..
¥