2 – و قالت طائفة أخرى، هم غير مخاطبين بفروع الشريعة، لأنها لا تُجزئهم و لا تصح منهم، فلو كانوا مخاطبين بها لأجزأهم فعلها، و من المعلوم أن الكافر إذا صلى، لا تصح صلاته، و إذا صام لم يصح صيامه، و هكذا جميع الأعمال، كما قال تعالى: " و قدمنا على ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا "، وقال: " و من يكفر بالإيمان فقد حبط عمله ".
قال: " و بما لا تصح إلا به وهو الإسلام "، أي: أن الكفار مخاطبون بما لا تصح الفروع إلا به، و هو: الإسلام.
فائدة: الكافر إذا أسلم، لا يُخاطب بقضاء شيء مما مضى، مع أنه كان مخاطبا به.
قال: " و الأمر بالشيء نهي عن ضده، و النهي عن الشيء أمر بضده ".
- الأمر بالشيء نهي عن ضده، أي: الأمر بالشيء نهي جميع أضداده، مثلا: لو قال قائل: " قم "، هذا نهي عن الجلوس و عن الاتكاء، لأنك لا تكون ممتثلا إلا إذا فعلت ما أمرت به.
- و النهي عن الشيء أمر بضده، أي: النهي بالشيء أمر بأحد أضداده فقط، مثال، لو قال قائل: " لا تقم "، فإنك تكون ممتثلا إذا جلستَ و إذا اضطجعتَ و إذا اتكأتَ.
النهي
والنهي استدعاء الترك بالقول ممن هو دونه على سبيل الوجوب، و يدل على فساد المنهي عنه.
و ترد صيغة الأمر و المراد به: الإباحة، أو التهديد، أو التسوية، أو التكوين.
قال: " والنهي استدعاء الترك بالقول ممن هو دونه على سبيل الوجوب "، فعرفه ضد تعريف الأمر.
- " استدعاء الترك "، أي: طلب الترك.
- " بالقول "، أي: سواء كان باللفظ أم بالخط أم بالإشارة.
- " ممن هو دونه "، هذا شرط للعلو أو للاستعلاء.
- " على سبيل الوجوب "، ليقتضي ذلك الجزم، و الأولى عدم ذكر هذا في التعريف، لأن النهي يُطلق بقيد الجزم فيدل على التحريم، و يُطلق بقيد عدم الجزم فيدل على الكراهة، و لا بقيد شيء، فهو النهي المطلق الذي يشمل التحريم أو الكراهة.
قال: " و يدل على فساد المنهي عنه. ".
الأمر، مقتضاه التكليفي: هو الوجوب – على الراجح – عند الإطلاق، و قد يدل على الندب أو الإباحة بالقرائن.
و النهي، مقتضاه التكليفي: هو التحريم – على الراجح أيضا –، و قد يقتضي: الكراهة.
و أما مقتضاهما الوضعي:
فمقتضي الأمر: الصحة.
ومقتضي النهي: الفساد و البطلان.
فإذا نهى الشارع عن أمر، فليس لذلك الأمر حقيقة، لأن المعدوم شرعا، كالمعدوم حسا، فيدل على فساد المنهي عنه، فلا يترتب عليه أي أثر، لأنه فاسد.
قال: " و ترد صيغة الأمر و المراد به: الإباحة، أو التهديد، أو التسوية، أو التكوين. ".
صيغة الأمر و صيغة النهي، تَرِدَان على غير ما سبق، فقد تأتيان محتفتين بالقرائن التي تدل على عدم إرادة المعنى الأصلي.
صيغة الأمر:
- قد تأتي صيغة الأمر و المراد بها: الإباحة، كقوله تعالى: " و إذا حللتم فاصطادوا ".
- و قد تأتي صيغة الأمر و المراد بها: التهديد، كقوله تعالى: " قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار ".
- و قد تأتي صيغة الأمر و المراد بها: التسوية، أي: التسوية بين الفعل و الترك، كقوله تعالى: " اصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم ".
- و قد تأتي صيغة الأمر و المراد بها: التكوين، أي: الإيجاد، كقوله تعالى: " فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين ".
باب العام
و أما العام فهو ما عم شيئين فصاعداً، من قولك: عممت زيداً و عمراً بالعطاء، و عممت جميع الناس بالعطاء.
وألفاظه أربعة:
1 - الاسم الواحد المعرف باللام.
2 - و اسم الجمع المعرف باللام.
3 - و الأسماء المبهمة، كـ " من " فيمن يعقل، و " ما " فيما لا يعقل، و " أي " في الجميع، و " أين " في المكان، و " متى " في الزمان، و " ما " في الاستفهام و الجزاء، و غيره.
4 - و " لا " في النَّكِرَاتِ.
والعموم من صفات النطق، و لا يجوز دعوى العموم في غيره من الفعل وما يجرى مجراه.
العام:
لغة: الشامل.
اصطلاحا: لفظ يتناول الصالح له من غير حصردفعة.
- لفظ: فالعموم من عوارض الألفاظ، فلا يوصف بها المعاني ولا الأجسام في الاصطلاح، و إلا فهو في الأصل يتناول المعاني و الأجسام.
- يتناول الصالح له: أي: يدخل تحته ما يصدق عليه.
- من غير حصر: أي: من غير حصر في عدد معين.
¥