ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[19 - 02 - 07, 04:21 م]ـ
جزاكم الله خيرا أخانا الكريم
بارك الله فيك
ـ[الشاطبي الوهراني]ــــــــ[20 - 02 - 07, 11:25 م]ـ
هذا مواصلة لنقل شرح الشيخ الولاتي على مقتطف من منظومة مرتقى الوصول للشيخ أبي بكر بن عاصم (78 بيتًا من أصل 850 بيتًا) موجودة في مرفقات أول مشاركة
ومن أراد أن يتقدم بأي إضافة أو مناقشة لأي مبحث فحيَّهلا به
فصل في التكليف
30 ـ القصدُ بالتكليفِ صرفُ الخلقِ - عن داعيات النفسِ نحو الحقِّ
يعني أن القصد بالتكليف أي الحكمة في مشروعية التكاليف الشرعية على الخلق صرفُهم إلى جهة الحق سبحانه أي إلى عبادته عن داعيات نفوسهم أي أهوائهم، بأن يخالفوا أهواءهم ويقبلوا على عبادة الله سبحانه، حتى يتصفوا بالعبودية لله ويقيموا في حضرته آمنين من الهوى والشيطان.
31 ـ وهْوَ على العمومِ والإطلاقِ - في الناسِ والأزمانِ والأفاقِ
يعني أن التكليف كائن على العموم في الناس، فلا أحد مستثنى منه، وكائن على الإطلاق أيضاً في الأزمان والآفاق أي البلاد فليس مختصاً بأهل زمان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ولا بأهل بلده، بل متعلق بأهل كل زمان وأهل كل بلد لم يستثن منه زمان ولا مكان.
32 ـ وشرعُهُ لقصدِ أن يُقيما - مصالِحَ الخلقِ لتستقيما
يعني أن التكليف شرع أي شرعه الله لأجل أن يقيم به مصالح خلقه ليستقيموا فيما بينهم ويصلحوا ذات بينهم ويعدلوا في معاملتهم، وجعل التكليف قسمين:
33 ـ أمراً ونهياً باعتبارِ الآجِلِ - وقد يكونُ رعيُهُ للعاجلِ
34 ـ من حيثُ سعيُهم لأخرى تاتي - لا جهةِ الأهواءِ والعاداتِ
يعني أن الله تعالى جعل التكليف قسمين أمراً ونهياً، فالأمر يتضمن جلب مصلحة بامتثاله، والنهي يتضمن درء مفسدة باجتناب المنهي عنه، وتلك المصلحة المجلوبة والمفسدة المدروءة باعتبار المقام الآجل، أي الدار الآخرة، لأنها هي الأصل، وهذه الدار إنما هي طريق إليها.
وقد يكون رعيه أي رعي التكليف لمصالح الخلق راجعاً للمقام العاجل أي في الدار الدنيا؛ لكن إذا كان الحكم التكليفي شرع لأجل مصلحة في الدنيا لا يكون ذلك من حيث ذاتها بل من حيث إن جلب تلك المصلحة الدنيوية المجلوبة للخلق في دنياهم تستلزم سعيهم لمصلحة أخروية تأتي في المآل، لأن الدنيا ليست مقصودة لذاتها بل لتكون مطية الآخرة لأنها توطية وتمهيد لها لا دار حقيقية.
قوله: (لا جهة الأهواء والعادات) يعني أن الحكم التكليفي المستجلب لمصلحة دنوية إنما شرع لها من جهة أنها تتضمن مصلحة أخروية لا من جهة أن تلك المصلحة الدنيوية موافقة للهوى وحكم العادة. قال الله تعالى {ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن}
35 ـ وكم دليلٍ للعقولِ واضحِ - على التفات الشرعِ للمصالِحِ
36 ـ ممَّا أتى في مُحكمِ التنزيلِ - في معرِضِ المِنَّةِ والتَّعليلِ
يعني أن الأدلة الشرعية الدالة على أن الشرع ملتفت إلى مصالح العباد في الدنيا والآخرة أي مبني عليها كثيرة، وتلك الأدلة مما أتى في محكم التنزيل أي في القرآن العظيم في معرض المنة أي امتنان الله على عبيده، والتعليل أي تعليله تعالى لأحكامه التي كلفهم بها.
37 ـ كقولِهِ جلَّ يُريدُ اللَّهُ - غالِبُهُ ذلك مُقتضاهُ
(كقوله) عزّ و (جلَّ) في تعليل الترخيص للمريض والمسافر في الإفطار في رمضان (يريد الله) بكم اليسر ولا يريد بكم العسر بعد قوله {فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر} يعني أن علة الترخيص للمريض والمسافر في الإفطار في رمضان إرادة الله اليسر وعدم إرادته العسر بعباده.
(غالبه ذلك مقتضاه) يعني أن غالب التكليف أي الأكثر من الأحكام التكليفية مقتضاه ذلك أي التعليل بالمصالح. قال أبو إسحاق الشاطبي في قواعده: وضع الشرائع إنما هو لمصالح العباد في العاجل والآجل معاً لما استقرينا منها أنها وضعت لمصالح العباد استقراء لا ينازع فيه الرازي القائل أن أحكامه تعالى ليست بمعلَّلة ألبتة، كما أن أفعاله كذلك قائلا خلافا للمعتزلة وأكثر الفقهاء المتأخرين القائلين أن أحكامه تعالى معلّلة برعاية مصالح العباد، وقد قال تعالى {رسلاً مبشرين ومنذرين ليلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل}، {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}، {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}، {ليبلوكم أيكم أحسن عملا}.
¥