تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال ابن عثيمين رحمه الله في شرح الأربعين في شرحه لحديث: أَبِيْ ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ:"إِنَّ اللهَ فَرَضَ فَرَائِضَ فَلا تُضَيِّعُوهَا .. ":الصواب: أن الفرض والواجب بمعنى واحد، ولكن إذا تأكد صار فريضة، وإذا كان دون ذلك فهو واجب، هذا هو القول الراجح في هذه المسألة.

ولم يبين رحمه الله مقصوده من تأكد الأمر، وكأنه أراد أن جمع بين تنظير الجمهور وتطبيهم الفقهي والله أعلم.

ـ[عبدالعزيز بن سعد]ــــــــ[13 - 02 - 06, 05:01 م]ـ

الفصل الرابع:

مدى الاتفاق والاختلاف في المدلول الاصطلاحي للفرض والواجب

المبحث الأول: وجه الاتفاق بين مفهومي الفرض والواجب

الفرض و الواجب كلاهما لازِمُ الفعل، ومن تركهما أثم. وقد يكون الفرض والواجب سواء عند الجميع في قولهم: صلاة الظهر واجبة وفرض، لا فرق بينهما ههنا في المعنى.

المبحث الثاني: أوجه الاختلاف وثمرة الخلاف

المطلب الأول: أوجه الاختلاف

ذكر كثير من الأصوليين أن الخلاف لفظي، فقد قال الآمدي في الإحكام: وبالجملة فالمسألة لفظية.ومما تقدم نلاحظ أن الخلاف غير لفظي، وله نتائج مترتبة عليه:

النتيجة الأولى: أن من أنكر الفرض كفر، بخلاف الواجب، فالفرضُ ما طلبَ الشرعُ فعلَه طلبًا جازمًا بدليل قطعي، ومن أنكره كفر، ومن تركه يُعاقبُ عليه من قِبَل الله عزوجل. فمن أنكر الوقوف بعرفة، أو أنكر حجاب المرأة فقد كفر، لأنه أنكر أمرًا ثبت عن الشارع بدليل قطعي لا شبهةَ فيه. والواجب ما طلب الشرعُ فعلَه طلبًا جازما ولكنه دون مرتبة الفرض، لأنه ثبت بدليل ظنِّي، كصلاة الوتر، فهذا واجب، ودليلها ظنِّي، والنبيُّ عليه الصلاة والسلام في أحاديث تحدَّث عن صلاة الوتر،ومن أنكر السعيَ بين الصفا و المروة فإنه لا يكفر، لأن السعي من الواجبات. والقاعدة عندهم أن من أنكر الواجب لا يُعتبَر كافرًا، ومن ترك الواجبَ دون أن ينكره فهو فاسق آثمٌ.

النتيجة الثانية: ترك الفرض سهوا مفسد للصلاة ويجبر ترك الواجب بسجود السهو، إذ الفرض أقوى من الواجب، ففي الصلاة ذهب المفرقون إلى أن من ترك فرضا لا يجبر بسجود السهو؛ ولو ترك سهواً بخلاف الواجب عند الحنابلة، حيث أنهم فرقوا بين الواجب والفرض بالنسبة للصلاة، ومثلوا للفرض بالركوع والسجود، ومثلوا للواجب بالتشهد الأول0

النتيجة الثالثة: أَنَّهُ يُثَابُ عَلَى الفرض أَكْثَرَ مما يثاب على الواجب.

النتيجة الرابعة: حمل الألفاظ المتضمنة للفظ الفرض والواجب والواردة في الأحاديث والآثار على المعنى الاصطلاحي، كما سيتي في ثمرة الخلاف.

النتيجة الخامسة: أن الزيادة على النص نسخ عند الحنفية، والنص عندهم هو الكتاب والسنة المتواترة، وأما الآحاد فالزيادة عليها مقبولة عندهم. ولذا تجد أن الفرائض عندهم لا تقبل نسخا ولا تخصيصا بخلاف أدلة الواجبات.

المطلب الثاني: الأثر الخلاف في الفروع الفقهية

ينبني على هذه المسألة خلاف كبير بين القائلين بالتفريق والقائلين بالترادف الاصطلاحي بين الفرض والواجب، ومن المناسب أن نستعرض نماذج لتلك المسائل لنرى كيفية استدلال الحنفية بالوجوب وردهم للفرضية.

المسألة الأولى: سجود التلاوة

استدل الجمهور على عدم وجوب سجود التلاوة بما صح عن عمر رضي الله عنه أنه: "قرأ يوم الجمعة على المنبر بسورة النحل، حتى إذا جاء السجدة نزل فسجد وسجد الناس، حتى إذا كان الجمعة القابلة قرأ بها، حتى إذا جاء السجدة قال: أيها الناس، إنا نمر بالسجود، فمن سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه؛ ولم يسجد عمر رضي الله عنه". وزاد نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: "إن الله لم يفرض السجود إلا أن نشاء".

وأما الحنفية القائلون بالوجوب فقد سلكوا في ذلك منهجهم في التفريق بين الفرض والواجب، بأن نفي الفرض لا يستلزم نفي الوجوب.

المسألة الثانية: صلاة الوتر

استدل الجمهور القائلون بعدم وجوب صلاة الوتر بحديث علي رضي الله عنه يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الوتر ليس بحتم كصلاتكم المكتوبة ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله وتر يحب الوتر، فأوتروا يا أهل القرآن". وحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في السفر على راحلته حيث توجهت يؤمئ إيماءة صلاة الليل إلاّ الفرائض، ويوتر على راحلته".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير