تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار)

(وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين)

(يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار)

(فكذب وعصى - ثم أدبر يسعى - فحشر فنادى - فقال أنا ربكم الأعلى - فأخذه الله نكال الآخرة والأولى - إن في ذلك لعبرة لمن يخشى)

من ذلك نفهم معنى الاعتبار في الآية هو الاتعاظ.و نعلم أن فيها ما يُبطل القياس لا ما يدل عليه. و لو كان الاعتبار بمعنى القياس لجاء الأمر بالاعتبار بعد حكم يُقاس عليه لا بعد حادثة يتعظ بها. فاعتبروا من ذلك!

إبطال الدليل الثاني:

عن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه – قال: هششت إلى المرأة فقبلتها وأنا صائم , فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله أتيت أمراً عظيما ً؛ قبلت وأنا صائم، فقال رسول الله:"أرأيت لو مضمضت بماء وأنت صائم؟ "قلت: لا بأس. قال: "ففيم؟ "

وجه الاستدلال:

أنه عليه السلام استعمل القياس , من حيث إنه قاس مقدمة الجماع وهي القبلة على مقدمة الأكل وهي المضمضة في أنه لا يحصل الإفطار بها, كما لا يحصل بالمضمضة بجامع عدم حصول المقصود منهما.

نفس المنهج الذي اتبعه الرسول عند جوابه عن قضاء الصوم والحج عن الميت

إنه منهج " أرأيت" أي أن هذه كتلك متحدين في الحكم لاتحادهما في الوصف

فالسائل عنده واقعة معلوم حكمها أنها لا تُفطر 0 فكذلك في الواقعة المسئول عنها لا تُفطر أيضا 0

إنه اعتبر حكم واقعة من واقعة أخرى متحدة معها في الوصف أو في المعنى 0 وهذا الوصف هو أن مقدمة الشيء لا تأخذ حكم الشيء نفسه0 أي أن المضمضة مقدمة للابتلاع ولكنها لا تأخذ حكمه إذا كانت بدون ابتلاع فكذلك القبلة مقدمة لإنزال المني ولكنها لا تأخذ حكمه إذا كانت بدون إنزال0

من الواضح أن منهج الرسول صلى الله عليه وسلم في بيان الأحكام في الواقعة هو اعتبار حكم واقعة من واقعة أخرى متحدة معها في الوصف مع عدم وجود فارق يوجب اختلاف الحكمين 0 فوجود نفس الوصف أو المعنى في الواقعتين مع عدم الفارق المؤثر 00 كل ذلك يوجب اتحاد الواقعتين في الحكم0

أولا:

هذا الدليل سقته في أدلة إبطال القياس، و قلت:

و في هذا الحديث استخدم عمر القياس، و أبطله النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فقد قاس عمر القبلة على الجماع بجامع اشتراك العلة و هي الشهوة، فأبطل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هذا القياس،.و بين أن الصفة التي تبدو مؤثرة (العلة) ليست كذلك، و ضرب لذلك مثلا و هو منزلة المضمضة من الشرب، فالمضمضة لا تبطل الصوم و الشرب يُبطله رغم الشبه بينهما و اشتراكما في صفة قد تبدو للبعض علة مؤثرة و هي دخول الماء للفم.

فهل يوجد دليل أظهر من ذلك على إبطال القياس؟

ثانيا:

من قال أن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قاس القبلة على المضمضة، فقد أوغل في البعد، و لو قاس أحد القياسيين القبلة على المضمضة في أي حكم لقالوا عنه أفسد قياس على وجه الأرض.

و نسأل أيهما أولى بالقياس، قياس القبلة على الجماع و المضمضة على الشرب أم قياس القبلة على المضمضة؟ هل القبلة أقرب للمضمضة منها إلى الجماع؟ و هل المضمضة أقرب إلى القبلة منها إلى الشرب؟

فتأمل.

ثالثا:

ما الشبه أو العلة التي يمكن أن تجمع القبلة بالمضمضة؟

قد يقول القائل العلة هي أنهما مقدمة لشئ مفطر، (وهما كما علمنا لا يأخذان حكم هذا الشئ المفطر). فيكون القائل بذلك قد أبطل القياس لأنه جعل الإفطار مقصورا على المنصوص عليه و لا يتعداه إلى غيره. و جعل المسكوت عنه عفو لا يأخذ حكم المنصوص عليه، فالأصل أن كل شئ غير مفطر حتى يخصص النص المفطرات! و لما كانت القبلة قد بقيت على أصلها غير مفطرة، فلا يمكن أن يقول أحد أنها أخذت حكما بالقياس، فتأمل.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير