قد يقول القائل العلة هي أنهما مقدمة لشئ مفطر، (وهما كما علمنا لا يأخذان حكم هذا الشئ المفطر. (فيكون القائل بذلك قد أبطل القياس لأنه جعل الإفطار مقصورا على المنصوص عليه و لا يتعداه إلى غيره. و جعل المسكوت عنه عفو لا يأخذ حكم المنصوص عليه، فالأصل أن كل شئ غير مفطر حتى يخصص النص المفطرات! و لما كانت القبلة قد بقيت على أصلها غير مفطرة، فلا يمكن أن يقول أحد أنها أخذت حكما بالقياس، فتأمل.
كما أن هذه علة باطلة فالمضمضة لم تكن قط مقدمة للشرب أو الأكل، و لم يرد قط أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سن المضمضة قبل الشرب. و القبلة لا يشترط أن تكون مقدمة للجماع، كما يبطل بذلك أن يجمع القبلة بالمضمضة أي شبه، و المعلوم عند القياسيين أن العلة لابد أن تكون صفة ثابتة منضبطة في الأصل و الفرع. .
فثبت بذلك ما قلته في البداية من دلالة الحديث على إبطال القياس.
رابعا:
هنا يتبادر إلى الذهن سؤال: ما هدف الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من ضرب هذا المثل؟
هذه الأمثال التي ضربها رسول الله صلى الله عليه وسلم لتقريب المراد، وتفهيم المعنى، وإيصاله إلى ذهن السامع، و من ذلك قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (قال أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل منه خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا لا، قال فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا)
فاستخدم نفس أسلوب (أرأيت) فهل يقول قائل أن النبي قاس الصلاة على الغسل؟
(انتهى)
و الآن .. إن أصررت على أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قاس القبلة على المضمضة فأوضح لي نوع قياس القبلة على المضمضة؟
هل ستقول أنه قياس نفي الفارق المؤثر مثل أبي إسلام؟
هذا الكلام لا يقوله إلا من لا يعرف معنى نفي الفارق المؤثر ..
فإن قلت قياس العلة .. فأين العلة؟
و إن قلت قياس الشبه فأين الشبه؟
و أوضح لي الحكم الذي أخذته القبلة بالقياس؟
اتفق أهل العلم على أنه لا يصح في المناظرة أن تلزمني بفهمك للنص إن كان فهما مهجورا مخالفا لما فهمه منه أكثر أهل العلم.
الصواب اتفق دعاة التقليد
اوقد اتفقنا من قبل على وجوب الرجوع إلى فهم العرب للكلام، ومن المحال أن يصيب ابن حزم وحده في فهم الكلام على مقتضى لغة العرب ويخطئ عشرات العلماء ..
وهل انفرد ابن حزم بإبطال القياس؟
ألم أنقل عدة آثار عن الصحابة فيها إبطال للقياس بأركانه الأربعه الأصل و الفرع و العلة و الحكم؟
السؤال: هل نستطيع أن نفهم النص كاملا بفهم العرب للكلام أم لا؟
إن قلت نستطيع .. فإنك تبطل تعلقك بالفهم بفهم غيرنا.
و إن قلت قد لا نستطيع أحيانا، فإنك تنكر تكفل الله بحفظ الذكر كاملا لنا، إذ لا يمكن وصف ما نعجز عن فهمه من الذكر بأنه محفوظ.
أو أنك تحكم بأن على قلوبنا أقفال لقوله تعالى (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها)!!!
وحتى لو كان فهمك للحديث صوابا، فلا يلزمني قبوله لأن أكثر أهل العلم فهموه على غير ذلك، ومن شروط الدليل أن يكون ملزما للخصم.
المشكلة أنك ترد فهم الحديث لأن غيرك فهموه على نحو ما و ليس لقناعة منك برد هذا الفهم.
و لذلك قلت في مقدمة الفصل الثالث (أرى و الله أعلم أنه بعد تفنيد هذه الأدلة لن يبقى لمعتذر عذر و لا لمتأول شبهة إلا من اتبع التقليد)
فلابد من إبطال التقليد أولا عند المقلدين حتى نقنعهم بإبطال القياس.
يُتبع باقي الردود .....
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[12 - 09 - 06, 04:03 ص]ـ
لم تجب عن حديث ابن مسعود؟!
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[12 - 09 - 06, 04:05 ص]ـ
أنت فعلا قلت هذا الكلام أكثر من مرة أنهم حكموا بذلك اضطرارا
ولكن المشكلة أنه كلامك أنت وفهمك أنت، فما الدليل القطعي عليه؟ وقد سألتك عن ذلك مرارا ولم تجب إلا بإعادة الكلام.
أنت تعلم أنهم حكموا في عشرات إن لم يكن في مئات الحوادث بغير نص، فمتى قال واحد منهم: إنني أفعل ذلك مضطرا اضطراري إلى الميتة؟!
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[12 - 09 - 06, 04:11 ص]ـ
وأما سؤالك عن نص واحد يثبت القياس، فقد بينتُ لك من قبل أن الأصول الشرعية تؤخذ من مجموع النصوص، وإن ساغ الرد والتأويل في بعضها فلا يسوغ في المجموع، وقد جمع ناصح الدين الحنبلي كتابا في أقيسة النبي صلى الله عليه وسلم وأجاب عنها الشوكاني جوابا مجملا ولم يأت عليه بدليل.
ولما ذكرتُ لك قول الرجل لابنه ذهبتَ كل مذهب في تأويل الكلام، ثم رجعتَ في النهاية وقلت: كلام الله عز وجل يختلف عن كلام البشر، مع أنك قبلها زعمت وجوب الرجوع في الفهم إلى كلام العرب، وهذا تناقض واضح وحيدة ظاهرة.
ولما ذكرتُ لك حديث (إنما جعل الاستئذان من أجل البصر) زعمت أن ذلك من العلة المنصوصة، فذكرتُ لك أن العلة نص عليها بعد الحكم، وغضب النبي كان قبل النص على العلة، فلم تجب عن ذلك.
ولما ذكرتُ لك فعل الصحابة لما عللوا نص النبي صلى الله عليه وسلم في تحريم الحمر الأهلية، وأنهم اتفقوا في التعليل واختلفوا في العلة، ولم تجب عن هذا النص.
والنصوص التي ذكرها ناصح الدين الحنبلي تقرب من ثلاثمائة، فإن كان الاحتمال يدخل في آحادها فلا يمكن أن يدخل في مجموعها.
وإذا سألتك من أول من ادعى هذه الدعوى بإبطال القياس - أقصد بكلامٍ واضح ظاهر، فلا تذكر لي الآثار عن الصحابة لأننا لا نوافقك على فهمها أصلا - فلن تجد أحدا قبل داود الظاهري، والأئمة الأربعة سابقون عليه، فلماذا لم يظهر عالم في الأمة مطلقا ويخبر هؤلاء الأئمة الأربعة وأتباعهم بأنهم على ضلال مبين؟
لم تجب عن كل ذلك يا أخي الكريم؟
إن كنت لا تجد جوابا فقل لا أجد جوابا!
¥