ـ[عبدالعزيز بن سعد]ــــــــ[17 - 03 - 06, 09:35 م]ـ
بيان موقف ابن حزم رحمه الله من المسألة:
نصر ابن حزم قول الجمهور القائل بحمل الأمر على الوجوب، وحمل النهي على التحريم. ورد على المخالفين، ثم ذكر أن هذا الأصل لا ينقض إلا بنص آخر أو إجماع. الإحكام 1/ 292.
والإجماع عنده أضيق من غيره، فالإجماع المتيقن قسمين:
الأول: كل ما لا يشك فيه أحد من أهل الإسلام، كوجوب الصلوات الخمس وتحريم الخمر.
الثاني: شيء شهده جميع الصحابة رضي الله عنهم من فعل النبي صلى الله عليه وسلم أو تيقن أنه عرفه كل من غاب عنه صلى الله عليه وسلم.
ثم قال: فهذان قسمان للإجماع ولا سبيل إلى أن يكون الإجماع خارجا عنهما، ولا أن يعرف إجماع بغير نقل صحيح إليهما. الإحكام 1/ 555.
كما أنه لا يرى اتفاق أهل عصر على قول سابق إجماعا. الإجماع. الإحكام 1/ 560.
ولا يرى الإجماع السكوتي حجة. الإحكام 1/ 615.
لذا فإننا نرى أن كثيرا من النصوص التي في أمور الآداب والإرشاد حملها ابن حزم على الوجوب إن كانت أمرا، وعلى التحريم إن كانت نهيا، مع حكاية الإجماع في تلك المسائل.
ولهذا الخلاف أثر في الفروع في مسائل كثيرة، ولعلنا نذكر طرفا منها ليتضح موقف العلماء منها. مع التنبيه إلى أن كثيرا من تلك المسائل نجد فيها موافقة الإمامين: الصنعاني والشوكاني لاختيار أبي محمد ابن حزم رحم الله الجميع، مما يقوي أنهم لا يأخذون بالتفريق بين مسائل الآداب وغيرها.
ـ[عبدالعزيز بن سعد]ــــــــ[17 - 03 - 06, 09:40 م]ـ
وقفت على بعض الأئمة الذين يأخذون بقاعدة التفريق بين أمور الآدبا وغيرها.
أبو زرعة العراقي يفرق بين الأمر للآداب والأمر في غيره:
في الحديث المتفق عليه عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا:" لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون"، قال أبو زرعة: هذا النهي ليس للتحريم ولا للكراهة وإنما هو للإرشاد فهو كالأمر في قوله تعالى:" وأشهدوا إذا تبايعتم" والفرق بينه وبين ما ما كان للندب في الفعل والكراهة في الترك أن ذلك لمصلحة دينية، والإرشاد يرجع لمصلحة دنيوية. طرح التثريب 8/ 117.
وفي شرحه لحديث:" اقتلوا الحيات .. " حمله على الأرشاد وذكر أنه منحط عن الاستحباب لأنه ما كان لمصلحة دنيوية بخلاف الاستحباب فإن مصلحته دينية، فإن تحقق الضرر انتقل الحكم إلى الوجوب كما إذا عدا على الإنسان. طرح التثريب 8/ 127.
قول الإمام ابن تيمية رحمه الله في المسألة:
في حديث سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ذهب ليصلح بين بني عمرو بن عوف، فرجع فوجده يصلي بالناس، فلما التفت أبو بكر فإذا هو النبي صلى الله عليه وسلم، فتقهقر فرده النبي صلى الله عليه وسلم لكنه رجع، فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم قال له:" ما شأنك؟ قال: ما كان لابن أبي قحافة أن يتقدم بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم"رواه البخاري652 ومسلم421. قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: فسلك أبو بكر مسلك الأدب معه، وعلم أن أمره أمر إكرام لا أمر إلزام، فتأخر تأدبا معه، لا معصية لأمره. منهاج السنة النبوية 8/ 577.
قول الشيخ محمد العثيمين رحمه الله في المسألة:
ذكر الشيخ رحمه الله اختلاف الأصوليين في ما يقتضيه الأمر والنهي عند الإطلاق، ثم قال:
سلك بعض العلماء مسلكا جيدا وهو أن الأوامر تنقسم إلى قسمين:
• أوامر تعبدية.
• وأوامر تأديبية، من باب الآداب ومكارم الأخلاق.
فما قصد به التعبد فالأمر فيه للوجوب، والنهي للتحريم، لأن الله خلقنا لعبادته، وما قصد به التأدب فإن الأمر فيها أمر إرشاد لا إلزام، والنهي فيها للكراهة لا للتحريم، إلا إذا ورد ما يدل على الوجوب فهو للوجوب. واستدل رحمه الله على التفريق بين العبادة والأدب مع الناس بأن العلاقة فيما كان من باب الأدب تكون مع الناس بعضهم مع بعض، فإذا أسقط الإنسان حقه فقد برئ الإنسان منه، وما كان من باب العبادة فإن العلاقة تكون بين الناس وبين الله عز وجل. ثم مثل للأمر الذي جاء في باب الأدب بما في المتفق عليه عن أبي هريرة مرفوعا:" إذا نتعل أحدكم فليبدأ باليمين وإذا نزع فليبدأ بالشمال، فلتكن اليمنى أولهما ينتعل وآخر ما ينزع". منظومة أصول الفقه وقواعده مع شرحها للشيخ ابن عثيمين رحمه الله ص 103 - 105.
ولي عودة مشيئة الله تعالى.
ـ[عبدالعزيز بن سعد]ــــــــ[18 - 03 - 06, 08:22 م]ـ
¥