روينا بالأسانيد المتصلة إلى سيدنا علي بن أبي طالب عليه السلام مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يحمل هذا العلم من كل خلف عُدُوله، ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين" (1). يعد هذا الحديث الشريف من علامات النبوة، ومن الأحاديث الكريمة التي أثبتت اتصال العلم الشريف وحفظه وبقاءه، علاوة على قول الله تعالى عن الوحي الكريم: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}. [الحجر: 9]. والقرآن – كما لا يخفى – إشارة للدين ككل، وهو من باب إضافة الخاص على العام.
ــــــــــــــ
(1) صحح هذا المتن الإمام أحمد – رحمه الله – كما نقل ذلك عنه الخطيب البغدادي كما في "الجامع الكبير" للسيوطي (8/ 62 – 63).
يُنظر هذا الرابط:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=37077&highlight=%DB%D1%D1+%C7%E1%DF%E1%E3
ـ[طلعت منصور]ــــــــ[18 - 02 - 06, 08:52 م]ـ
شكرا لك يا شيخ حمزه
ـ[أحمد محمد أحمد بخيت]ــــــــ[01 - 12 - 06, 11:12 ص]ـ
ليس دفاعا عن التقليد، ولكن تصحيحا لخطأ أريد له أن يغلب، فأقل ما يجب ألا نعين على إشاعته. إليكم جهد المقل، وصوبوا لى جزاكم الله خيرا.
الفصل الخامس
الدور الخامس من أدوار التشريع الإسلامي
تمهيد:
يؤرخ العلماء للدور الخامس من أدوار التشريع الإسلامى ابتداء بمنتصف القرن الرابع الهجرى وانتهاء بسقوط بغداد فى أيدى التتار سنة 656هـ معلنة بذلك انتهاء الخلافة العباسية اسما ورسما، وقد عرف هذا العصر تاريخيا بالعصر العباسى الثانى، وعرف علميا بأنه عصر الاجتهاد المذهبى.
ومن أهم مميزاته أنه شهد فى سنواته الأولى اكتمال تكوين المذاهب الفقهية واستقرارها وتدوينها، كما أنه تميز سياسيا بكثرة الفتن والاضطرابات، وانقسام دولة الخلافة فعليا إلى دويلات متناحرة فى كثير من الأحيان.
والحق أن من الشائع عن حركة الفقه الإسلامى فى هذا العصر مالا استريح إليه، لأن جل معارفنا عن السلف من الصحابة والتابعين ومن تلاهم طريقها أهل هذا العصر ()، بل إن فقه الأئمة كان شبرا فصار بأيدى هؤلاء آلافا من الأميال، فكانوا لهم كالتابعين من الصحابة، وكمثلهم من التابعين، وصلهم العلم نبتة فربوه شجرا أصله فى الأرض وفرعه فى السماء، وكان أكثره فرطا فضبطوه، وأقاموا له أدلة، وبينوا له عللا، فجردوه بحق من قيد الزمان والمكان والمناسبة، فامتد وتعدت رؤيته، ولم يقف أثره عند الحدود الإسلامية، بل تخطاها إلى ربوع الجاحدين والأعداء ().
إن حقيقة أن التشريع واحد تحتم- فى رأيى – أن يتطور الفقه كَمًّا باستيعاب المستجدات، أما الكيف فلا بد وأن يجمد باستقرار مناهج النظر والاستنباط وانضباطها، ومتى اختبر الموجود اختبارا دقيقا، فبدت – فى وضوح- كفايته، فمن الصدق أن تنصرف الهمم الجادة إلى البناء عليه، والتخريج على أساسه، والعمل على غير ذلك لا يخرج عن تزو يق الكلام.
وثمة لافتة أخرى عن هذا العصر أنه عصر المدارس النظامية، فلأول مرة فى الإسلام توجد "مؤسسات تربوية رسمية، تدخلت الدولة فى تحديد أهدافها، ورسم مناهجها، واختيار أساتذتها، والقيام بالإنفاق المنظم عليها" () وظهرت إلى جانب خزائن الكتب دور العلم () وقد ارتبطت هذه وتلك بخدمة الفقه- سنى وشيعى وإسماعيلى- فى المقام الأول، إضافة إلى "خلق طائفة من الموظفين ليشاركوا فى تسيير مؤسسات الدولة، وإدارة دواوينها، وبخاصة فى مجال القضاء والإدارة" ().
وتؤكد الدراسات أن هذه المدارس وزعت جغرافيا بعناية فائقة، فروعى فى أغلبها أن تكون فى المدن التى تحتل مركز القيادة والتوجيه الفكرى كبغداد وأصفهان، واختير أساتذتها بعناية تامة، بحيث كانوا أعلام عصرهم فى علوم الشريعة ().
إن وصم هذا العصر، والعصر الذى يليه بالضعف الفقهى والتقليد والجمود أمر يحتاج إلى مراجعة، إن لم يكن لتحقيق هذه السبة، التى تغطى قرابة تسعة قرون من عمر دولة الإسلام، فلبيان الأسباب الحقيقية التى أدت إلى ذلك، فإن كان زيفا فضحناه، وإن كان حقا تدارسنا أسبابه الحقيقية عسانا أن نتجنبها.
ومع كل أسف فإنى لم أتمكن- لظروف خاصة –حتى الآن من تحقيق ما أصبو إليه، فإن كان فى الأجل بقية فعلت إن شاء الله.
¥