تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أي: إذا قال بعضهم بإباحة أمر، و فعله الآخرون، فذلك يُعتبر إجماعا، لأن الفاعلين له كأنما قالوه، لأنهم استباحوه بالفعل.

قال: " و انتشار ذلك و سكوت الباقين عنه ".

أي: إذا أفتى أحد المجتهدين في عصر في أمر جديد، و اشتهرت فتواه، فسكت الآخرون و لم يخالفوا، فيُعتبر ذلك إجماعا، و هذا هو الذي يُسمى بـ: الإجماع السكوتي.

و قد اختلف هل هو حجة أم لا؟

1. فقيل: هو حجة قطعية كالإجماع القولي.

2. و قيل: هو حجة غير قطعية.

3. و قيل: غير حجة أصلا.

و قد كثر استدلال الحنابلة بالإجماع السكوتي، و محله قبل تدوين المذاهب، أما بعد التدوين: ففتوى مجتهد على وفق مذهبه لو سكت عنها الآخرون وهم يخالفونه في مذاهبهم، فليس ذلك إقرارا له على تلك الفتوى، لأنه عُلم من مذاهبهم مخالفتها.

قول الصحابي

و قول الواحد من الصحابة ليس بحجة على غيره، على القول الجديد، و في القول القديم: حجة.

هذا نوع آخر من أنواع الأدلة، و هو من الأدلة المختلف فيها، و هو: قول الصحابي، أي: مذهبه.

و الصحابي: هو من صحب النبي صلى الله عليه و سلم مؤمنا به على الوجه المتعارف به في الدنيا، و مات على ذلك، و لو تخلل ذلك ردة على الصحيح.

و أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم هم أفضل هذه الأمة و أعلاها قدرا ومنزلة، وإن كانوا غير معصومين، إلا أنهم أولى بالمغفرة ممن بعدهم، لسابقتهم في الإسلام و صحبتهم لرسول الله صلى الله عليه و سلم، و هم أجدر الناس بشفاعته صلى الله عليه و سلم، لمعرفته لهم.

لذلك فهم جميعا عدول بتعديل الله تعالى لهم – كما سبق –، ففي باب النقل و الرواية: لا شك أن قول الصحابي حجة مطلقا، سواء عُرف اسمه أم لم يعرف، فكل من ثبتت صحبته إذا قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم، فقد ثبت ذلك القول عن النبي صلى الله عليه و سلم، و لا يُبحث في ترجمة ذلك الصحابي، لا في مستوى عدالته و ضبطه، فهم جميعا عدولٌ أهلُ ضبطٍ.

و أما فيما يتعلق بالاجتهاد، فالذين بلغوا رتبة الاجتهاد من الصحابة: عدَّهم النسائي واحدا و عشرين، وعدَّهم الغزالي تسعةً، و عدَّهم ابن حزم: ثمانيةَ عشر، هؤلاء هم الذين بلغوا رتبة الاجتهاد، الذين تُروى عنهم الفتيا و القضاء.

و قول بعضهم ليس حجة على بعض، فليس قول أحد من الصحابة حجة على غيره من الصحابة، إذْ هم جميعا مشتركون في هذه المزية التي سبقت بلُقْيا رسول الله صلى الله عليه و سلم و الرواية عنه و السماع منه، و قد يسمع بعضهم ما لم يسمعه غيره، فليس قول بعضهم حجة على بعض.

- لكن اختلف: هل قول الصحابي حجة على من بعده من غير الصحابة؟ و هذا ما بينه بقوله: " و قول الواحد من الصحابة ليس بحجة على غيره، على القول الجديد، و في القول القديم: حجة "، أي: أن مذهب الشافعي اختلف في قول الصحابي، هل هو حجة على غير الصحابي ممن يأتي بعده؟

فقد قال الشافعي في مذهبه الجديد: إن قول الصحابي ليس بحجة، و قد كان يقول في مذهبه القديم: إن قول الصحابي حجة.

و ذهب جمهور أهل العلم إلى التفريق بين قول الصحابي فيما محمله: التوقيف، و بين قوله فيما محمله: القياس، فقوله فيما يؤول إلى القياس ليس بحجة، و قوله فيما مرجعه ليس إلى القياس بل بالتوقيف و لا يُقال بالرأي، فهو: حجة.

- و مثل قول الصحابي: الخلاف في فعله، فأفعال الصحابة ليست – في الأصل – بحجة، لأنهم ليسوا بمعصومين، و فعل غير المعصوم: ليس بحجة.

لكن إن فعلوا أمرا، ولم ينكر فيه بعضهم على بعض، فرُويَ عن بعضهم فعلُه، ولم يُروَ عن الآخرين مخالفتُه، فيُتعبر ذلك الفعلُ استباحةً، و لهذا استدل البخاري رحمه الله تعالى في " الصحيح " بأن ابن عباس رضي الله عنهما أمَّ متيمِّمَا، و هذا من الفعل لا من القول، و هو استدلال بعمل هذا الصحابي الجليل.

و مثل ذلك: الاستدلال بأخذ ابن عمر ما زاد على القبضة من لحيته في الحج و العمرة.

باب الأخبار

و أما الأخبار: فالخبر ما يدخله الصدق و الكذب.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير