تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أليس كل لفظ له ظاهر؟ لأن كل انسان مثلا له هيئة خارجيه قبل أن تتكلم عن نيته أو ما ينصه بين جنبيه فالظاهر كذلك هو الهيئة الخارجيه الواضحه لكل لفظ مفهوم. فكيف يكون هناك نص " أي لفظ " لا يحتمل الا معنى واحد مع أنه يجب ان يكون له ظاهر و إذا كان له ظاهر وجب ان يكون له أكثر من احتمال - حسب تعريفهم -؟!!

فكيف يكون لدينا نص بلا ظاهر كي يكون لدينا لفظ لا يحتمل الا معنى واحدا ً؟؟؟

عند هذه النقطه وجب عليك أن تفهم رحمك الله أن النص قد يرادف الظاهر فيكون النص و الظاهر لا يحتملان الا معنى واحدا ً و على هذا يبطل قولهم بأن الظاهر يجب ان يكون له احتمالان فإن أبوا ذلك لزمهم القول بوجود نصوص ليس لها ظاهر و هذا لا يقول به عاقل فضلا عن أصولي أو فقيه!!!.

و نفصل الأمر.

تطلق كلمة " نص " على الجزم على شئ ما أو بمعنى ما بتعبير ما , كقولك نص أحمد في ما رواه عنه بكر بن محمد عن ابيه: الحق فيمن ذهب الى حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم " لا يقتل مؤمن بكافر ". فهذا نص على المعنى وليس نص على اللفظ و نص اللفظ كما في حديث البراء بن عازب في حديث ذكر النوم: قلت ورسولك الذي ارسلت قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (لا , ونبيك الذي أرسلت) فنص على لفظة " نبي ". قال في القاموس المحيط:والنَّصُّ: الا سْنَادُ إلى الرئيسِ الأكْبَرِ والتَّوْقيفُ والتَّعْيينُ على شيءٍ ما و قال في مختار الصحاح: نَصَّ الحديث إلى فلان رفعه إليه و نَصُّ كل شيء منتهاه وفي حديث علي رضي الله تعالى عنه {إذا بلغ النساء نَصَّ الحقائق} يعني منتهى بلوغ العقل. ومن هذه التعريفات تجد الكلام كله يدور على " تعيين عين أو تعيين معنى إما بالقصد أو بالابراز " ولهذا يسمون " الكوشه للعروسين " منصه! لأنها ترفعهما فيكونا فوق الناس فهذا ابراز ولأنها ايضا تجعلهما " مقصد النظر " بسبب حصرها لهما و عليهما. أما التعيين بالقصد فهو كقولك " إنما جعل الاستئذان من أجل البصر " فهذا نص على ان الاستئذان من أجل البصر , فهو " نص على علة " و لكن الذي يأخذون بالقياس باستغراق يرون أنه لا بد من كل أمر أو نهي ان تكون له عله فيبحثون عنها فاذا توهموا علة ما قالوا: " هذا نص على كذا و كذا , أي العلة التي توهموها " بينما تجد أن " ظاهر الحديث او الآية " ينص على معنى آخر أو معنى أشمل هم يخرجونه من النص لأنهم يخصصون العموم بالعلة! و ليس بنص آخر. مثال ذلك ما تجده في متون الفقه تحت مبطلات الصلاة " أو بحضور طعام يشتهيه!!! " فيقولون هذا نص على بطلان الصلاة بحضور طعام يشتهيه والنص الأصلي هو " لا صلاة بحضرة الطعام " فأين يشتهيه؟ فلماذا أدخلوا " يشتهيه " في المنصوص عليه مع أنها ليست في النص الأصلي؟!!! فهم يجعلون " المنصوص عليه ماوافق فهمهم لعلة النص الأصلي " وليس النص الأصلي بحد ذاته! , فليس كل من قال " وهذا نص على كذا وكذا " يكون صادقا في ذلك حتى وان زعم أنه يدعو الى اتباع النصوص والمنصوص عليه فيها بل ربما كان مبطلا مضلا!.

المعنى أن من فرق بين النص و الظاهر جعل " لزاما ً و ملازمة ً " كل ظاهر محتمل لمعنى لا يراد من الله عز وجل وليس هو مدار الحكم الشرعي في اللفظ و أن من أخذ كل لفظ بظاهره فقد ادخل معه احتمالات ليست مقصودة في الشريعة , وهذا كلام باطل لأن كل ظاهر لا يمكن أن يمثل الا نفسه فهو الحقيقة بعينها و هم يقولون بأن الحقيقة شئ يخالف الظاهر و هو الذي يقصدون به النص. مثال: قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من أكل من هاتين الشجرتين الخبيثتين فلا يقربن مسجدنا هذا فان الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم " فهم يقولون: هذا نص على أن كل من أكل بصل و ثو ما و كراثا أو كانت لفمه رائحة بخر أو اي رائحة منتنه فهذا نص على منعه من دخول المسجد للصلاة مع الناس لقوله " الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم " و الصحيح أن ظاهر النص لا ينص الا على آكل الثوم و البصل والا فبنو آدم يتأذون من رؤية الرجل الفاسق و هو يقف جنبهم في الصلاة حالقاً لحيته و شاربيه و ممثل بنفسه! فوجب علينا اذن منعه من المسجد لأنه ايضا يؤذي الملائكه بهذه الهيئة! فالنص على العلة في حديث ما لا تعني النص على الحكم على كل من وقع تحت تلك العله. لهذا قال في مختار الصحاح كما نقلت لك: و نَصُّ كل شيء منتهاه. فهم يرون أن العلة هي منتهى اللفظ فتصبح هي النص لأنها هي منتهى اللفظ وغايته و كل معنى لا يرون فيه علة مقبولة للحكم لا يقبلونه داخل النص حتى وان قبله ظاهر اللفظ ولهذا هم يقولون " نص " و " ظاهر " فيجعلون النص حق لا باطل فيه و الظاهر حق قد يشوبه الباطل مع أن الباطل يرتبط بتوهماتنا للعلل وليس بكلام تكلم به الله أو رسوله و هما بالتأكيد يعنيان كل ما يفيده ظاهر ذلك الفظ من معنى.

والموفق من وفقه الله

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير