تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كما أن هذه علة باطلة فالمضمضة لم تكن قط مقدمة للشرب أو الأكل، و لم يرد قط أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سن المضمضة قبل الشرب. و القبلة لا يشترط أن تكون مقدمة للجماع، كما يبطل بذلك أن يجمع القبلة بالمضمضة أي شبه، و المعلوم عند القياسيين أن العلة لابد أن تكون صفة ثابتة منضبطة في الأصل و الفرع. .

فثبت بذلك ما قلته في البداية من دلالة الحديث على إبطال القياس.

رابعا:

هنا يتبادر إلى الذهن سؤال: ما هدف الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من ضرب هذا المثل؟

هذه الأمثال التي ضربها رسول الله صلى الله عليه وسلم لتقريب المراد، وتفهيم المعنى، وإيصاله إلى ذهن السامع، و من ذلك قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (قال أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل منه خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا لا، قال فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا)

فاستخدم نفس أسلوب (أرأيت) فهل يقول قائل أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قاس الصلاة على الغسل؟

إبطال الدليل الثالث

ما أخرجه مسلم والبخاري عن ابن عباس قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول اله إن أُمي ماتت وعليها صوم شهر أفأقضيه عنها؟ قال: " لو كان على أُمك دين أكنت قاضيه عنها؟ " قال: نعم. قال: فدين الله أحق أن ُيْقضَى "

وفي صحيح مسلم بلفظ " أرأيت لو كان عليها دين أكنت تقضينه قالت نعم قال فدين الله أحق بالقضاء"

وجه الاستدلال:

أنه أَلحق دَيْنَ الله بدَيْن الآدمي في وجوب القضاء ونفعه.

قال الآمدي: وهو عين القياس.

فالرسول صلى الله عليه وسلم اتبع منهجا معينا لبيان حكم المسألة التي سُئل عنها 0 وهو أنه بدأ بإقرار السائل بحكم واقعة معينة عنده وهي انه يقضي الدين في الأموال للعباد عن الميتة 0 والسائل يُقر فيقول " نعم"

ثم ينطلق الرسول صلى الله عليه وسلم من هذا الإقرار مبينا أن الواقعة التي سُئل عنهاهي أولى بأن تأخذ نفس الحكم لأن هذه الواقع لها وصف يجعلها أولى بالحكم من وصف الواقعة المعلومة عند السائل

أولا:

وصف البخاري هذا الاستدلال بقوله (باب من شبه أصلا معلوما بأصل مبين قد بين الله حكمهما ليفهم السامع)

و هذا هو الحق في المسألة، فقضاء الدين كقضاء الصوم كلاهما أصل، و التشبيه هنا ليفهم السامع كما قال البخاري.

فهذا الحديث فيه تبيين للفظ مجمل ورد في آيات المواريث و هو قوله تعالى (من بعد وصية توصون بها أو دين)

و لا يصح عند القياسيين قياس أصل على أصل.

و قد سبق وقلت:

هذه الأمثال التي ضربها رسول الله صلى الله عليه وسلم لتقريب المراد، وتفهيم المعنى، وإيصاله إلى ذهن السامع، و من ذلك قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (قال أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل منه خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا لا، قال فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا)

فاستخدم نفس أسلوب (أرأيت) فهل يقول قائل أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قاس الصلاة على الغسل؟ أم أنه يريد تقريب المعنى ليفهم السامع؟

و هناك أمثلة كثيرة كهذا المثل التي ضربه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - و لكن لا أريد إدراجها للاختصار

فالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بضرب هذه الأمثال لا يُعلم منهجا للقياس و لكن يُوضح المعنى و يقربه إلى ذهن السامع.

ثانيا:

من الخطأ الظن أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يعلم السائل أن يقيس الصوم على دين البشر لقوله تعالى (فلا تضربوا لله الأمثال)، فكيف يخالف النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هذا النهي الصريح و يجعل ما فرضه الله مثل ما وجب من ديون الناس؟ فالله تعالى (ليس كمثله شئ)، و كل ما من شأنه سبحانه كالفرائض أو الديون أو الأفعال ليس كمثلها شئ في نظيرها عند البشر، فلا يمكن أن يصح مثل هذا القياس.

و لذا لم يجرؤ أحد من القياسيين أن يقيس أي أمر يتعلق بالله على نظيره عند البشر أو العكس.

و قد أدى مثل هذا القياس إلى إفساد عقائد أقوام!!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير