كثير من الصحابة والتابعين وأئمة السلف رضوان الله عليهم كانوا يفتون في مسائل ويقولون: (أقول فيها برأيي فإن كان صوابا فمن الله وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان [
فإن قلت: هذا لم يكن إلزاما للناس، فنحن لا نطلب منك ذلك، وإنما نطلب منك الإقرار بأن ما فعلوه من الفتوى بالظن الراجح جائز، وأن لنا أن نفعل مثلهم.
لقد سبق و ناقشنا هذه المسألة، بل قد نقلت لك الأثر الذي قال فيه أبو بكر رضي الله عنه هذا القول ..
السؤال هو: مادام الحكم بالظن محرما شرعا، فكيف حكموا بالظن؟
الجواب: لقد اضطروا إلى ذلك عندما عرضت عليهم قضية فيها نزاع بين الناس، و لابد للقاضي أن يحكم مضطرا حتى يُنهي النزاع، و لا إثم عليه إن لم يجد سبيلا سوى الحكم بالظن لقوله تعالى (و قد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه) و قد كررت هذا الكلام أكثر من مرة
هنا
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=463494&postcount=42
و هنا
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=463726&postcount=44
لأنه لو جاء ألف نص يبطل القياس، ونص واحد يثبت القياس لوجب الجمع بينهما؛ لأننا لا نقول: إن كل قياس على ظهر الأرض فهو صحيح، بل القياس الفاسد كثير.
كلام صحيح ..
نريد نصا واحدا يُثبت القياس؟
أين هو؟
احضر لي نصا واحدا، ثم أوضح لي كيف يُثبت القياس، و على الإقرار أو الرد.
وابن حزم رحمه الله لما تناول أدلة القياس قال: إن جئتم عن الصحابة والتابعين بما يثبت القياس جئناكم بما يبطل القياس.
أقول: سبحان الله، فكان ماذا؟ إن جاء عنهم في وقائع إبطال القياس، وجاء عنهم في وقائع إثبات القياس، فهل يدل ذلك إلا على أن من القياس ما هو سائغ ومنه ما هو باطل؟
هل يصح هذا الكلام؟
ابن حزم لم ير في أي نص دلالة على القياس. ووصف هذه الاستدلالات بالتمويه
وحديث عمر في المضمضة قد تناوله أهل العلم بالشرح والبيان، ولم يفهم منه أي عالم على الإطلاق ما فهمه منه ابن حزم! فهل خلت الدنيا من العقلاء إلا من ابن حزم؟!
يعني لا يوجد عالم واحد عنده عقل غير ابن حزم؟
لو جاءنا نص فاختلفنا في فهمه، ثم وجدنا عشرات العلماء فهموه على فهم معين، وانفرد عالم بفهم لم يوافقه عليه أحد، فهل نقدم فهم هذا المنفرد على الجماعة؟
حتى لو تنزلنا وقلنا: إن فهمه للحديث محتمل، فهو على أحسن أحواله احتمال مرجوح، وما فهمه الجماهير هو الاحتمال الراجح.
و هل نلغي عقولنا و نفهم بفهم غيرنا؟
قال تعالى (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها)
فلم نشك في قدرتنا على الفهم و التدبر، هل على قلوبنا أقفال؟
كنت قد وعدتك بكتابة موضوع عن مشروعية الفهم بفهم غيرنا لأن هذا هو نقطة الخلاف بيننا الآن، فأنت حجتك في رد أي قول أنك لم تقف على قائل به، أو لم يقل الجمهور به، و هناك فرق بين (لم تقف على قائل به) و (لم يقل به أحد) لأنك لا تستطيع الوقوف إلا على أقوال جمع قليل من أهل العلم و هم الذين وصلتك مؤلفاتهم.
أما حديث عمر ....
قلت في هذا الحديث:
أولا:
هذا الدليل سقته في أدلة إبطال القياس، و قلت:
و في هذا الحديث استخدم عمر القياس، و أبطله النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فقد قاس عمر القبلة على الجماع بجامع اشتراك العلة و هي الشهوة، فأبطل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هذا القياس،.و بين أن الصفة التي تبدو مؤثرة (العلة) ليست كذلك، و ضرب لذلك مثلا و هو منزلة المضمضة من الشرب، فالمضمضة لا تبطل الصوم و الشرب يُبطله رغم الشبه بينهما و اشتراكما في صفة قد تبدو للبعض علة مؤثرة و هي دخول الماء للفم.
فهل يوجد دليل أظهر من ذلك على إبطال القياس؟
ثانيا:
من قال أن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قاس القبلة على المضمضة، فقد أوغل في البعد، و لو قاس أحد القياسيين القبلة على المضمضة في أي حكم لقالوا عنه أفسد قياس على وجه الأرض.
و نسأل أيهما أولى بالقياس، قياس القبلة على الجماع و المضمضة على الشرب أم قياس القبلة على المضمضة؟ هل القبلة أقرب للمضمضة منها إلى الجماع؟ و هل المضمضة أقرب إلى القبلة منها إلى الشرب؟
فتأمل.
ثالثا:
ما الشبه أو العلة التي يمكن أن تجمع القبلة بالمضمضة؟
¥