تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

3 - أو يكون فعلا بوظيفة من وظائفه، كالإمامة العظمى و القضاء و الإفتاء و قيادة الجيش و غير ذلك.

4 - أو أن يدل الدليل على خصوصه به صلى الله عليه و سلم، و ذلك ثلاثة أنواع:

أ – ما دل الدليل على وجوبه عليه، فَيُسَنُّ لأمته، كالسواك و قيام الليل و صلاة الضحى و الأضحى و قضاء دين الميت المعسر.

ب – أو يدل الدليل على حرمته عليه صلى الله عليه و سلم، فيُكره لأمته، كأكل كل ذي رائحة كريهة، و لبس ما فيه وسخ، و نحو ذلك.

ج – ما دل الدليل على جوازه له صلى الله عليه و سلم دون غيره، فيحرم على أمته، كالتزوج بأكثر من أربع، و الزواج بلا ولي و لا صداق، و كالخلوة بالأجنبية، و الحكم للأقارب، و الحكم مع غيبة الخصم، فكل ذلك دل الدليل على جوازه له هو، و هو محرم على غيره من الأمة.

قال: " فإن دل دليل على الاختصاص به يحمل على الاختصاص "، معناه: أن الأصل عدم الاختصاص، و لذلك احتيج فيه إلى الدليل.

قال: " و إن لم يدل لا يخصّ به، لأن الله تعالى يقول: ? لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ? ".

لأن الأصل أنه مبلغ عن الله تعالى، و فيه إسوة حسنة لكل المؤمنين، كما قال الله جل و علا: " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ".

قال: " فيحمل على الوجوب عند بعض أصحابنا ".

ذهب بعض الشافعية إلى أن فعل النبي صلى الله عليه و سلم في معرض البيان يدل على: الوجوب.

قال: " و من أصحابنا من قال: يحمل على الندب ".

و هذا مذهب جمهور الأصوليين، فإنهم يقسمون السنة إلى الأقسام الثلاثة، فيقولون:

- القول تُؤخذ منه الأحكام الخمسة.

- و الفعل يُؤخذ منه حكمان فقط: الندب و الإباحة.

- و التقرير يُؤخذ منه حكم واحد، و هو: الإباحة.

قال: " و منهم من قال: يتوقف عنه "، و في نسخة الشيخ التي قرأ منها " يُتوقف فيه ".

قال: " فإن كان على وجه غير القربة و الطاعة، فيحمل على الإباحة في حقه و حقنا ".

إن كان فعل النبي صلى الله عليه و سلم على غير وجه القربة و الطاعة، يقصدُ: على غير وجه البيان، فيُحمل أنه على وجه الجبلة، فيكون جائزا في حقه و حقنا، كالعطاس و الاستفهام و الاستيقاظ ونحو ذلك، فهذا من أفعال البشر المعتادة فيجوز في حقه و حقنا، ولا يُشرع الاقتداء به فيه، ومثل هذا: هيئات اللباس، كالعمامة و الرداء و الإزار و تقلد السيف و نحو ذلك، فهذا يدل على أحسن الهيئات و أقربها للفطرة، ولكن لا يُطلب من أحد أن يأتسي به فيه، فلا يُثاب فاعل ذلك.

قال: " و إقرار صاحب الشريعة على القول الصادر من أحد هو قول صاحب الشريعة ".

أي: إقرار النبي صلى الله عليه و سلم للقائل في قوله، إذا كان ذاك تحت حكمه و بمجلسه أي: بعلمه، فإنه يُحمل على رضاه به.

و الإقرار ينقسم إلى قسمين: تقرير بالاستحسان، و تقرير بالسكوت.

1 – فالتقرير بالاستحسان، كتقريره لقول مُجَزِّزٍ المدلجي حين رأى أقدام زيد بن حارثة و ابنه أسامة قد خرجت من كساء لبساه، فقال: " إن هذه الأقدام بعضها من بعض "، قالت عائشة: فدخل علي رسول الله صلى الله عليه و سلم، تبرق أسارير جبهته مسرورا، فقال: " أما علمتِ أن مجزِّزاً المدلجيَّ رأى أقدام زيد و أسامة قد خرجت من كساء يلبسانه فقال: " إن هذه الأقدام بعضها من بعض " "، فأقر القِيَافَة، و في ذلك رد على المنافقين، فإن زيدا شديد البياض، و ابنه أسامة شديد السواد، و كان المنافقون يطعنون في نسب أسامة، فجاء هذا الأعرابي الذي يعرف الأثر و التشبيه، فشبه أقدام أسامة بأقدام زيد، ففرح رسول الله صلى الله عليه و سلم بذلك، فدل ذلك على تقريره للقيافة.

2 – و تقريره بالسكوت، كإقراره ما جرى بحضرته، كقوله للأنصاري حين رآه يصلي بعد الفجر: " ألم تشهد معنا الصلاة، فماذا كنت تصلي؟ "، قال: " ركعتا الفجر، استُعْجِلْتُ عنهما بالصلاة "، فسكت.

فهذا السكوت دليل على الإباحة.

قال: " و إقراره على الفعل كفعله ".

فقد ثبت أنه أُكِل الضب على مائدته، و أنه أُهدِيَ له ضب مشوي، فقال: " لم يكن في بلاد قومي، فأجدني أعافه "، فاجتره خالد بن الوليد فأكله، كل ذلك في بيت النبي صلى الله عليه و سلم و بإقراره، فدل هذا على جواز أكل الضب.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير