تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

" ومن هذا الباب أن يشهد عدلان أن زيدا طلق امرأته وقال سائر من حضر المجلس وهم عدول لم يطلقها البتة فلا نعلم خلافا في وجوب الحكم عليه بالطلاق وإنفاذ شهادة من شهد به لأن عندهما علما زائدا شهدا به لم يكن ثم سائر من حضر المجلس (الإحكام 2\ 219)

الخلاصة:

هذه الأمثلة وغيرها كثير ورد في الشرع تدل على أنه يحب على المجتهد أو القاضي العمل بما يغلب على ظنه بل إن القاضي يحكم بين الناس وفي الفروج بشهادة المرأة الواحدة والتي لا تفيد إلاّ الظن أو غلبة الظن

لإحتمال الوهم والنسيان على المرأة الواحدة بتصريح القرآن الكريم:

" فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى" الآية

فالقطع إنما هو في وجوب العمل بشهادة المرأة الواحدة فيما ذُكر

وأما الظن فهو عند التطبيق , لما يلي:

1 – لوجود احتمال وقوع الخطأ والوهم والنسيان منها بتصريح القرآن الكريم

2 – لوجود احتمال أنها تفعل كييرة في السر , وبذلك فهي تتصف بالعدالة فيما يظهر للناس , ولكنها في الحقيقة فاسقة

بدليل قول عمر بن الخطاب – رضي الله عنه-:

"وإنما نأخذكم الآن بما ظهر من أعمالكم , فمن أظهر لنا خيراً أمنّاه وقربناه وليس لنا من سريرته شيء الله يحاسبه في سريرته "

3 – لوقوع الخلاف بين الأئمة في عدالة راو معين , فقد يوثقه بعضهم , ويجرحه البعض الآخر , فالخلاف متحقق عند تطبيق شرط العدالة على الراوي , فكل إمام لا يقطع بثقة الراوي , وإنما غلب على ظنه عدالته أو فسقه بحسب ما ظهر له منه

كذلك غلب على ظنه قوة حفظه أو ضعفه بحسب ما بلغه من الروايات عنه

وبالرغم من ذلك: فالكل يقطع بوجوب العمل بما غلب على ظنه من حال الراوي , دون أن يقطع بأنه عدل في السر والعلن

@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@

خامسا: متى يصبح الظن قطعا؟

الكلام هنا – ان شاء الله تعالى - بخصوص مدى إفادة الإستقراء للقطع أو للظن وهل يُنظر في الأدلة منفردة كل دليل على حدة أم أن الصواب هو النظر فيها مجتمعة

من المعلوم والمقرر أن للاجتماع من القوة ما ليس للافتراق

والاستقراء يكون بتتبع الأدلة المعتبرة والتي قد يكون كل منها ظني عند انفراده , ولكن هذه الأدلة إذا تضافرت واجتمعت علي معنى واحد فإنها بذلك تكون قد أفادت فيه القطع , أي أنها تفيد بمجموعها قطعية هذا المعنى الذي اجتمعت عليه 0

ونذكر مثالين على ذلك:

المثال الأول:

قد اتفقنا على أن خبر الواحد العدل يحتمل تطرق الوهم والخطأ إليه ولكن بشرط أن يتكفل الله تعالى ببيان الحق من طريق آخر

وذكرنا أن الله تعالى لم يتكفل بوصول كل الأدلة الثابتة إلى كل مجتهد بمفرده , وبذلك فإن مجتهدا ما قد يبلغه خبر آحاد مع احتمال تطرق الوهم والخطأ إليه دون أن يبلغه البيان الذي تكفل الله تعالى به (وهذا أمر واقع لا يحتاج إلى برهان).

فنقول هنا أن هذا الخبر لا يفيد القطع في نظر هذا المجتهد وذلك لتطرق الاحتمال إليه

أما إذا بلغه هذا الخبر بنفس اللفظ من عدة طرق أحرى مختلفة تبلغ حد التواتر فهنا يتلاشى تماما احتمال تطرق الوهم والخطأ إلى رواة الطريق الأول وتصبح صحة اللفظ عند المجتهد قطعية وذلك لانتفاء أي احتمال للوهم أو الخطأ من الراوي ولذلك قالوا أن الخبر المتواتر يفيد العلم اليقيني. فهذا الخبر له عدة طرق , وكل طريق بمفرده لا يفيد القطع لتطرق الاحتمال إليه ولكن مجموع هذه الطرق أفاد القطع لانتفاء أي احتمال

وهذا يوضح أن للاجتماع من القوة ما ليس للافتراق

المثال الثاني:

وهو شبيه بالتواتر المعنوي , حيث تُنقل إلينا وقائع مختلفة قد تفوق الحصر تجتمع على معنى واحد فتفيد فيه القطع , كالقطع بشجاعة علي – رضي الله عنه – وكرم حاتم المستفاد من كثرة الوقائع المنقولة عنهما

فإن الأدلة إذا تكاثرت على الناظر المجتهد فإنها تعضد بعضها بعضا بحيث تصير بمجموعها مفيدة للقطع

ومن الخطأ البين أن نأتي إلى الخبر المتواتر ثم ننظر إلى كل طريق بمفرده فنقول:

هذا خبر واحد يتطرق إليه احتمال الوهم من الراوي فلا يفيد القطع 0 ثم نفعل ذلك مع كل طريق من طرق هذا الخبر على حدة بمفرده حتى نصل في النهاية إلى الحكم بعدم قطعية الخبر 0

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير